توقيف القيادي السوري عصام بويضاني في الإمارات: قراءة في الدلالات والسيناريوهات المحتملة

دمشق – مركز مسارات للتفكير الاستراتيجي
مدخل عام
في تطور لافت يعكس تعقيدات المرحلة الانتقالية في سوريا وعلاقتها الإقليمية، أقدمت السلطات الإماراتية على توقيف القيادي السوري عصام بويضاني، المعروف بـ”أبو همام”، في مطار دبي أثناء محاولته مغادرة البلاد.
بويضاني، الذي تولى قيادة “جيش الإسلام” بعد مقتل مؤسسه زهران علوش عام 2015، ويشغل حاليًا منصبًا عسكريًا في وزارة الدفاع السورية الجديدة، اعتُقل في ظروف غامضة، وسط تضارب المعلومات حول الأسباب المباشرة للتوقيف.
تثير هذه الواقعة تساؤلات عميقة حول مسار العلاقة بين الإمارات والحكومة السورية الجديدة، وحول موقع الشخصيات العسكرية السابقة في الخارطة السياسية والأمنية لسوريا ما بعد 2024.
خلفية عن الشخصية
-
الاسم: عصام بويضاني (أبو همام)
-
الميلاد: دوما، 1975
-
المسيرة:
-
تلقى تعليماً دينياً، ودراسة إدارة أعمال.
-
قاد “جيش الإسلام” خلال مرحلة حساسة من الثورة السورية (2016–2024).
-
شغل لاحقاً منصب قياديا في الفرقة 70 في وزارة الدفاع السورية الجديدة.
-
ارتبط اسمه بإدارة الغوطة الشرقية عسكريًا، ويُتهم الفصيل الذي قاده بارتكاب انتهاكات تشمل الإخفاء القسري واستخدام مراكز احتجاز سرية.
معطيات التوقيف
تشير المعلومات المتوفرة إلى عدة روايات متداخلة حول أسباب توقيف بويضاني:
-
مذكرة توقيف دولية: صدرت بناءً على بلاغات قديمة من النظام السوري، عبر قنوات الإنتربول.
-
قضية رزان زيتونة: تتحدث تقارير عن احتمال ارتباط التوقيف بالتحقيقات الجارية في قضية اختفاء الناشطة الحقوقية رزان زيتونة وزملائها في دوما عام 2013، وهي القضية التي يحاكم على خلفيتها قادة في “جيش الإسلام” أمام محاكم أوروبية.
-
ضغوط سياسية إقليمية ودولية: ترجح بعض التقديرات أن التوقيف جاء استجابة لضغوط أمريكية وأوروبية لإظهار التزام الإمارات بمحاربة “الإرهاب” وتفكيك البنى العسكرية القديمة.
اللافت أن بويضاني دخل الإمارات بجواز سفر تركي، مما يطرح تساؤلات إضافية حول الإطار القانوني الذي تم احتجازه بموجبه.
أبعاد ودلالات التوقيف
-
على مستوى العلاقة الإماراتية-السورية
يأتي التوقيف في وقت تشهد فيه العلاقة بين الإمارات والحكومة السورية الجديدة حالة تقارب لافتة، توجت بزيارات رسمية متبادلة.
إلا أن هذا الحادث قد يشير إلى حدود هذا التقارب، وإلى استمرار حسابات أبوظبي الخاصة تجاه ملفات حقوق الإنسان وملفات الفصائل المسلحة. -
على مستوى الشرعية الداخلية للحكومة السورية الجديدة
يمثل اعتقال شخصية عسكرية تنتمي إلى مؤسسة الجيش الجديد إرباكًا محتملاً للجهود الرامية إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة السورية على أسس جامعة. -
على المستوى الإقليمي والدولي
يحمل توقيف بويضاني رسالة مزدوجة: طمأنة الأطراف الغربية بأن الإمارات تتبنى نهجًا متشدداً تجاه الشخصيات المرتبطة بتنظيمات عسكرية مسلحة، مع الحفاظ على قنوات الانفتاح السياسي مع دمشق.
السيناريوهات المتوقعة
-
الإفراج السريع عن بويضاني
تحت ضغط الحكومة السورية الجديدة أو نتيجة تسويات دبلوماسية، خاصة في ظل عدم وجود أساس قانوني قوي لاحتجازه. -
ترحيله إلى دولة ثالثة
كخيار وسط بين الإفراج الكامل وتسليمه، لتجنب الإحراج السياسي مع دمشق أو أنقرة (باعتباره حاملًا للجنسية التركية). -
محاكمته على الأراضي الإماراتية
سيناريو مستبعد حاليًا، لكنه ممكن نظريًا إذا تم ربط قضيته بملفات جنائية أو إرهابية مفتوحة دوليًا.
خلاصة تحليلية
تكشف حادثة توقيف عصام بويضاني عن هشاشة الوضع الانتقالي السوري، حيث تتداخل المصالح المحلية والإقليمية والدولية بطريقة معقدة، تجعل من مسار إعادة بناء الشرعية السياسية والأمنية عملية محفوفة بالتحديات.
كما تسلط الضوء على السياسة الإماراتية المتذبذبة، بين دعم الاستقرار في سوريا الجديدة، ومحاولة تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي عبر الانخراط في ملفات حقوق الإنسان المتأخرة.
تتطلب المرحلة المقبلة يقظة حذرة من القيادة السورية الجديدة في إدارة علاقاتها الخارجية، لضمان عدم تحوّل ملفات شخصياتها إلى أوراق ضغط إقليمية أو دولية.