قضايا الفساد تلاحق موظفي المنظمات الدولية في دمشق
بينما تستمر الحرب في سورية تستمر معها الانتهاكات من معظم أطراف الصراع مع اختلاف نسب تلك الانتهاكات، لكن اليوم هنالك طرف جديد لا يبدو بمنأى عن هذه الانتهاكات، ارتبطت الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها ومئات الموظفين الرسميين العاملين بمناطق النظام بشبهات فساد مختلفة الأشكال عبر وكالات الأمم المتحدة العاملة في سوريا ولا سيما مناطق النظام ،
حيث تصرح المنظمات والوكالات التابعة للأمم المتحدة بالشفافية المطلقة ونظام الحوكمة واللامركزية داخل مؤسساتها العاملة في سورية ومناطق النزاع لكن الحقيقة عكس ذلك فقد كشفت تقارير رسمية وتحقيقات صحف عالمية عن ملفات فساد كبيرة تورط به الكثير من العاملين بتلك المنظمات والوكالات التابعة للأمم المتحدة، وكشفت بعض التقارير عن سياسات استغلال الموظفين لمناصبهم لاستغلال المساعدات الإنسانية والمشاريع التنموية.
نشرت منظمة “هيومان رايتس ووتش” تقريراُ استندت فيه لمقابلات مع عاملين بالمجال الإنساني وجهات مانحة وخبراء ومستفيدين،
وقد وجد التقرير أن المنظمات والوكالات الدولية العاملة بمناطق النظام كانت تستجيب دائما لأي شروط ومطالب تصدر من النظام ناهيك عن التلاعب بنظام المساعدات الإنسانية العاملة في سوريا .
وقد تحجج بعض مدراء الوكالات التابعة للأمم المتحدة بأن قبولهم شروط النظام كان لأجل الاستفادة من فتح الطرق وايصال المساعدات لكن تقارير رسمية كشفت أن الشروط كانت بين النظام ومدراء الوكالات الدولية التابعة للأمم المتحدة كانت ضمن خطة مسبقة لتحويل الكثير من المساعدات المخصصة لمناطق المعارضة أو المناطق خارج سيطرة النظام الا أن الكثير من الموظفين تم رشوتهم مقابل تحويل تلك المساعدات لمناطق النظام وسيطرته بدلاً من مناطق المعارضة
كذلك أكدت التقارير عن عدم قبول النظام إفساح المجال أمام عمل المنظمات إلا بشروط مُسبقة تخالف أعراف تلك المنظمات الدولية المستقلة التي تتغنى بالشفافية إلا أن المدراء المتعاملين مع النظام كانوا يوقعون تلك العقود والتي تتضمن الشراكة مع النظام عبر التعامل مع بعض الشركات المشبوهة والتي يديرها النظام بشكل غير مباشر وعبر وسطاء من كلى الأطراف بما فيهم الهلال الأحمر السوري العامل بمناطق النظام وكذلك “الأمانة السورية للتنمية” التابعة لـ “الأسماء الأسد”، والتي ورد ذكر إسم مؤسستها ضمن ملف الفساد الأممي والرشاوي التي قدمتها أسماء الأسد شخصياً مقابل إنجاح مؤسستها التي تدعي عدم الربحية والاستقلالية مقابل فوز مؤسسة أسماء الأسد برتبة “محكم دولي” في انتخابات هيئة التقييم الدولية، التابعة لـ اليونسكو والتي عقدت في فرنسا.
وحتى الفساد الذي لحق بمؤسسات الأمم المتحدة لم يقتصر فقد على المؤسسات الإنسانية وموظفي المنظمات الدولية بل كانت هناك ضغوط سياسية متعددة على المعارضة السياسية بالمشاركة ببعض المسارات السياسية والاجتماعات الدولية التي لا تتوافق مع المصالح الوطنية للثورة السورية
الأمم المتحدة اليوم تقف عاجزة عن اصلاح مؤسساتها أو قد لا تكون عاجزة بل ضمن سياسات معينة لها بهذا الشكل من الفساد الإداري والسياسي الذي بات يؤثر على مصير الشعوب ولا سيما بالمنطقة العربية وسوريا واليمن والعراق وليبيا .
على المستوى الإنساني فشلت جهود الأمم المتحدة فشلاً ذريعاً في توفير الحد الأدنى من الحماية للمدنيين الذين يتعرضون لكافة الانتهاكات الجسيمة الواردة في القانون الدولي الإنساني إلى جانب الفشل والفساد الذي مُنيت به الأمم المتحدة على الجانب السياسي والإنساني في سوريا ، تشير الكثير من التقارير إلى تورط مكاتب وبعثات الأمم المتحدة والوكالات الدولية الشريكة لها في العديد من قضايا الفساد الإداري والمالي من خلال تمرير صفقات مشبوهة لشراء الأغذية والمستلزمات الأخرى المخصصة للاجئين، وتمثل ذلك بشراء أغذية فاسدة أو منتهية الصلاحية أو من نوعية رديئة جداً تخالف كلياً المواصفات المدونة في عقود الشراء بالتواطؤ مع منظمات رسمية يعمل بها موظفو المنظمات داخل مناطق النظام مقابل عمولات مالية كبيرة لبعض العاملين فيها. وقد تم توثيق مئات من حالات التسمم في مناطق سورية محاصرة بعد تناولهم أغذية سبق أن وزعتها الأمم المتحدة عليهم.
ناهيك عن صرف مبالغ مالية بأرقام تثير الدهشة مقابل حجوزات فندقية للعاملين في الأمم المتحدة وتقديم مساعدات ومنح بآلاف الدولارات للعديد من المنظمات الضالعة في دعم الحرب في سوريا منها “الأمانة العامة السورية للتنمية” التي ترأسها أسماء الأسد زوجة رئيس النظام السوري المتهم بارتكاب جرائم حرب وقتل أكثر من مليون وتشريد وتهجير نحو 12 مليون آخر داخل سوريا وخارجها.
كذلك كشفت بيانات صادرة عن الأمم المتحدة عن صرف مكتبها بدمشق مبالغ خيالية دون مبررات سوى مصاريف وأجور عاملين من ضمنها مبلغ وقدره 7 ملايين دولار كأجور مكاتب وإقامة للعاملين في فندقين بدمشق، وبررت الأمم المتحدة إقامة موظفيها بالفنادق بالاحتياطات الأمنية. كما وافق مكتب الأمم المتحدة على صرف مبالغ طائلة على مشاريع داخل مناطق النظام كانت تلك المنح مخصصة لمناطق المعارضة كمنحة الشؤون الإنسانية (OCHA) على منحة قدرها 751,129 دولار لتنفيذ مشروع مياه في المناطق التي يسيطر عليها النظام في حلب لصالح الأمانة السورية للتنمية التي تديرها وتشرف عليها أسماء الأسد وكان ذلك قبل إدراج أسماء ضمن عقوبات قيصر الأخيرة.
ويبدو أن قرار اعفاء السيد “يعقوب الحلو” منسق الشؤون الإنسانية في سوريا من منصبه قبل نحو عام من انتهاء مهمته يأتي في إطار الانتقادات الحادة التي وجهت للحلو شخصياً ولمكتب الأمم المتحدة بدمشق بالانحياز لنظام الأسد وعدم نقل الصورة الحقيقة في تقاريره المرفوعة إلى الأمم المتحدة حيث انتقدت منظمات غير حكومية تقارير الأمم المتحدة التي كانت تتجنب ذكر كلمة “محاصرة ” عند الحديث عن المناطق السورية التي تحاصرها قوات الأسد وميليشيا حزب الله سابقاً قبل سقوطها كالغوطة والزبداني وتم استبدال عبارات الحصار بعبارة “يصعب الوصول إليها” بناء على طلب من وزارة الخارجية السورية وهذا يعني أن تقارير منسق الأمم المتحدة كان يتم تدقيقها من قبل الخارجية السورية قبل رفعها للأمم المتحدة.
كما طالبت 75 منظمة غير حكومية تتمركز في سوريا وتركيا الأمم المتحدة برسالة وجهتها إلى الأمين العام ، بوقف التفاوض بشأن خططها للمساعدة الإنسانية مع نظام الأسد الذي يمارس التجويع الممنهج مع المدنيين لتحقيق أغراض عسكرية، إلا أن الأمم المتحدة لم تستجب لذلك وادعت أن موظفيها يمارسون أعمالهم بحيادية ونزاهة مع جميع الأطراف
إن تقييم التجربة الأممية في سوريا واليمن وليبيا والعراق وغيرها لم تكن مشجعة وأفقدت المنظمة الأممية ثقة الحكومات والشعوب بها على حد سواء ولم تكلل جهودها بالنجاح في هذه الدول رغم ارسال العديد من المبعوثين الخاصين إليها منذ سنوات، كما لم ينجح هؤلاء في منح شعوب هذه الدول بارقة أمل بالخروج من دوامة القتل واللجوء والجوع التي يعانون منها وجل ما يهمهم استمرارهم في مهامهم وعقد المزيد من المؤتمرات الصحفية التي يبيعون الناس فيها أوهام عن شيء يدعى “السلام” غير موجود إلا في مخيلتهم.
لتحميل البحث ملف Pdf:
فساد الأمم المتحدة في سوريا إلى أين؟