علوش لـ”مسارات”: حزب الله يمرّ بمرحلة انكماش… وسلاحه لم يعد أداة حاسمة

في حوار خاص أجراه مركز مسارات للتفكير الاستراتيجي مع النائب اللبناني السابق الدكتور مصطفى علوش، أشار إلى أن حزب الله لم يعد يمتلك الزخم نفسه الذي تمتع به لعقود، وأن مؤشرات التراجع باتت واضحة على مستويات عدّة، سواء في أدوات التأثير أو في القبول الشعبي والسياسي داخل البيئة اللبنانية.
يقول علوش إن الحزب، الذي اعتمد في بنيته الأساسية على ثلاث ركائز متماسكة — هي السلاح، والنفوذ السياسي والأمني، والارتباط العقائدي واللوجستي بإيران — بدأ يشهد تآكلًا تدريجيًا في تلك الأعمدة، ما جعله يدخل في ما يشبه “مرحلة الانكماش الاستراتيجي”. فالسلاح، الذي كان أحد أبرز أدوات السيطرة، فقد الكثير من فعاليته في الداخل اللبناني، ولم يعد ورقة ضغط حاسمة على الأطراف السياسية كما في السابق.
ويشير إلى أن مشروع “ولاية الفقيه”، الذي شكل الخلفية الأيديولوجية للحزب، لم يعد قادرًا على التمدد أو فرض نفسه كمرجعية حصرية داخل الدولة، وهو ما انعكس مباشرة على تراجع جاذبية الخطاب السياسي للحزب حتى ضمن بعض قواعده الشعبية.
وعن السيناريوهات المطروحة حول مستقبل الجناح العسكري للحزب، يعتبر علوش أن أي خطوة باتجاه حله أو دمجه في الجيش اللبناني، على غرار ما حدث مع “الحشد الشعبي” في العراق، غير واقعية وغير قابلة للتطبيق في السياق اللبناني. فالحزب قائم في جوهره على بنيته العسكرية، وكل ما هو سياسي فيه ليس سوى واجهة شرعية للهيكل المسلح. كما أن الدمج، وإن طُرح نظريًا، يصطدم بعقبات طائفية وعقائدية تتجاوز البُعد العسكري، نظرًا لطبيعة التكوين اللبناني الحساس.
وفي سياق متصل، يلفت علوش إلى أن إزالة الصور والشعارات من بعض المرافق العامة — ولا سيما طريق مطار بيروت — تُعد مؤشراً معنوياً على تراجع الهيمنة الرمزية للحزب، بعد سنوات من فرض حضور دعائي حمل طابع “الوصاية غير المعلنة”. هذا الانكفاء الدعائي يُظهر تحولًا في إستراتيجية الحزب الداخلية، وربما إدراكًا منه بتآكل أدوات السيطرة المعنوية.
ورغم التراجع الظاهر، لا يزال الحزب يحتفظ ببعض أوراق القوة، وفي طليعتها البيئة الحاضنة التي، رغم تململها المتزايد، لم تجد بعد بدائل سياسية أو تنظيمية كفيلة باستيعابها. ويعتبر علوش أن الفرصة سانحة أمام الدولة اللبنانية لتأمين حدّ أدنى من الأمان الاجتماعي والسياسي لتلك البيئة، مما قد يُسهم في تقليص اعتمادها على الحزب كضامن وحيد.
وعلى الصعيد الخارجي، لا ينكر علوش حجم الضغوط الدولية والعربية التي بدأت تتكثف في الآونة الأخيرة، من خلال ربط المساعدات المشروطة بمدى قدرة الدولة على ضبط قوى الأمر الواقع، في إشارة مباشرة إلى حزب الله. ويؤكد أن هذه الضغوط، وإن كانت مؤثرة، لا تُغني عن ضرورة إيجاد حل داخلي يحمي السلم الأهلي ويمنع تحول الصراع إلى مواجهة مفتوحة داخل الساحة اللبنانية.
ويختم علوش حديثه بالتشديد على أن المرحلة الحالية تتطلب من الدولة أعلى درجات الحكمة والتوازن، بين ضرورات السيادة ومتطلبات الاستقرار، في ظل مشهد إقليمي متشابك يحمل تداعيات مباشرة على الداخل اللبناني.
إعداد: مصطفى الأبوحسنة