التموضع الأمريكي في الشمال الشرقي لسوريا
تمهيد:
أعادت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة تموضعها في الشمال الشرقي لسوريا، خلال السنتين الأخيرتين، حيث انسحبت من عدة قواعد في المنطقة الغربية والشمالية الغربية لشرق الفرات والواقعة في محافظتي حلب والرقة، وسحبت عددًا من قواتها معلنة إبقاء نحو 500 عسكري في المنطقة، في حين تشير تقارير متعددة من بينها تقرير لموقع “Militery.com” العسكري الأمريكي، أن الولايات المتحدة لا زالت تحتفظ بأكثر من 900 جندي ينتشرون في نحو 30 نقطة وقاعدة عسكرية رئيسية في الشمال الشرقي لسوريا، وتشكل تلك القواعد طوقًا لحقول النفط والغاز في المنطقة.
تستعرض الورقة ـ بشكل تفصيلي ـ تموضع تلك القواعد وتسليحها وأهميتها الجيو ـ استراتيجية مع خرائط توضيحية لمواقعها، كما تتناول بشكل مركز نقاط الانتشار الأمريكية على الحدود السورية ـ العراقية، والمعابر الفاصلة بين العراق ومناطق النفوذ الأمريكي في الشمال الشرقي لسوريا، إضافة لعرض ملامح الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في سوريا والمنطقة.
أولًا ـ القواعد العسكرية الأمريكية الشمال الشرقي لسوريا:
تم رصد 27 نقطة وقاعدة عسكرية رئيسية للتحالف الدولي في الشمال الشرقي لسوريا موضحة في الخريطة التالية:
وفيما يلي جدول توضيحي لأسماء النقاط السابقة وتوزعها وفقًا للمحافظات:
اسم القاعدة أو النقطة | المحافظة |
التنف | حمص |
الزكف | حمص |
الباغوز | دير الزور |
السوسة | دير الزور |
حقل الكشمة | دير الزور |
هجين (نقطة) | دير الزور |
حقل التنك | دير الزور |
حقل العمر | دير الزور |
حقل كونيكو | دير الزور |
الصور | دير الزور |
الرويشد | دير الزور |
الشدادي | الحسكة |
سد الخابور | الحسكة |
صوامع صباح الخير | الحسكة |
جبل عبد العزيز | الحسكة |
سجن الحسكة المركزي (نقطة) | الحسكة |
منتجع لايف ستون | الحسكة |
جبل الغول | الحسكة |
قسرك | الحسكة |
تل بيدر | الحسكة |
تل براك | الحسكة |
هيمو | الحسكة |
القحطانية | الحسكة |
اليعربية | الحسكة |
الرميلان | الحسكة |
تل عدس (نقطة) | الحسكة |
روباريا | الحسكة |
ووفقًا للمعلومات والخريطة السابقة تحظى بعض القواعد الأميركية، بأهمية جيو استراتيجية تميزها عن غيرها، وفيما يلي استعراض تفصيلي لأهم تلك القواعد، موقعها، وتسليحها، وآخر التحركات فيها:
- قاعدة حقل العمر:
تعد قاعدة حقل العمر، أكبر القواعد العسكرية الأمريكية شرقي الفرات، وتقع ضمن الحقل الواقع في الريف الشرقي لدير الزور، وعلى بعد نحو 10 كم شرقي مدينة الميادين.
وتحتوي القاعدة التي تم إنشاء مهابط للطيران المروحي والمسير فيها؛ على 12 مروحية قتالية، وتعد “القرية الخضراء” التي تقع ضمن القاعدة بمثابة مركز القيادة للقاعدة التي تضم بداخلها معتقلًا سريًا تحت إشراف القوات الأمريكية.
ومؤخرا، وسع التحالف الدولي قاعدة حقل العمر، وفق ما ذكرت مصادر إعلامية تابعة لـ”قسد”، حيث وصلت إليها خلال الأشهر الأخيرة عشرات الشاحنات المحملة بالذخيرة والأسلحة والمواد اللوجستية، في حين تشير بعض المصادر لكون القاعدة تشكل مركز العمليات الرئيسي للتحالف الدولي شرقي الفرات.
وجرى استهداف القاعدة عدة مرات من قبل المليشيات الإيرانية المتمركزة على الطرف المقابل من نهر الفرات، وكانت آخر عمليات الاستهداف في 22 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حيث استهدفت طائرة مسيرة تابعة للمليشيات الإيرانية بعدة صواريخ مقر القاعدة، التي تصاعدت منها أعمدة الدخان، لقتوم القوات الأمريكية عقبها بقصف عدة قواعد للمليشيات الإيرانية غربي نهر الفرات، وسبقها استهداف “القرية الخضراء” الواقعة ضمن القاعدة في 18 أيلول/ سبتمبر الماضي، بثلاثة صواريخ من عيار 107 مم بحسب بيان للتحالف الدولي صدر حينها، ويقدر عدد الجنود الأمريكيين فيها بنحو 150 جندي.
والواضح أن إيران تهدف من خلال استهداف قاعدة العمر بالتحديد إلى:
- إقامة “توازن ردع” مع الولايات المتحدة التي تقوم باستهداف القواعد الإيرانية بالتنسيق مع إسرائيل بشكل متكرر، حيث تعتبر قاعدة حقل العمر المركز الرئيسي لانطلاق عمليات التحالف الدولي لاستهداف المليشيات الإيرانية غربي الفرات، وتشكل عملية استهدافها ضغطًا كبيرًا على الولايات المتحدة وحلفائها، وربما يخلق تكرار عمليات الاستهداف “قواعد اشتباك جديدة” بين واشنطن وطهران، يقوم على أن كل عملية استهداف للقواعد الإيرانية غرب الفرات، سيقابله استهداف للقواعد الأمريكية شرقي الفرات.
- الضغط على الولايات المتحدة وحلفائها، من خلال تعطيل إنتاج النفط في واحد من أكبر الحقول النفطية الخاضعة لسيطرتها، والذي يعد أكبر حقول النفط في سوريا، حيث بلغ إنتاجه قبل الثورة السورية حوالي 30 ألف برميل بشكل يومي، في حين لا توجد إحصائيات دقيقة لإنتاجه اليومي في الوقت الحالي.
- قاعدة حقل التنك:
يعد “حقل التنك” من أكبر الحقول النفطية في سوريا بعد “حقل العمر”، ويقع الحقل في ريف دير الزور الشرقي، جنوبي حقل العمر، وقامت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة بإنشاء قاعدة عسكرية فيها عقب السيطرة عليه مطلع العام 2018، وتقع القاعدة ضمن مباني المدينة العمالية التابعة للحقل، وتم تزويدها بمهبط للمروحيات، حيث تضم القاعدة 4 مروحيات قتالية، لجانب نحو 50 جنديًا من القوات الأمريكية.
- قاعدة حقل كونيكو:
يقع حقل كونيكو في ريف دير الزور الشرقي، وعلى غرار حقلي العمر والتنك قامت قوات التحالف بإنشاء قاعدة عسكرية فيه، وتضم القاعدة مركزا للتدريب ومهبطًا للمروحيات، كما تفيد المعلومات بوجود منظومة دفاع جوي من نوع “باتريوت” إضافة إلى عدد من مركبات “برادلي” في حين يتواجد في القاعدة نحو 50 جندي أمريكي.
ونظرًا لأهمية القاعدة الجيو ـ استراتيجية، والاقتصادية، فقد حاولت قوات تابعة لمليشيا “فاغنر”، التقدم للسيطرة على الحقل، في شباط/ فبراير 2018، لترد الولايات المتحدة عليها بعملية استهداف جوي مخلفة عشرات الجرحى والقتلى، في رسالة واضحة أن واشنطن لن تسمح لموسكو وحلفائها من الاقتراب من المنطقة.
في حين تعرضت القاعدة لعدة هجمات من قبل المليشيات الإيرانية، كان آخرها في 22 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بالتزامن مع استهداف حقل العمر، لتقوم قوات التحالف، بمشاركة من قوات تابعة لمليشيا “قسد” بإجراء مناورات عسكرية وتدريبات في القاعدة في 23 من الشهر ذاته، تضمنت إطلاق قذائف مدفعية وصاروخية، واختبار منظومات دفاع جوي، في رسالة واضحة للمليشيات الإيرانية، أنه لن يتم التهاون بالتعامل مع عمليات الاستهداف في المرحلة القادمة.
- قاعدة الرويشد:
تقع في منطقة مثلث البادية التي تربط بين محافظات دير الزور والحسكة والرقة، وتم إنشائها داخل المشفى الوطني في قرية الرويشد، والتي تبعد عن حقل العمر النفطي حوالي 45 كم إلى الشمال الشرقي، مزودة بعربات مصفحة من طراز “برادلي” إلى جانب عدد محدود من الجنود الأمريكيين، يقدر بأقل من 50 جندي أمريكي.
- قاعدة تل بيدر:
تقع غربي مدينة الحسكة، على بعد نحو 30 كم من مركز المدينة، وتتمتع بموقع استراتيجي هام نظرًا لوقوعها على الطريق الدولي M4، وتضم القاعدة مدرجًا للطيران المروحي، ونحو 100 جندي أمريكي.
- قاعدة قسرك:
تقع على بعد 45 إلى الشرق من بلدة تل تمر، على الطريق الدولي “M4” أيضًا، أقيمت ضمن مبنى قديم كان مخصصًا للبث الإذاعي، وتضم نحو 50 جنديًا أمريكيًا.
- قاعدة “لايف ستون”
تقع على الضفة الشمالية الشرقية لبحيرة سد الباسل الجنوبي، وتم إنشاءها ضمن منتجع “لايف ستون”، وتحتوي القاعدة مرجًا للمروحيات يضم 8 مروحيات، وقدر عدد الجنود الأمريكيين بداخلها بنحو 50 جنديًا.
- قاعدة الشدادي:
تقع القاعدة جنوب شرقي مدينة الشدادي الواقعة جنوب مدينة الحسكة، ضمن معمل الغاز الواقع على بعد 1 كم من مركز المدينة، وتضم القاعدة مدرجًا للطيران المروحي والمسير، وقدر عدد القوات فيها بنحو 100 جندي أمريكي.
وفي نهاية حزيزان/ يونيو الماضي، وصلت قافلة عسكرية للتحالف الدولي تضم 35 شاحنة، قادمة من العراق عبر معبر الوليد، إلى القاعدة، توجهت منها 12 شاحنة إلى القواعد الأخرى في حين أفرغت بقية الشاحنات حمولتها في القاعدة، والتي ضمت ذخائر مختلفة ومواد طبية وجدران إسمنتية.
وتعرضت القاعدة لاستهداف بقذائف صاروخية في تموز/ يوليو الماضي، واستنفرت القوات الأميركية الموجودة في القاعدة عقب الاستهداف، وحلقت الطائرات المروحية في سماء المدينة، وقامت بإلقاء عدد من القنابل مضيئة في محيط القاعدة حينها، تبعها إجراء القوات الأمريكية مناورات بالذخيرة الحية في محيط القاعدة.
- قاعدة غويران:
تقع القاعدة في “المدينة الرياضية” الواقعة بالطرف الجنوبي من حي غويران بمدينة الحسكة، بالقرب من سجن الحسكة المركزي، وتضم نحو 100 جندي أمريكي، وتنبع أهمية القاعدة من كونها، نقطة إسناد لسجن الحسكة المركزي الذي يضم مئات المحتجزين من عناصر تنظيم “داعش” تحت إشراف مليشيا قسد، مع الإشارة لوجود معلومات تفيد بحفر نفق للآليات يصل القاعدة بسجن الحسكة المركزي.
وجرى تعزيز القاعدة بقوات إضافية بعد هجوم تنظيم داعش الذي استهدف السجن المركزي في شباط/ فبراير من العام 2022.
- قاعدة رميلان:
تعتبر قاعدة رميلان أولى القواعد العسكرية الأمريكية شرقي الفرات، وقامت بإنشائها نهاية العام 2013، وتقع القاعدة شرق مدينة ريملان في ريف الحسكة الشمالي الشرقي، وتضم القاعدة مهبطًا للطائرات لجانب نحو 200 جندي أمريكي، وعدد من المصفحات والمدرعات الأمريكية، ويظهر فيديو نشره موقع “راديو صوت أمريكا” تحصينات القاعدة، المؤمنة بجدار إسمنتي طويل بالإضافة إلى عدد من الحواجز في محيط القاعدة.
وتعرضت القاعدة لقصف صاروخي في 9 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يرجح أنه من قبل المليشيات الإيرانية المتركزة في الجانب العراقي، في حين اكتفت القيادة المركزية الأميركية بالإعلان أن “قوات التحالف الدولي المتمركزة في منطقة الرميلان شمال شرقي سوريا تعرّضت، إلى هجوم بصاروخ من عيار 107 مليمترات دون أن يخلف قتلى وجرحى ودون أن يسبب أضرارًا في المعدات”.
- قاعدة المالكية (مطار روبار/ مطار الرحيبة):
تقع بالقرب من قرية روبار جنوبي مدينة المالكية بريف الحسكة الشمالي الشرقي، وتضم مدرجًا لإقلاع الطيران المروحي والمسير، يضم عدة مروحيات قتالية، وتحتوي القاعدة على سجن سري بإدارة القوات الأمريكية، لجانب نحو 100 جنديًا أمريكيًا.
ثانيًا ـ الانتشار العسكري الأمريكي على الحدود السورية – العراقية:
يبلغ طول الشريط الحدودي بين سوريا والعراق 610 كم وتسيطر مليشيا قسد على نحو 500 كم منها، والممتدة من نهر الفرات جنوبًا وحتى قرية “عين ديوار” شمالًا، بينما يسيطر نظام الأسد والمليشيات الإيرانية على الأجزاء المتبقية، جنوب غربي نهر الفرات.
وعلى الجانب العراقي تسيطر فصائل تابعة للحرس الثوري على الشريط الحدودي، وأبرزها “الحشد الشعبي”، حيث يتوزع على الجانب العراقي نحو 180 محرس حدودي، مقابل مناطق سيطرة مليشيا قسد و211 محرس على كامل الشريط الحدودي مع سوريا، مع الإشارة لسيطرة حكومة أقليم كردستان العراق على أجزاء من الشريط الحدودي.
في حين يحظى تنظيم داعش بنفوذ و”سيطرة ليلية” على أجزاء من المنطقة الحدودية، الواقعة بين قاعدة التنف ونهر الفرات.
بينما تمتلك الولايات المتحدة قاعدتين محاذيتين للحدود في أقصى الشمال الشرقي، وواحدة حديثة تم إنشاؤها مطلع العام الجاري وفي منطقة الباغوز شرقي دير الزور، دون أن يكون لها نقاط ارتكاز على طول الشريط الحدودي، حيث تتكفل مليشيا قسد بالتمركز في المحارس الحدودية، بينما تشرف الولايات المتحدة على المعابر الحدودية الواصلة بين سوريا والعراق، وفيما يلي استعراض لتلك المعابر والقواعد مع خرائط توضيحية لمواقعها:
أ. المعابر الواصلة بين العراق ومناطق النفوذ الأمريكي في سوريا:
قبل انطلاق الثورة السورية، كان هناك ثلاث معابر/ منافذ حدودية رسمية تربط بين سوريا والعراق، وهي معبر ربيعة ومعبر القائم ومعبر الوليد، والتي يقابلها على الجانب السوري على التوالي معبر اليعربية في ريف الحسكة، ومعبر البوكمال في ريدف دير الزور الشرقي ومعبر التنف في ريف حمص الشرقي.
ويعد كل من معبر التنف واليعربية خاضعين لسيطرة قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، في حين يخضع مبعر القائم لسيطرة المليشيات الإيرانية، بينما افتتحت مليشا قسد معبرًا غير رسمي بالقرب من بلدة عين ديوار عام 2012 عرف باسم معبر “سيمالكا” وفيما يلي استعراض لموقع المعبرين الرئيسيين بين العراق وشمال شرق سوريا، والخاضعين لسيطرة مليشيا قسد ونفوذ القوات الأمريكية، مع خريطة توضيحية لمكان تلك المعابر، وآخر التحركات التي شهدتها:
- معبر اليعربية:
يقع المعبر بين مدينة اليعربية السورية في محافظة الحسكة، ومدينة ربيعة العراقية في اقليم كردستان العراق، ويعد أحد أهم معبرين تستخدمها قوات التحالف الدولي لإدخال قوافلها العسكرية وإمداداتها من العراق لقواعدها في الشمال الشرقي لسوريا، واستخدم المعبر ـ إضافة لكونه معبرًا عسكريًا ـ للأغراض الإنسانية، حيث كان معبر اليعربية أحد 4 معابر أقر مجلس الأمن إدخال المساعدات الدولية عبرها عام 2014، قبل أن يتم استثناءه عام 2020، بفيتو روسي ـ صيني، ويتم إغلاقه من الجانب العراقي، وسط مناشدة مستمرة لإعادة افتتاحه أمام القوافل الإنسانية من قبل الإدارة الذاتية كان آخرها في حزيران/ يونيو الماضي؛ حيث ناشد رئيس مكتب شؤون اللاجئين والنازحين في “الإدارة الذاتية”، شيخموس أحمد، الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمنظمات الحقوقية، للعمل على إعادة افتتاح المعبر، محذرًا من التداعيات السلبية على الصعيد الإنساني نتيجة استمرار إغلاقه.
ودخلت قافلة مكونة من نحو 60 شاحنة إلى الشمال الشرقي لسوريا قادمة من العراق عبر المعبر في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، سبقها دخول قافلة مماثلة في 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، متجهة إلى قاعدة الشدادي بريف الحسكة.
- معبر سيمالكا:
يقع المعبر بالقرب من بلدة عين ديوار في المثلث الحدودي بين سوريا والعراق وتركيا، وهو معبر غير رسمي تم افتتاحه في العام 2013، ويصل بين مناطق سيطرة مليشيا قسد ومحافظة دهوك إقليم كردستان العراق، وهو عبارة عن جسر مائي يمر فوق نهر دجلة.
وأغلق المعبر من قبل الجانب العراقي أكثر من مرة، وذلك بعد أن هاجمة مجموعات تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، المعبر واعتدت على موظفيه، ليعاد فتحه لاحقًا بوساطة أمريكية، مع استمرار حالة التضيق على حركة المعبر من قبل حكومة إقليم كردستان العراق.
في حين تستخدم قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة المعبر المائي لإدخال إمداداتها العسكرية بشكل متكرر حيث رصد في أيار/ مايو الفائت دخول قافلة للتحالف عبر معبر سيمالكا تضمنت 30 آلية كانت تحمل مواد لوجستية ووقد اتجهت نحو قاعدت الشدادي.
ب. القواعد العسكرية الأمريكية المحاذية للحدود:
- قاعدة “خراب الجير”:
تبعد مسافة خمسة كيلومترات عن بلدة اليعربية الواقعة على الشريط الحدودي في منطقة المالكية التابعة لمحافظة الحسكة، وهي بالأساس مطار زراعي سابقا، وعندما دخلت القوات الأمريكية إلى المنطقة حولته إلى قاعدة عسكرية، وأقامت فيها مدرج للطيران المروحي، تم توسيعها لاحقا ليستخدم لهبوط طائرة شحن صغيرة تستخدم لنقل العتاد والجنود.
وتحظى القاعدة بأهمية جيواستراتيجية كبيرة بالنسبة للقوات الأمريكية، حيث تعد القاعدة نقطة ارتباط رئيسية لإمدادات التحالف الدولي بين سوريا والعراق، ومن محاذاتها تدخل الأرتال العسكرية للقوات الأمريكية من معبر ربيعة العراقي باتجاه معبر اليعربية، كما تعد مستودع أوليًا لما تحمله الأرتال القادمة من العراق، حيث تتمركز فيها مؤقتًا قبل أن تتحرك لمختلف القواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة.
وجرى استهداف القاعدة أكثر من مرة من قبل المليشيات الإيرانية المتمركزة على الطرف العراقي، كان آخرها في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بـ5 صواريخ، تبعها تحليق مكثف للطيران الحربي والمروحي والمسير التابع للتحالف.
- قاعدة تل عدس:
وتقع على أطراف بلدة تل عدس الواقعة على بعد 19 كم جنوب غربي مدينة المالكية الواقعة في محافظة الحسكة، في حين تبعد عن الحدود السورية العراقية أقل من 20 كم، وتضم أقل من 50 جندي عسكري، ولا تضم مهبط للطيران مثل قاعدة “خراب الجير” وتعد بمثابة نقطة ارتكاز ومراقبة خلفية للشريط الحدودي، أكثر من كونها قاعدة عسكرية.
- قاعدة الباغوز:
تعد قاعدة الباغوز حديثة نسبيًا حيث جرى الانتهاء من إنشائها مطلع العام 2021، وتقع القاعدة في بادية الباغوز الواقعة في منطقة البوكمال جنوب شرق محافظة دير الزور، وتبعد نحو 7 كيلومترات عن مركز مدينة البوكمال الخاضعة لسيطرة الميليشات الإيرانية الموالية، في حين يشكل نهر الفرات الخط الفاصل بين مناطق سيطرة تلك المليشيات ومناطق سيطرة ميليشيا قسد، من جهة أخرى تبعد القاعدة نحو 2 كيلو متر عن الساتر الترابي الفاصل بين الحدود السورية – العراقية، في حين تبعد نحو 7 كيلومترات عن معبر القائم الواصل بين سوريا والعراق.
وتعد المنطقة المحيطة بالقاعدة منطقة صحراوية غير مأهولة، وتعد بلدة الباغوز أقرب منطقة سكنية وتبعد عن القاعدة نحو 3 كيلومترات وتقع إلى الجنوب الغربي منها، في حين تعد المنطقة الشرقية للقاعدة منطقة صحراوية مفتوحة حتى الحدود العراقية، وكذلك الأمر من الجهة الشمالية حتى حقل التنك النفطي.
واستطعنا عبر مصادر خاصة الحصول على معلومات تفصيلية عن بنية القاعدة التحصينية وقدراتها العسكرية:
- بناء القاعدة وبنيتها التحصينية:
تقع البوابة الأساسية للقاعدة في الجهة الشمالية، وتضمن القاعدة عدد من الغرف (بعضها تحت الأرض) والأبنية المسلحة التي تضم مركز القيادة والعمليات، وعدد من النقاط العسكرية، إضافة لساحة المدفعية، ومنطقة هبوط المروحيات في الجهة الغربية الشمالية، والتي تبعد عن مباني القيادة قرابة ١ كيلو متر.
- تسليح القاعدة والقوة العسكرية الموجودة بها:
يقدر العدد التقريبي للجنود الموجودين بالقاعدة بنحو 75 إلى 100 جندي أمريكي، من جهة أخرى تم نصب عدد من مدافع الهاون من مختلف العيارات في ساحة المدفعية الواقعة وسط القاعدة، إضافة إلى 6 راجمات صواريخ، ونحو 20 عربة مصفحة، يضاف لذلك عدد من الرشاشات المتوسطة والثقيلة التي تتوزع على محيط سواتر القاعدة علاوة على الأسلحة الفردية الخفيفة.
كما جرى استقدام عدد من خزانات الوقود ودفنها تحت الأرض، إضافة لوحدة إشارة وعدد من أجهزة الاتصالات تم نصبها في القاعدة.
- الأهمية الجيو ـ استراتيجية للقاعدة ودوافع إنشائها:
يمكن تلخيص الأهمية الجيو ـ استراتيجية للقاعدة في عدة نقاط أبرزها:
- قربها من الحدود السورية – العراقية ما يجعلها نقطة رصد متقدمة لأي عمليات تهريب أو تنقل لعناصر داعش، حيث تنشط العديد من الخلايا التابعة للتنظيم على طول الشريط الحدودي بين سوريا والعراق، وفي المقابل تطل القاعدة الجديدة بشكل مباشر على الساتر الترابي الفاصل بين البلدين والذي يبعد عن القاعدة أقل من 2 كيلومتر علاوة على كون المنطقة الفاصلة بينه وبين القاعدة هي منطقة صحراوية مكشوفة.
- قربها من معبر (البوكمال – القائم) الحدودي والذي تسيطر عليه الميليشيات الموالية لإيران سواء من الجانب السوري أو الجانب العراقي، والذي جرى افتتاحه في أيلول/سبتمبر من العام 2019 لحركة المسافرين قبل أن يفتح أمام الحركة التجارية، ليتم استخدامه لاحقا بنقل الإمدادات العسكرية من إيران لسوريا عبر العراق. ويبعد المعبر 7 كيلومترات فقط عن القاعدة الجديدة ما يتيح تنفيذ عمليات استطلاع واستهداف تكتيكية بشكل مستمر ويشكل تهديدا حقيقا على حركة الإمدادات العسكرية البرية لطهران من خلاله.
- قربها من حقول النفط ما يبعث برسائل جديدة من قبل واشنطن إلى روسيا حول إصرارها على البقاء في المنطقة وحرمان موسكو من الوصول إليها.
- تشكل القاعدة نقطة توازن للقواعد والقوات الإيرانية الموجودة في مدينة البوكمال في ظل تزايد نشاط تلك القوات مؤخرا.
- تقع القاعدة على الضفة الشرقية من نهر الفرات، في أقصى الجنوب الشرقي لمناطق سيطرة قسد، ما يجعلها متتمة للقواعد العسكرية الأمريكية الأخرى المنتشرة شمال شرق الضفة الشرقية.
- تزامن إنشاء القاعدة مع عدد من التطورات الميدانية والعسكرية في المنطقة، وابتي قد تكون لعبت دورا في إنشاء القاعدة بهذا التوقيت، ومن الممكن تلخيص تلك التطورات بالنقاط التالية:
- تزايد ملحوظ في نشاط خلايا تنظيم داعش في البادية السورية، سواء الجزء الواق شرق الفرات تحت سيطرة ميليشيا قسد أو الجزء الواقع تحت سيطرة النظام والمعروف بالبادية الشامية مع الإشارة هنا لعمليات الدهم المستمرة التي تقوم بها ميليشيا قسد في المنطقة والتي تترافق ببعض الأحيان مع عمليات إنزال جوي من قبل التحالف أو عمليات قصف مركز، إصافة لما شهده الجزء الخاضع لسيطرة نظام الأسد وحلفائه من نشاط كبير اقتضى مشاركة الطيران الروسي قبل أيام والذي نفذ عدة غارات في مناطق متفرقة من بادية دير الزور.
- تنامي نشاط المليشيات الإيرانية على مدينة البوكمال والمنطقة المحيطة بها وصولا إلى الحدود العراقية عند معبر (البوكمال – القائم) وأبرزها مليشيا الحرس الثوري ومليشيا فاطميون وحزب الله العراقي، حيث نظمت تلك الميليشيات الشهر الماضي معسكرات تدريبية تضمنت التدريب على استخدام المدافع الثقيلة والمضادات الرشاشة وأسلحة القنص.
الأمر الذي استلزم تعزيز الوجود العسكري للتحالف على الضفة المقابلة لنهر الفرات فضلا عن عمليات الاستهداف للحد من نفوذ تلك الميليشيات في هذه المنطقة الاستراتيجة، حيث جرى استهداف تلك الميليشيات أكثر من مرة كان آخرها نهاية شهر أيلول/سبتمبر الماضي بخمس غارات جوية من قبل التحالف الدولي خلفت عددا من القتلى والجرحى في صفوف تلك الميليشيات.
ثالثًا ـ قراءة تحليلية للاستراتيجية الأمريكية في سوريا والمنطقة:
أ. الأهداف الاستراتيجية للوجود العسكري الأمريكي في سوريا:
يمكن تلخيص الأهداف الاستراتيجية للوجود العسكري الأمريكي في سوريا بـ:
- الوقوف في وجه المشاريع الإقليمية في المنطقة والتي يمكن أن يشكل توسعها خطرا على المصالح الأمريكية وأبرزها:
- المشروع الإيراني.
- الصعود الإقليمي التركي.
- مجاراة الدور الروسي والحفاظ على عدائها التقليدي مع روسيا وعدم السماح لها بالاستفراد بكامل الساحة السورية.
- ضمان وحماية أمن “إسرائيل”.
- محاربة “الإرهاب”، وتدجين “الإسلاميين”.
- حماية مصالحها الاقتصادية في المنطقة، وتحقيق مكتسبات اقتصادية جديدة.
ب. التكتيكات التي استخدمتها واشنطن لتحقيق أهدافها الاستراتيجية:
انتهجت الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها السابقة عدة تكتيكات كان أبرزها:
- تشكيل غرفة عمليات الموك التي ترأستها الولايات المتحدة، وذلك بهدف إدارة عمليات الجنوب بشكل رئيسي والعمل على سيطرة جهات مقربة من الولايات المتحدة على الحدود السورية ـ “الإسرائيلية”، حيث عملت غرفة عمليات “الموك” التي قدمت الدعم العسكري والمالي لفصائل “الجبهة الجنوبية”، وأثرت على قرارات الفصائل العسكرية ومعاركها، على نحو يتفق مع المصالح الإسرائيلية، بالدرجة الأولى، وبالدرجة الثانية على إقامة التوازنات التي تريدها واشنطن، بعدم السماح لتلك الفصائل أو السماح للنظام السوري بخلخلة تلك التوازنات، وذلك من خلال دفع/كبح تلك الفصائل عن فتح المعارك، بحسب بما تقتضيه خريطة النفوذ المرسومة في الذهنية الأمريكية، كما أسهمت غرفة “الموك” بتعزيز الشرخ القائم على أساس إيديولوجي بين الفصائل الإسلامية/غير الإسلامية. تدعم الأخيرة غرفة عمليات “الموك”.
إلا أن اللافت بالأمر أن تفوق الجبهة الجنوبية على جميع فصائل الجنوب السوري، وكونها الفصيل الأبرز هناك، وانصياعها الكامل لغرفة الموك، لم يحمِ الجنوب السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، من اتفاقيات رفيعة المستوى، وتفاهمات روسية ـ أمريكية، ابتدأت باتفاقية لخفض التصعيد هناك وقعها الرئيسان “فلاديمير بوتين” و “دونالد ترامب” على هامش قمة “هامبورغ”، وانتهت بإيقاف دعم غرفة “الموك” بقرار من الرئيس الأمريكي “ترامب” عقب الاتفاق بحجة أنه “خطير وغير فعال”، ليعقبها شن عملية عسكرية واسعة بدعم روسي انتهت بسيطرة قوات النظام على كامل الجنوب السوري، من المؤكد أنها لم تخرج عن إطار التفاهمات الروسية ـ الأمريكية والإسرائيلية أيضا، وكانت ثمرة دعم الثورة المضادة في المنطقة.
- إنشاء قاعدة التنف العسكرية في المثلث الحدودي السوري ـ الأردني ـ العراقي، لأهداف متعددة أبرزها عرقلة الإمدادات البرية لطهران، نحو دمشق وبيروت، إضافة لأهداف تتعلق بموازنة النفوذ الروسي، وأخرى تتعلق بالدعم اللوجستي لقوات المعارضة، في الجنوب السوري في وقت سابق.
- التغاضي عن تمدد تنظيم الدولة بهدف إيجاد مبرر قوي لنزول القوات الأمريكية في الشمال الشرقي لسوريا، وذلك من خلال أساليب متعددة اسهمت في الصعود الدراماتيكي للتنظيم، والذي دفع بالرئيس الأمريكي السابق “باراك أوباما” بأن يطلب من الكونغرس تفويضا لمدة ثلاث سنوات لمواصلة استراتيجيته الرامية لإضعاف التنظيم، الفترة التي تخفِ ورائها استراتيجيات وأهداف أخرى أكثر عمقا، وتبدو ـ فترة الثلاث سنوات ـ طويلة ومبالغا فيها، حيث إن التنظيم الذي أخذ يبسط نفوذه على نحو دراماتيكي ملفت، كانت كل تحركاته في مناطق صحراوية مكشوفة، من السهل رصد تحركاته فيها، ولعل ذلك أثار اتهامات لاذعة للإدارة الأمريكية حول إسهامها في ظهور داعش، كان أقساها تصريح الرئيس الأمريكي الحالي “دونالد ترامب” أثناء حملته الانتخابية حيث أشار في لقاء له بفلوريدا “أوباما هو مؤسس تنظيم داعش، وبإمكاني القول إن هيلاري كلينتون شريكة له في ذلك”، وغيره من انتقادات السياسيين الأمريكيين التي بدت أكثر جدية.
ومن جانب ميداني ننقل شهادة أفاد بها أحد القياديين الذين تنقلوا بين عدة مناطق تخضع لسيطرة المعارضة منها القلمون الشرقي والغربي، والغوطة الشرقية، فضلا عن زيارته لقاعدة التنف، وغرفة عمليات الموك والتقائه ضباطا أمريكيين هناك، أكد أن “غرفة الموك” قدمت دعما وتدريبا للعديد من مجموعات المعارضة، التي سرعان ما انشقت وانضمت لـ “داعش” أو هاجمها التنظيم مستحوذا على العتاد والسيارات والذخيرة المقدمة لها، مؤكدا أن الأمر لم يكن ليغيب عن المخابرات الأمريكية، إلا أن تكراره على نفس الوتيرة يفيد بالرضى الأمريكي على تمدد التنظيم آنذاك والذي شكل ذريعة أساسية لعمليات التحالف الدولي، وإنزال القوات الأمريكية شمال شرقي سوريا، ودعم الميلشيات الكردية هناك.
ومن الجدير بالذكر هنا، أن استراتيجيات مشابهة أسهمت في نمو فرع تنظيم القاعدة “جبهة النصرة” سابقا، والذي مرَّ بعدة تحولات انتهت بفك ارتباطه بتنظيم القاعدة وسيطرته على معظم مدينة إدلب تحت مسمى “هيئة تحرير الشام”.
في حين حصلنا على معلومات خاصة تفيد بأن السبب الحقيق وراء إقالة قيادة التحالف للعميد معن طلاع وعزله عن قيادة “جيش مغاوير الثورة” يعود لحصول الأخير على معلومات ووثائق تفيد بتورط قيادة التحالف بالتنسيق مع تنظيم داعش وتقديم تسهيلات له للأهداف التي جرى ذكرها.
- دعم الميليشيات الكردية الانفصالية، حيث كان اختيار الولايات المتحدة للميليشيات الكردية كحليف محلي رئيسي لها في سوريا قائما على عدة اعتبارات، أبرزها:
- ما أبداه هذا الحليف من انصياع للجانب الأمريكي على مختلف النواحي العسكرية والسياسية، وما أبدته الميليشيات من تماش ـ ظاهري ـ مع قيم الديمقراطية، المتمثلة بالحرية والمساواة، حيث تبنت اسمها الجديد “قوات سوريا الديمقراطية” وفقا للرغبة الأمريكية ـ بحسب تقارير ـ ولعب العنصر النسائي دورا بارزا فيها “وحدات حماية المرأة”، الأمر الذي لم تبدهِ فصائل المعارضة الأخرى.
- الموقع الجيوسياسي الهام الذي تتواجد به الميليشيات الكردية، حيث:
ـ يوفر ذريعة لإنزال قوات امريكية في المنطقة، بحجة محاربة تنظيم “داعش”.
ـ يؤهل سيطرة الولايات المتحدة أو فصائل مدعومة من قبلها، على المنطقة الشمالية الشرقية لسوريا من الاستحواذ على غالب ثروات سوريا من النفط والغاز.
ـ توفر سيطرة الولايات المتحدة أو فصائل مدعومة من قبلها، على الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا، من إعاقة وتحجيم الدور التركي الإقليمي في المنطقة.
ـ ارتباط المنطقة من ناحية جيوسياسية، بمشروع قومي جامع للإثنية الكردية في كل من سوريا والعراق وتركيا وإيران، ما يشكل تهديدا مزدوجا لتركيا وإيران ويعيد رسم خريطة المنطقة وتقسيمها.
ـ معارضة المكون الكردي للنظام السوري، والرغبة الأمريكية بفرض وجود عسكري يوازن النفوذ الروسي وقواعده العسكرية في مناطق سيطرة النظام.
ت. قراءة في خريطة الانتشار العسكري الأمريكي في الشمال الشرقي:
الملاحظ من خلال عرض الوجود الأمريكي على الحدود السورية ـ العراقية، أن واشنطن لا تنشر قواته على الشريط الحدودي بين البلدين وإنما اكتفت بتعزيز 3 قواعد عسكرية رئيسية بالقرب من المناطق الحدودية، إضافة لإشرافها غير المباشر على المعابر الحدودية الفاصلة بين سوريا والعراق ولعل ذلك يعود لثلاثة أسباب رئيسية:
- طول الشريط الحدودي البالغ أكثر من 500 كم والمخاطر المترتبة على وجود قوات أمريكية متفرقة على هذا الشريط، نتيجة سيطرة المليشيات العراقية المقربة من إيران على أجزاء واسعة منه.
- عدم وجود أولوية/ ضرورة لفصل حاد بين سوريا والعراق لكون الولايات المتحدة تمتلك قواعد في كلا البلدين.
- إيكال مهام مراقبة الشريط الحدودي لمليشيا قسد بدعم من القواعد العسكرية الأمريكية الخلفية.
من جهة أخرى؛ ومن خلال مقارنة سريعة لخريطة القواعد العسكرية الأمريكية وخريطة حقول النفط والغاز؛ يظهر أن الهدف الرئيس للقوات الأمريكية هو الحفاظ على سيطرتها على تلك الحقول، لأسباب اقتصادية وأخرى جيوسياسية، وسبق وصرح الرئيس الأمريكي السابق/ دونالد ترامب عندما أعلن سحب جزء من قوات بلاده، أن جزءًا آخر سيبقى بهدف “حماية حقول النفط”، وعلى الرغم من تصريحات البنتاغون لاحقًا أنها ليست مسؤولة عن حماية تلك الحقول، إلا أن واقع الانتشار العسكري الأمريكي يثبت عكس ذلك، ويثبت أن التصريحات الأمريكية الأخرى التي تدور حول أن هدف الوجود الأمريكي في المنطقة هو لمنع ظهور داعش، هي تصريحات مجردة للاستهلاك الإعلامي، مع الإشارة في هذا السياق أن واشنطن بدأت منذ العام 2019 بإخلاء قواعدها الموجودة غربي شرق الفرات، وتركيز في وجودها في أقصى المنطقة الشرقية حيث تتتركز حقول النفط والغاز، وفيما يلي خريطة توضيحية لحقول النفط والغاز في المنقطة الشمالية الشرقية يليها خريطة الانتشار العسكري:
إعداد: براء عبد الرحمن
لتحميل الدراسة Pdf:
التموضع-الأمريكي-في-الشمال-الشرقي-لسورية