التقارب الليبي: كيف تستثمر تركيا في تعزيز وجودها العسكري والاقتصادي؟
في خطوة استراتيجية تعكس التقارب المتزايد بين وزير داخلية حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، عماد الطرابلسي، وعشيرة حفتر، تستفيد تركيا مرتين من هذا الانفراج في العلاقات. يعزز هذا التقارب من وجود أنقرة العسكري في غرب ليبيا ويفتح فرصًا جديدة في المنطقة الشرقية، تحديدًا في برقة.
تمكنت تركيا من لعب دور الوسيط الفعال بين القوى المتنافسة في غرب وشرق ليبيا، مما أسفر عن توقيع مذكرة تفاهم مع حكومة الوحدة الوطنية. تنص هذه المذكرة على التعاون في تدريب أفراد الأمن، وتأتي هذه الصفقة بعد اتفاقية دفاع سابقة وقعتها أنقرة مع حكومة رئيس الوزراء الليبي السابق فايز السراج في عام 2020. كما توفر هذه الاتفاقية لتركيا فرصة لتجربة أنظمة دفاعها الباليستية، نظرًا لوجود قواتها في قاعدة الوطية العسكرية بغرب ليبيا.
تم توقيع مذكرة التفاهم خلال معرض الدفاع “SAHA Expo” الذي أقيم في إسطنبول بين 22 و26 أكتوبر، تحت رعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وشهد المعرض حضور كل من وزير الداخلية الطرابلسي وصدام حفتر، نجل الجنرال خليفة حفتر، مما يمثل علامة واضحة على التقارب بين السلطات في غرب ليبيا وتلك الموجودة في الشرق. هذا التقارب قد يمهد الطريق لتعاون عسكري بين قوات حكومة الوحدة الوطنية والجيش الوطني الليبي الذي أعلن نفسه، وهو ما يأمله الطرابلسي.
لقد كان هذا التقارب يجري التحضير له منذ أشهر، حيث اقترح الطرابلسي في يوليو تشكيل قوة أمنية مشتركة مع عشيرة حفتر في الجنوب. وتسيطر عشيرة حفتر حاليًا على فزان من خلال تحالفات مع المجتمعات المحلية. كما ساعد الطرابلسي، الذي ينحدر من الزنتان، في بدء محادثات بين الجيش الوطني الليبي وقادة ميليشيات طرابلس، بما في ذلك محمود حمزة، قائد اللواء 444، وعبد الغني الككلي، الزعيم البارز لميليشيا غنيوة ورئيس جهاز دعم الاستقرار.
تعتبر العلاقة بين الجيش الوطني الليبي والككلي ذات أهمية خاصة لحكومة الوحدة الوطنية، حيث إن الككلي هو أحد حلفاء رئيس الوزراء عبد الحميد دبيبة، مما يعزز من استقرار الحكومة في طرابلس.
تحولات استراتيجية في العلاقات التركية مع حفتر
في غرب ليبيا، دعمت أنقرة حكومة الوحدة الوطنية منذ توقيع اتفاقية الدفاع والأمن العسكرية في عام 2020، التي أدت إلى نشر القوات التركية في طرابلس لمواجهة هجوم حفتر. وتمكنت تركيا من استخدام طائراتها بدون طيار من طراز Bayraktar TB2، التي تصنعها شركة بايكار التركية، لتوجيه ضربات فعالة ضد قوات الجيش الوطني الليبي المدعومة من مجموعة فاغنر الروسية.
وفي الشرق، يسعى الأتراك، بفضل تحسين علاقاتهم مع عشيرة حفتر، إلى المشاركة في عقود إعادة البناء المربحة التي أطلقها أحد أبناء خليفة حفتر، بلقاسم حفتر، عبر صندوق التنمية وإعادة الإعمار الذي يترأسه. وقد ازدادت قوة عائلة حفتر في السنوات الأخيرة، مما يجعل إمكانية إعادة توحيد الغرب والشرق قابلة للتحقيق، وهي الرسالة التي نقلها وزير الدفاع التركي يشار جولر خلال لقائه مع الطرابلسي وصدام حفتر في إسطنبول.
استطلاع صناعة الدفاع التركية
استغل صدام حفتر أيضًا فرصة معرض تجارة الأسلحة لاستكشاف صناعة الدفاع التركية، حيث زار عدة أجنحة لشركات مثل “أركا للدفاع” و”بي إم سي” و”جانيك”. كما عقد اجتماعات خاصة مع ألبر أوزبيلين، رئيس مجموعة “بافو” المتخصصة في حلول الدفاع والاتصالات الرقمية.
حتى الآن، كانت قوات خليفة حفتر تعتمد بشكل أساسي على شراء المعدات العسكرية من روسيا والإمارات. سيكون توقيع عقد بين مجموعة دفاع تركية وصدام حفتر رمزًا مهمًا في العلاقات الثنائية، نظرًا للماضي المضطرب بين الطرفين.