هل سيكون هناك فرص للتقارب بين هيئة تحرير الشام والمعارضة السورية ؟
هذه الزيارات التي لم ترتفع لتصل مستوى الرسمية أصبحت خبراً شغل السوريين الذين يتابعون تطورات الملف السوري الأخير مع التحولات التي تدّعيها الهيئة وظهور زعيمها “أبو محمد الجولاني” بشكل علني خاصة اللقاء المثير للجدل مع الصحفي الأمريكي “مارتن سميث”
مركز “مسارات للحوار والتنمية السياسية” حاول الغوص في تفاصيل هذه الأنباء والزيارات وأجرى حواراً مطوّلاً مع الباحث السوري في مركز جسور للدراسات الأستاذ “عبدالوهاب عاصي” والخبير في شؤون الجماعات الجهادية الأستاذ “حسن أبو هنية” بمشاركة العديد من الشخصيات الثورية والسياسية.
وبدأ الصحفي “عبدالقادر لهيب” ميسّر الجلسة حواره بالفصل بين الثورة السورية وهيئة تحرير الشام وطرح سؤالاً على الأستاذ “عبدالوهاب” حول إمكانية انتصار “تحرير الشام” في حربها ضد الجيش الحر والثورة السورية وإمكانية كونها أمراً واقعاً يفرض نفسه اليوم.
وأجاب الأستاذ “عبدالوهاب” أنه لا توجد قوة عسكرية أو اجتماعية أو سياسية تستطيع فرض نفسها على تغيير اجتماعي في ظل ثورة اجتماعية اندلعت سواء في الثورة السورية أو بشكل عام، لذلك لا يمكن أن نعتبر أن الهيئة انتصرت على الثورة لكنها منذ أن ظهرت “جبهة النصرة” حاولت أن تستفيد من الثورة لتعزيز نفوذها ومن ثم السيطرة ثم فرض مشروعها أو الاستفادة من مشاريع أخرى أو السطو عليها، حيث أقصت جميع القوى الثورية واحتوت أخرى وقوّضت نفوذ قوى داخلية كانت شريكة معها كتنظيم القاعدة، حيث تحتاج الآن لإعادة تصدير هذا المشروع على أنه مشروع وطني.
وفي ردّه على سؤال طرحه “لهيب” حول قبول هيئة الجولاني داخلياً وتنظيمياً التقارب مع فصائل كانت تعدّها مرتدة، وهل الفصائل تمسح الماضي مع هيئة تحرير الشام وتجلس معها في خندق واحد، لفت “عبدالوهاب” إلى ضرورة التفريق بين “هيئة تحرير الشام” في شكلها الحالي و “جبهة النصرة” والتي لاتزال البنية الأمنية لازالت ذاتها، حيث اضطرت الهيئة للتغيير بسبب تمسكها في الحفاظ على مصالها ومكاسبها التي حصلت عليها خلال السنوات السابقة “أي أنها تعرضت لتغيير قسري”، مضيفاً أن “جبهة النصرة” بشكلها السابق والتي كانت تضم قيادات من تنظيم داعش وتنظيم القاعدة لم تعد موجودة على حساب التيار البراغماتي والتيار الذي سيطر على الجبهة وهو تيار “أبو محمد الجولاني”
وشدد “عبدالوهاب” على أن الفصائل التي تعرضت لهجمات من قبل الجولاني تخلت عن كل الحساسيات والانتهاكات التي قامت بها الهيئية ضدّها وأي مخاطر محتملة من ملاحقة واعتقال على الحواجز المنتشرة في حال عودتها إلى جبهات القتال وذهبت لتعزيز الجبهات التي أخفقت أو فشلت “تحرير الشام” في تغطيتها أو لم ترغب في تغطيتها خلال الحملة العسكرية الأخيرة التي شنتها روسيا ونظام الأسد مطلع عام 2020، مشيراً إلى وجود مجموعة من الشروط التي تعتبرها الفصائل كاختبار لجدية وحسن نوايا “هيئة تحرير الشام” تتعلق بإعادة السلاح المصادر وإخراج المعتقلين وغنائم معركة إدلب 2015 وكثير من القضايا فيما يخص الوجود العسكري والتمثيل على الجبهات وغيرها.
وخلال مشاركته في الحوار تحدث الأستاذ “حسن أبو هنية” الخبير في شؤون الجماعات الجهادية عن العديد من النماذج والتجارب لجماعات راديكالية كانت توسم بالتشدد ولاحقاً جرت تعديلات على بنيتها التأسيسية أفضت إلى الاندماج مع تشكيلات أخرى مختلفة عنها فكرياً، إذ أن أحد التفسيرات الأساسية في تفسير الحركات الراديكالية هي باعتبارها حركات سلمية أو سياسية مهزومة ما يدفعها “للردكلة” وهي نتاج أوضاع ذات طبيعة سياسية أو عسكرية تُفرض، حيث ظهرت قبل الحركات الجهادية حركات ذات إيديولوجيا يسارية أو يمينية تتحول، فقبل ظهور الفترة الجهادية وخلال الحرب الباردة كان هناك مجموعة من الحركات الراديكالية المصنفة إرهابية كـ “الكونغرش الإفريقي” بزعامة “نيلسون مانديلا” و “الجيش الجمهوري الإيرلندي” وحركة “فارك” في كولومبيا” كأمثلة خارج الفضاء الجهادي، حيث ذهبت بفعل صفقة سياسية مع النظام وبإشراف في بعض الأحيان من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وتم رفعها من قائمة الحركات والمنظمات الإرهابية ثم اندمجت في العملية السياسية.
وأضاف “أبو هنية” أنه وعلى الصعيد الإسلامي الجهادي ظهرت تلك الجماعات بعد الحرب الباردة كـ “الجماعة الإسلامية المسلحة” التي كان يقود فرع القاعدة حسان خطاب في المغرب دخل في برنامج المصالحة رغم أنها لم تدخل ككيان أو كحركة، فيما كانت حركات أخرى في العشرية الجزائرية “مزراق مدني” و “جيش الإنقاذ” وتحولت لأحزاب سياسية، إلى جانب حركات في جنوب شرق آسيا أو أفريقيا وحركة “طالبان” مؤخراً والتي كانت مصنفة كحركة إرهابية أممياً وأمريكياً أوربياً وأصبح الآن هناك حوار مع الحركة في قطر وتم إعادة إدماج هذه الحركات كحركات سياسية، إلا أنه وحتى اللحظة لا يوجد مثل هذه العملية في سوريا.
“لهيب” جدد طرح السؤال على “أبو هنية” حول اتجاه “هيئة تحرير الشام” في المستقبل هل إلى مزيد من الاعتدال والتغيير الكامل، أم ربما تعود للتوحش وسابق عهدها، أجاب “أبو هنية” أنه وبلا شك كل الاحتمالات واردة كسائر الحركات الاجتماعية بصرف النظر عن الإيديولجيا إن كانت دينية أم علمانية، حيث تخضع لاشتراطات الواقع الاجتماعي والعسكري والأمني، حيث دخلت “الهيئة” في العديد من الطرق منذ ارتباطها بتنظيم الدولة في العراق ثم ارتباطها المباشر مع القاعدة ببيعة الظواهري ثم فك الارتباط الشكلي ثم فك الارتباط الواقعي ثم الدخول في عملية براغماتية أو “ثورنة” الحركة والتخلص من الجهادية العابرة للحدود.
وأكد “أبو هنية” أنه الخيارات أمام “الهيئة” هي إما الاتجاه إلى مزيد من “الراديكالية” وبالتالي تعود لبناء إيديولجيتها مرة أخرى بالتقارب مع حركات معولمة أو تنشق بعض الأجنحة الأخرى وتنضم إلى حركات موجودة كتنظيم الدولة أو تنظيم القاعدة أو ينفض بعضها وهو رهن الاشتراطات، مشيراً إلى أن “الأتراك” لا يوجد لديهم حتى الآن مقاربة واضحة للتعامل مع “الهيئة” في وقت تدفع “تركيا وقطر” الهيئة لمزيد من البراغماتية وفك الارتباط بالقاعدة وإدماجها بالعملية السياسية، لكن حتى هذه العملية لا تؤخذ على محمل الجد لأن تركيا والتي تعتبر أكثر الراعين لفصائل الثورة السورية أو ماتبقى منها لا تزال تصنفها كحركة إرهابية.
من جانبه علّق “عبدالوهاب” أن مايعيق “هيئة تحرير الشام” عدم قدرتها أو عدم رغبتها على مفاوضة المعارضة السورية في حوار حقيقي وجدّي تتنازل خلالها عن مطالبها رغم حدوث بعض المحاولات غير المباشرة بفتح الحوار بين الطرفين، لكن الفصائل العسكرية تعتقد أن “الهيئة” غير جادة حتى الآن بتقيدم تنازلات وإعادة الحقوق التي تم سلبها من قبل الفصائل، وسط خشية “الهيئة” من ابتلاع مشروعها في حال التوجه نحو هذا الهدف.
وشهدت الجلسة مشاركات عدّة من قبل المتابعين الذين أشاروا إلى وجود الهيئة وذراعها المدني “حكومة الإنقاذ” وكيفية تمويل هذه التشكيلات.
وختم الأستاذ “عبدالوهاب عاصي” حديثه بالقول إنه يمكن احتواء “هيئة تحرير الشام” بشرط أن تقدّم كل التنازلات للمعارضة السورية وتشترك معها، داعياً إلى احتواء “الهيئة” وعدم التنازل لها.
ويمكنكم متابعة كامل الحوار عبر الرابط التالي:
لقد قامت الثوره ضد ظلم وتعسف نظام الاسد .
فاذا كانت جبهة تحرير الشام لديها سجون تعسفيه اي بدون قانون ولا قضاء وتمارس التغييب القسري فما حاجة الشعب السوري لها ؟
يجب ان يقدم كل طرف معلومات عن نفسه تنفي ممارسات قام الشعب ضدها لتكتسب صيدا شعبيا يمنحها شرعية الثوره أليس كذلك ؟