الإرادة الدولية لتفعيل الحل السياسي بين الثوابت والمتغيرات
أستاذ هادي البحرة رئيس وفد المعارضة في اللجنة الدستورية مرحباً بك
ذكرت بعدم وجود إرادة دولية لتفعيل اجراءات عسكرية
فهل يوجد إرادة دولية لتفعيل انتقال سياسي وتطبيق قرار2254؟
لا يوجد ثوابت عند الدول ولا سيما الغربية في ظل تبدل الإدارات، وتوجه السياسات والظروف الدولية والإقليمية، لذلك يجب أن نميز بين وجود قرار جاهز يمكن استثماره وتفعيل بنوده في أي وقت تتوافر فيه الظروف المناسبة وتتلاقى بعض المصالح الدولية مع ذلك التفعيل، مقارنة بعدم وجود ذلك القرار.
هذا القرار وما تلاه هو القرار ٢٢٥٤(2015)، من الهام جدًا ابقائهما على قيد الحياة، القرار ٢١١٨ مازال فاعلاً وتعمل بولايته منظمة نزع الاسلحة الكيميائية في سوريا ومازالت تصدر تقاريرها الدولية ولم تعطي النظام صك براءة بنزع أسلحته الكيميائية بعد.
يجب الحرص على عدم خلق ظروف تؤدي لاتخاذ أي قرارات جديدة تخفض من سقف كلا القرارين، جمود العملية السياسية بعد فشل مؤتمر جنيف٢(٢٠١٤)، واستقالة الإبراهيمي، أدى إلى مؤتمري فيينا وتشكيل الهيئة العليا للمفاوضات ومن ثم تبني بياني فيينا بالقرار ٢٢٥٤(٢٠١٥) ومجدداً ذهبت العملية السياسية إلى جمود ٢٠١٥-٢٠١٦ وسقطت حلب …
فولد مسار استانا وأصبحت المفاوضات (كل مين ايده اله) تخوضها الفصائل متفرقة وبشكل مباشر وتوالى سقوط المناطق وكادت العملية السياسية أن تنتهي باستبدالها باتفاقيات خفض التصعيد واتفاقيات أمنية وعسكرية خارج الإطار السياسي والمطالب السياسية والقانونية للثورة، ولولا وجود تركيا ضمن مجموعة استانا ووقوف المجموعة المصغرة ضد إنهاء الملف السياسي واختطافه من جنيف، لنجح داعمو النظام في ذلك.
يجب البناء على التعلم من المسار التاريخي للثورة وما مرت به من تجارب، لتفادي الاخطاء، وعدم تكرارها.
كلنا نعلم مدى التشابك الموجود في الملف السوري مع الملفات الإقليمية والدولية، ولا وجود لحل سحري، كما نعلم بأن الدول ليست جمعيات خيرية ولكل منها مصالحها، التي قد تتقاطع مع قسم من مصالحنا الوطنية، وهناك لكل دولة داعمة للنظام مخاوفها والأعباء التي تتحملها نتيجة دعمها، منع النظام وداعميه من تحقيق أي حسم عسكري، وإبقاء العملية السياسية حية، مع العمل على المسارات الاقتصادية والقانونية والدبلوماسية التي تصب نتائجها التراكمية في العملية السياسية، في ذلك الإطار الجمعي مع عامل المتغيرات في سياسات الإدارات الجديدة للدول، سيخلق ظروفًا جديدة، ستؤدي إلى احتمالين الأول هو خلق واقع دولي وإقليمي جديد يدفع العملية السياسية لتنفيذ القرار ٢٢٥٤ بشكل كامل وصارم وفق ما ذكر في البند الرابع منه بسبل جديدة، ومدخل ذلك هو اللجنة الدستورية.
أما الاحتمال الأخر فهو سيئ لوطننا ولنا كشعب وهو تثبيت مناطق النفوذ الأربعة وتجميد الأوضاع لفترة قد تطول لسنوات طويلة ويعرض سوريا كوطن لمخاطر كبيرة.
في حال تم الاتفاق على دستور جديد
هل هذا الدستور سيكون في المستقبل لتنظيم المرحلة الانتقالية فقط؟
الإجابة على هذا السؤال من شقين، الأول مشروع الدستور الجديد هو لفترة ما بعد تحقيق اتفاق سياسي لتنفيذ كامل القرار ٢٢٥٤، وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي وتحقيق البيئة الآمنة والمحايدة (١٨شهر) حينها من الممكن أن يتم الاستفتاء الحر والنزيه ووفق أعلى معايير الشفافية الدولية وتحت إشراف الأمم المتحدة، ثم تجري الانتخابات (البرلمانية او الرئاسية) وفق ما سينص عليه الدستور الجديد إن اعتمده الشعب.
وكوننا في عملية تفاوضية فلا أستطيع الإجابة على الشق الثاني من سؤالك بشكل مستفيض، في كل مشروع دستور لدول مرت بحالات مثيلة لما حدث في وطننا يكون فيه فصل يختص بالتعاطي مع أوضاع الدولة الانتقالية من لحظة تحقيق الاتفاق السياسي إلى مرحلة الاستفتاء على الدستور التي ذكرتها أعلاه. ويمكن لذلك الفصل أن يشكل بحد ذاته إطار حكومة للمرحلة الانتقالية ويحدد المرجعيات والضوابط لسلطات تلك المرحلة الانتقالية وقد يتم التعامل مع ذلك الفصل بشكل منفصل وكجزء لا يتجزأ من الاتفاق السياسي لتنفيذ القرار ٢٢٥٤ بشكل كامل وصارم.