إلغاء انتخاب مجلس الشورى القطري يستهدف تجنب التوترات القبلية وتعزيز الاستقرار المحلي
أعلن أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، أن مجلس الشورى سيقترح تعديلات على دستور البلاد، وستطرح للتصويت خلال استفتاء شعبي، مشيرًا إلى أن هذه التعديلات تتضمن العودة إلى نظام تعيين أعضاء مجلس الشورى بدلًا من الانتخاب. وكانت قطر أجرت في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 أول انتخابات نيابية تشهدها البلاد منذ قيام مجلس الشورى عام 1972، وحاليًا يتم انتخاب 30 من أصل 45 عضوًا في مجلس الشورى، بينما يتم تعيين الأعضاء الـ15الباقين من قبل الأمير. ومن الناحية النظرية يمثل مجلس الشورى الهيئة التشريعية في البلاد، لكنّ دوره الفعلي يظل استشاريًا، في حين أن السلطة الحقيقية يمارسها الديوان الأميري دون جدال.
الرأي:
يرتبط هذا القرار المفاجئ بتقييم ومراجعة تجربة الانتخابات الوحيدة التي أُقيمت عام 2021؛ حيث أثارت الانتخابات توترات قبلية نادرة في البلاد، بعد أن وجد بعض أفراد القبائل الكبرى أنفسهم غير مؤهلين للتصويت. وبصورة خاصة، اعترض أفراد قبيلة “آل مرة” التي تعود جذورها إلى شرق السعودية، على قانون الانتخابات الذي يمنع القطريين الذين لم تكن أسرهم موجودة في قطر قبل عام 1930 من التصويت.
لهذا، فإن القرار على الأرجح له طابع محلي بامتياز يتعلق بتجنب تأجيج الصراعات القبلية التي قد تعكر صفو الاستقرار المحلي، خاصةً وأنه مثل هذه الصراعات تظل عرضة للتوظيف من قبل أطراف خارجية، خصوصًا السعودية. وقد أشار “الشيخ تميم” إلى ذلك الهاجس قائلًا إن “التنافس بين المرشحين للعضوية في مجلس الشورى جرى داخل العوائل والقبائل، وهناك تقديرات مختلفة بشأن تداعيات مثل هذا التنافس على أعرافنا وتقاليدنا ومؤسساتنا الاجتماعية الأهلية وتماسكها”. ويعني ذلك أن القرار يستهدف الحفاظ على تماسك البلاد الداخلي، كما إنه يعيد للديوان الأميري ميزة تعيين كافة أعضاء المجلس، ما يمكنّه من موازنة نفوذ العائلات والقبائل عبر توزيع المقاعد محاصصةً عليها، وهو ما يبقي على شرعية الحكم وفي الوقت نفسه تكون للسلطات فرصة الاختيار من بين القبائل والعائلات وفق معاييرها الأمنية والسياسية.
ومن المرجح أن يتم تمرير الاستفتاء، نظرًا لصغر عدد سكان البلاد والتأييد الشعبي الواسع لنظام الحكم، وسيطرة القبائل على السياسة. أما من حيث بنية نظام الحكم، فلا يُتوقع أن يؤثر إلغاء الانتخابات على طبيعة التوازن داخل مؤسسات الحكم؛ حيث سيظل الديوان الأميري في كل الأحوال مركز السلطة دون منازع. ولا يتوقع أيضًا أن يعكس القرار توجهًا أمنيًا جديدًا باعتبار أن القرار ليس تراجعًا عن توجهات ديمقراطية سابقة، بل إن الأمير نفسه أقر بأن “مجلس الشورى ليس برلمانًا تمثيليًا في نظام ديمقراطي”.