رئاسة هادي من المنظور القانوني والدستوري
في 21 فبراير/شباط 2012، صوَّت الناخبون في اليمن لعبد ربه منصور هادي رئيسًا للبلاد، وكان هو المرشح الوحيد مما جعل عملية التصويت أشبه ما تكون باستفتاء على شخصه باعتباره رئيسًا توافقيًّا، وعلى التسوية السياسية التي اختارته والتي أُطلق عليها “المبادرة الخليجية”، وقد نصَّت المادة (20/ت) منها على أن يكون هادي مرشحًا وحيدًا للأطراف الموقِّعة عليها، كما حددت المادة (7/ب) مدة الرئاسة بعامين(2). وقد خالفت تلك الانتخابات المادة (108/د) من الدستور التي تنص على أن لا يقل عدد المرشحين للانتخابات الرئاسية عن 3 مرشحين، كما خالفت أيضًا نص المادة (112) التي تحدد مدة ولاية رئيس الجمهورية بــ7 سنوات(3). ووفقًا لذلك؛ كانت شرعية هادي القانونية ناقصة؛ إلا أنه عوَّضها بشرعية سياسية اكتسبها من خلال تأييد جميع القوى السياسية اليمنية الفاعلة في ذلك الوقت لتلك الانتخابات، إضافةً إلى تأييد جميع الدول المؤثِّرة في اليمن، وتحديدًا الدول الخليجية والولايات المتحدة الأميركية ومباركة مجلس الأمن للمبادرة الخليجية. وخلال مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد خلال الفترة من 18 مارس/آذار 2013 إلى 25 يناير/كانون الثاني 2014، جرى التمديد لهادي عامًا إضافيًّا(4)، ويعتبر ذلك التمديد غير دستوري؛ إلا أنه امتلك شرعية سياسية أيضًا كون جميع القوى السياسية اليمنية كانت ممثَّلة في ذلك المؤتمر، ولم يعترض أحد منها على التمديد.
وفي 22 يناير/كانون الثاني 2015، قدَّم هادي استقالته إلى مجلس النواب(5)، وفق ما يتطلبه الدستور. ولأسباب كثيرة، أهمها مَنْع الحوثيين مجلسَ النواب من الانعقاد، لم يَبتُّ مجلس النواب في أمر الاستقالة، وهو ما جعلها معلقةً حتى تراجع هادي عنها، في 21 فبراير/شباط 2015، بعد هروبه من الإقامة الجبرية التي كان يفرضها عليه الحوثيون في منزلة بصنعاء(6). وقد رفض الحوثيون والرئيس الأسبق، علي عبد الله صالح، الاعتراف بهادي رئيسًا منذ ذلك الوقت، وتعاملوا معه كرئيس انتهت فترته الرئاسية.
وفي 26 مارس/آذار 2015، دشَّنت السعودية وبعض الدول العربية عملية عسكرية كبرى في اليمن أُطلق عليها “عاصفة الحزم”، وقد بُرِّرت هذه العملية على أساس أنها استجابة لطلب الرئيس اليمني من دول مجلس التعاون الخليجي التدخل لإعادته إلى الحكم، وإنهاء استيلاء الحوثيين على السلطة بالقوة. وبعد اندلاع الحرب أقرَّ مجلس الأمن الدولي القرار رقم (2216) الذي أكد فيه على شرعية الرئيس، هادي(7).
ومنذ الحرب الحالية في اليمن وهادي مستقر في العاصمة السعودية، الرياض، ولم يعد لليمن إلا لفترات قصيرة، كان آخرها في عام 2018(8). وخلال تلك الفترة وحتى الإعلان عن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في السابع من أبريل/نيسان الجاري لم يمارس هادي السلطة الفعلية في المناطق التابعة له؛ إذ كانت السلطة الفعلية بيد السعودية والإمارات، بشكل مباشر، أو عبر القوى السياسية والعسكرية التابعة لهما بشكل غير مباشر، واقتصرت سلطة هادي على إصدار قرارات التعيين في الوظائف والمناصب الحكومية، وممارسة الوظائف الرمزية لرئيس الدولة من قبيل استقبال المسؤولين الأجانب، واعتماد السفراء، وغيرها.
من الصعب إذن الاتفاق على شرعية رئاسة هادي للجمهورية اليمنية من الناحية القانونية والدستورية، فكما سبق وذكرنا، فإنَّ انتخابه لمنصب الرئيس لم يتوافق مع نصوص الدستور، وشرعيته السياسية التي اكتسبها من نصوص المبادرة الخليجية ومن مؤتمر الحوار الوطني انتهت في فبراير/شباط 2015، كما أنه تجاوز مدة الـ7 سنوات، وهي مدة الولاية المنصوص عليها في المادة (112) من الدستور اليمني، كما أنه لم يحصل على تمديد من مجلس النواب كما تنص المادة رقم (114) من الدستور، والتي تمنحه شرعية البقاء في المنصب في حال تعذُّر إجراء انتخابات رئاسية. ووفقًا لذلك، فإن شرعيته القانونية من الناحية النظرية كانت ناقصة، منذ البداية؛ فيما شرعيته السياسية لم تعد متينة، خاصة من بعد أن رفضت قوى سياسية كبيرة مثل الحوثيين والرئيس الأسبق، صالح، شرعيته عقب إعلانه الاستقالة، في يناير/كانون الثاني 2015. إضافة إلى ذلك؛ فإنَّ غيابة عن اليمن، وضعف سيطرته أو انعدامها على المناطق التي هي خاضعة رسميًّا لسلطته، أضعفت شرعيته المستندة إلى الأمر الواقع. وكانت الشرعية المتبقية لديه، والتي كان يستند عليها فعليًّا، هي اعتراف العالم الخارجي به كرئيس شرعي لليمن، وهذا الاعتراف أتى بفضل الإرادة السعودية، والتي استخدمت نفوذها لدى دول العالم كي يستمر الاعتراف به رئيسًا للجمهورية اليمنية. وبما أن الأمر على هذا النحو فإنَّ وجوده في السلطة أو خروجه منها كان يعتمد فعليًّا على الرغبة السعودية، وهذا ما تأكد حين جرت إزاحته من قِبَلِها وتشكيل ما يسمى بمجلس القيادة الرئاسي كسلطة بديلة عنه.
سياق نشأة مجلس القيادة الرئاسي
ثمَّة اتفاق شبه عام على أن الحرب التي شُنَّت في اليمن بقيادة السعودية قد فشلت في تحق