خاص مسارات – هل تتخلى إيران عن حزب الله مقابل برنامجها النووي؟
حوار خاص مع “حسين عابديني” نائب مدير مكتب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بريطانيا
هل يمكن للهجوم الجوي أو الصاروخي أن يؤدي إلى سقوط النظام في إيران؟
الهجوم العسكري والضربات الجوية أو الصاروخية لا يمكن أن تؤدي إلى انهيار النظام الإيراني؛ بل سيتم ذلك بأيدي الشعب والمقاومة الإيرانية. وقد أثبتت تجارب الحروب والعقوبات الدولية أن بقاء هذا النظام لا يعتمد على القوة العسكرية، بل على القمع الواسع في الداخل، والإعدامات بلا حدود، واستخدام القوات الوكيلة لنشر الفوضى في المنطقة من أجل تغطية الأزمات الداخلية. يتمتع النظام الإيراني بأجهزة أمنية معقدة تمكنه من تعزيز قواعد حكمه؛ تخيلوا أن هذا النظام يملك 25 جهازًا استخباراتيًا! ومع ذلك، فإن أي عمل عسكري قد يكون له تأثير استراتيجي ويزيد الضغوط على النظام، إلا أن العامل الرئيسي لانهياره يكمن في الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية من الداخل. الشعب الإيراني على دراية كاملة بأهداف النظام القمعية وفساده المتأصل، وكلما أنفق النظام المزيد من الموارد الوطنية على سياساته التوسعية والمثيرة للفرقة في المنطقة، زاد السخط الشعبي.
بالتالي، فإن الحل الأساسي يكمن في الوقوف إلى جانب الشعب ودعم المقاومة المنظمة للشعب الإيراني. هذه المقاومة، التي جزورها في قلب المجتمع الإيراني، تستطيع بحشد الشعب وإحداث ضغوط من الداخل أن تمهد الطريق للتغيير الحقيقي.
لماذا يتحدث قادة النظام الإيراني باستمرار عن “الخوف والرعب”؟
السبب الرئيسي لخوف النظام يعود إلى حقيقة أنه فقد شرعيته سواء بين الشعب الإيراني أو على الساحة الدولية. الاحتجاجات الواسعة للشعب الإيراني ضد الفساد والفقر والتمييز الاجتماعي والاقتصادي تعكس فقدان الثقة والدعم الشعبي. إلى جانب ذلك، أدت السياسات التوسعية للنظام في المنطقة إلى عزلته دوليًا، مما زاد من الضغط على اقتصاده وسياساته الداخلية. إن خوف قادة النظام نابع من إدراكهم أن الشعب الإيراني قد ينتفض مجددًا كما في انتفاضات سنوات 1996، و1998، و1401. النظام يعلم أن الأغلبية الساحقة من الشعب الإيراني يريدون التغيير وإسقاط النظام، لذلك لا يمكنه الحفاظ على سلطته إلا من خلال القمع والترويع. إضافة إلى ذلك، فإن تماسك واتساع شبكة المقاومة المنظمة داخل إيران، خصوصًا أنشطة “وحدات المقاومة” التابعة لمجاهدي خلق، تثير الرعب في النظام. هذه الوحدات، المنتشرة في جميع أنحاء البلاد، تمتلك القدرة على حشد الشعب وقيادة الاحتجاجات.
من جهة أخرى، فإن العزلة الدولية وضغوط العقوبات تقلل من قدرة النظام على المناورة سياسيًا واقتصاديًا.
الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية، مثل التضخم الجامح والبطالة والفقر المتزايد، أوصلت سخط الشعب إلى نقطة الانفجار. بالإضافة إلى ذلك، فإن الخلافات والانقسامات داخل النظام والصراع بين الأجنحة تهدد استقرار النظام. لذا، فإن الخوف الأساسي للنظام ليس من حرب خارجية أو هجوم جوي وصاروخي؛ فهذه العوامل قد تضعفه لكنها لن تؤدي إلى سقوطه. ما يخشاه النظام حقًا هو العوامل الداخلية وانتفاضات الشعب.
هل من الممكن أن يتخلى النظام الإيراني عن حزب الله مقابل اتفاق حول البرنامج النووي ورفع العقوبات؟
لن يتخلى النظام الإيراني عن قواته الوكيلة وخاصة حزب الله طالما هو في السلطة، لأن العلاقة بين حزب الله والنظام الإيراني هي علاقة عضوية. حزب الله نتاج النظام الإيراني، لذلك فهو ليس فقط أداة سياسية لتوسيع نفوذ إيران في المنطقة، بل يلعب دورًا حيويًا في استراتيجية بقاء النظام. يستخدم النظام الإيراني حزب الله كأداة لزعزعة الاستقرار في المنطقة، ولذلك لن يتخلى عنه.
اليوم الذي يختفي فيه حزب الله والقوات الوكيلة الأخرى هو اليوم الذي لن يكون فيه نظام الملالي في إيران، والعكس صحيح؛ بمعنى أن يوم سقوط نظام الملالي في إيران سيكون اليوم الذي يختفي فيه حزب الله والقوات الوكيلة التابعة له في دول المنطقة. حزب الله جزء لا يتجزأ من استراتيجية إيران الإقليمية لمد نفوذها في الشرق الأوسط وللحفاظ على سلطة الملالي.
النفوذ في لبنان ذو أهمية جيوسياسية لإيران، إذ يمنحها القدرة على لعب دور مؤثر في المعادلات الإقليمية. بالإضافة إلى ذلك، يستخدم النظام، حزب الله كأداة ضغط على الغرب في مفاوضات مختلفة، بما في ذلك المفاوضات النووية. ليس من المستغرب أن يعتبر النظام هذه القوات الوكيلة وخاصة حزب الله عمقه الاستراتيجي.
من هنا، يمكن فهم أهمية مقتل حسن نصر الله بالنسبة للنظام، فعلى سبيل المثال أعلن خامنئي ثلاثة أيام من الحداد العام عند مقتل قاسم سليماني، لكنه أعلن خمسة أيام عند مقتل حسن نصر الله.
من جهة أخرى، يعتبر البرنامج النووي أيضًا إحدى أدوات بقاء النظام الهامة. ينظر النظام إلى هذا البرنامج على أنه ورقة رابحة وأداة التفاوض. ولن يكون هناك أي تراجع في دعم حزب الله أو في أنشطة النظام النووية إلا إذا تعرض النظام لضغوط شديدة داخلية وخارجية ولم يعد لديه سبيل للحفاظ على سلطته.
ما هو تحليلك لتصريحات محمد مهدي ميرباقري، عضو مجلس خبراء النظام الإيراني، عندما قال “مقتل 42 ألف شخص في غزة ليس له أهمية”؟
تصريحات ميرباقري المفجع، عضو مجلس خبراء القيادة ورئيس “أكاديمية العلوم الإسلامية في قم”، التي قال فيها ردًا على سؤال حول مقتل 42 ألف شخص في قطاع غزة: “الوصول إلى قرب الهي، حتى لو كان على حساب مقتل نصف سكان العالم، له قيمة. وبالتالي، فإن مقتل 42 ألف شخص من سكان غزة من أجل هذا الهدف الكبير لا أهمية له”؛ تكشف بوضوح عن حقيقة مفادها أن النظام مستعد لتدمير حياة الأبرياء لضمان بقائه. هذه التصريحات تكشف أن النظام يستخدم عدم الاستقرار في المنطقة وتأجيج نيران الحروب بالوكالة كوسيلة لصرف أنظار الرأي العام الداخلي عن مشاكله الداخلية وصناعة”عدو خارجي” كي يستطيع به الضغط على الشعب والمعارضين الداخليين للحفاظ على شرعيته الزائفة. لهذا السبب، لا يُعير النظام أي أهمية لأرواح البشر، حتى أولئك الذين يدعي الدفاع عنهم مثل الشعب الفلسطيني.
النظام مستعد لدفع أي ثمن من حساب الشعب الإيراني وشعوب المنطقة لتحقيق أهدافه السياسية وحماية نظامه المشين، حتى لو كان هذا الثمن أرواح الآلاف من الأبرياء.
كما تُظهر هذه التصريحات أن النظام يستغل القضية الفلسطينية فقط لتحقيق مآربه الخاصة ولا يسعى حقًا إلى حل مشاكل الشعب الفلسطيني. الفكر الذي يحكم النظام الإيراني قائم على العنف والتدمير، وليس على السلام والبناء. هذه النظرة الخطيرة تشكل تهديدًا جديًا ليس فقط لشعب إيران، بل للمنطقة والعالم بأسره.
تصريحات ميرباقري تذكرنا بتصريحات مماثلة لقادة آخرين في النظام، بما في ذلك خامنئي، الذي قال مرارًا إنه إذا لم نحارب في سوريا والعراق ولبنان، فعلينا أن نحارب في طهران وإصفهان ومدن إيرانية أخرى. هذا يوضح أن النظام الإيراني مستعد لإشعال المنطقة للحفاظ على سلطته.
على المجتمع الدولي أن يقف بحزم في وجه نظام لا يولي أي قيمة لأرواح البشر، ويدعم نضال الشعب الإيراني من أجل الحرية والديمقراطية. فقط بوجود حكومة ديمقراطية في إيران يمكننا أن نأمل في عودة السلام والاستقرار إلى المنطقة والعالم.