السياسة الخارجية الأمريكية لسورية
مقدمة:
شهد القرن العشرين تغيرات جذرية برسم السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الدول الفاعلة وكان كل رئيس أمريكي جديد يسعى لتنفيذ استراتيجية خارجية محددة ومختلفة حسب الأدوات والتطورات والاتجاهات والمحددات والعوامل المؤثرة بصنع تلك السياسة والنسق الدولية والعلاقات والأزمات والراهنة
لاحظ الباحثون الثنائية الأمريكية بتعاملها من خلال علاقاتها الخارجية عبر المثالية والواقعية والانعزالية والعالمية
تم إقحام الدول بما فيها الولايات المتحدة في المسألة السورية بل تطورت المسألة لتبدو على أنها ساحة للحرب الباردة بين الولايات المتحدة وروسيا فسورية تختلف تركيبتها الاجتماعية والجيوسياسية عن باقي بلدان الربيع العربي وليس كما ظن السوريون أنهم سيسقطون الأسد ويحكمون دولة يؤدي تغير النظام فيها لتغير جيوسياسي بالمنطقة.
أهمية البحث:
تأتي أهمية المشروع البحثي لدراسة المتغيرات والثوابت والمتناقضات بالسياسة الخارجية الأمريكية التي شهدت في عهد أوباما تجميد الملف السوري والتراجع العسكري لضربات عسكرية أمريكية كانت الولايات المتحدة صرحت عنها بعد مجزرة كيماوي الغوطة 2013 أغسطس والتناقض بأخذ قرارات مصيرية تعبر عن رأي الفرد وتأثير العلاقة الشخصية على القرارات الخارجية وتغير تلك السياسات بوصول الجمهوريين لإدارة البيت الأبيض بعهد ترامب الذي اختلفت سياسته وسنعرض ذلك من خلال دراسة المشروع البحثي.
إشكالية البحث:
تماشيا مع المنطق العام للبحث نستطيع صياغة الاشكال التالي:
هل تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية فرض رؤيتها بالقضية السورية بما يأمن الحفاظ على مصالحها؟
ماهي السيناريوهات المحتملة والمواقف الأمريكية من المقترحات الدولية للحل الأزمة السورية وهل هناك معالم سياسية جديدة لشرق أوسط جديد؟
حدود المشكلة:
باعتبار الأزمة السورية لم تنتهي حتى اليوم هل مثلت الأزمة السورية مشكلة امنية للكيان الصهيوني كون الحدود السورية مع المناطق المحتلة.
منهجية البحث:
اعتمدنا على المنهج النظري ومنهج دراسة الحالة والمفاهيم المتغيرة والمنهج التحليلي الذي يعتمد على تفسير الوضع القائم واتجاه تحليل أنماط الشرعية والمشروعية ومصادرها ويتعدى ذلك تحليل البيانات وتصنيفها واستخلاص النتائج منها
هيكلية البحث:
• المقدمة
– المطلب الأول: محددات السياسة الأميركية تجاه القضية السورية
– الفرع الأول : المحددات والمتغيرات بالسياسة تجاه الملف السوري
– الفرع الثاني : سياسية أوباما تجاه الملف السوري
– الفرع الثالث : قرارات الخارجية الأمريكية بعد مجزرة الكيماوي
– المطلب الثاني : اتجاهات السياسة الأمريكية في عهد ترامب
– الفرع الأول : تخوف السوريين من السياسة الأمريكية بعهد ترامب
– الفرع الثاني : تطور الأدوات للسياسة الأمريكية بعهد ترامب
– الفرع الثالث : السياسة الخارجية بين ترمب وبايدين -تطورات-وتغير بالأدوات والاتجاهات والمحددات.
• الخاتمة.
• النتائج والتوصيات.
• ملخص وتوصيات.
• المراجع.
المطلب الأول:
أولا:
تحظى دراسة المحددات للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه الملف السوري أهمية وفاعلية على الساحة السياسية والإقليمية وزاد وصول ترامب للبيت الأبيض أهمية بالملف السوري لجعله قضية إقليمية تؤثر على مستقبل المنطقة بأثرها
بالوقوف على محطات السياسة الأمريكية منذ بداية الثورة السورية والتي كان الديمقراطيون يحكمون الولايات المتحدة حينها بإدارة أوباما مرواً بتحقيق فوز ترامب ووصوله لدفة الحكم مروراً بنهاية ولايته وبدء ولاية الديمقراطيين مجددا بعهد جوبايدين.
ثانياً:
سياسة أوباما تجاه الملف السوري:
سعت إدارة أوباما منذ توليه الحكم في الولايات المتحدة 2008 لتغير شامل برسم معالم السياسة الخارجية للمنطقة وتجنيب المنطقة الحروب وبعد إندلاع الثورة السورية مطلع 2011 كانت تصريحات الخارجية الأمريكية التي تعبر عن إيمانها وقناعتها بالتحول الديمقراطي وتحرر شعوب الشرق الأوسط ولا سيما سورية إلا أن جهود سياسة أوباما بتعاملها مع الملف السوري كانت ضمن منهجية الحفاظ على أمن إسرائيل ومكافحة الإرهاب بعد إعلان قيام الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا وظهور الحركات الجهادية مع التصريحات الأمريكية الرسمية بالتدخل العسكري لمحاربة الإرهاب ودعم بعض فصائل الموك وهي غرفة عمليات في الأردن تديرها الولايات المتحدة مع بعض الدول العربية لتدريب فصائل سورية تصنفها الولايات المتحدة على أنها معتدلة لمحاربة الإرهاب بدى المشهد واضح بتغير السياسة الخارجية في زمن بوش الذي أعلن محاربة الإرهاب بجيوش وبوارج وطائرات كلفت الولايات المتحدة أرقام باهظة التكاليف وعددا كبيرا بالضحايا بين صفوف المقاتلين الذين دخلوا كل من أفغانستان والعراق تلك الفترة إلا أن السياسة الجديدة التي تسعى لحماية أمن إسرائيل وتقويض ايران بالمنطقة وعدم ترك الساحة منفردة لروسيا كانت ضمن تكتيك يختلف عن سابقته فقد قامت الولايات المتحدة بتدريب الفصائل السورية دون التدخل المباشر لقتال تنظيم الدولة والقاعدة في سورية واكتفت ببعض الضربات الجوية المحدودة
ثالثاً:
كذلك لم يختلف الوضع بعد تصريحات الرئيس الأمريكي بعد مجزرة الغوطة الشهيرة والتي قام النظام بها في أغسطس 2013 بقصف الغوطة الشرقية قرب دمشق بقذائف تحمل غاز السارين الكيماوي المحرم دولياً وبعد وصول صور الضحايا لوسائل التواصل صرحت الأمم المتحدة بضرورة دخول لجنة دولية مختصة لمراقبة الوضع وخلال أيام قليلة دخلت اللجنة الدولية لتقصي الحقائق والتي كشفت على المواقع المستهدفة وحصلت على العينات والمصابين واستمرت على مدى أيام لتقدم تقريرها بتأكيد استخدام الغازات الكيماوية وهنا كانت التصريحات الرسمية لأوباما والبيت الأبيض بضرورة معاقبة النظام عسكرياً لاستخدامه السلاح المحرم دولياً
وجاء كلام أوباما متزامناً مع عدة تقارير صحفية ودراسات من المعاهد الأمريكية، بناءاً على تقارير استخباراتية أمريكية عن وجود نشاط متزايد في مخازن الأسلحة الكيميائية السورية
وكان الرئيس الأميركي “أوباما” قد صرح في 3 كانون الأول 2012 بأن الولايات المتحدة لن تقبل استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية، وستكون هناك تبعات لاستخدام كهذا، وبشكل مباشر يقول وايت “وعلى الرغم من إصدار واشنطن تحذيرات مماثلة في الماضي، إلا أن الوضع قد تغير، حيث يتعين على الإدارة الاستعداد لاختبار تصريحاتها”
بعد التصريحات الرسمية الأمريكية لضرب معاقل النظام بدمشق ومعاقبته وتواجد البوارج الأمريكية بالمتوسط يتحدث رئيس المجلس السوري الأمريكي عن قرار اتخذ بشكل منفرد دون الرجوع حتى لوزير الدفاع الأمريكي بأخذ قرار التراجع عن ضرب معاقل النظام السوري بدمشق وكان هذا التغير المفاجئ للسياسة الخارجية للولايات المتحدة تغيرا غير مفهوم للمحللين إلى أن بعض مراكز الدراسات تحدثت عن صفقة سرية لوقف الضربات الأمريكية ضد النظام السوري
الفرع الأول: تخوف السوريين من السياسة الأمريكية بعهد ترامب
خلال فترة التحضير للانتخابات الأمريكية 2016 تخوف السوريون من ترشح دونالد ترامب أمام هيلاري كلنتون وكان موقف المعارضة السورية بتفضيل هيلاري كلنتون لخبرتها بالملف السوري ولأن الديمقراطيين وسياساتهم الخارجية كانت معتدلة أكثر من الجمهوريين إلا أن التغير الحقيقي بوصول ترامب للسلطة غير قناعات السوريين تجاه دعم الملف السوري وفرض عقوبات جديدة على النظام وكان أكثر حسما وجدية بضرب مقرات النظام وايران في سوريا حيث صرح ترامب عن استراتيجيات جديدة بالسياسة الخارجية تجاه الملف السوري وهي القضاء على الإرهاب ومواجهة التمدد الإيراني وانتقال سوريا بمرحلة جديدة دون بشار الأسد .
الفرع الثاني: تطور الأدوات للسياسة الأمريكية بعهد ترامب
إن تطور المشهد للسياسة الخارجية تجاه الملف السوري كان واضحا ومختلف جذريا عن السياسة التي انتهجها أوباما تجاه الملف السوري في أكثر من محور أهم تلك المحاور أن الإدارة الجديدة المتمثلة بترامب كانت تترجم تصريحاتها لأفعال تجاه حقيقة موقفها من الإيرانيين في سوريا وهذا مالم يتم تحقيقه ضمن إدارة أوباما التي خفضت عن العقوبات الأمريكية تجاه طهران وسمحت لها بإعادة تخصيب نسبة محددة بالملف النووي وعدم السماح لأي جهة دولية باستهداف المصالح الإيرانية في سورية الأمر الذي بات يعرف بتوصل أوباما بإنجاز سياسي خارجي لاتفاق خطة عمل مشتركة مع طهران وهو الاتفاق النووي الايراني الأمر الذي تغيرت فيه ملامح السياسة الجديدة التي انتهجها ترامب حيث قامت الإدارة الجديدة بعد وصول ترامب للبيت الأبيض فرضت إدارة ترامب الجولة الأخيرة من العقوبات على إيران، التي تشمل عقوبات مصرفية، وتعدّ موجهة بشكل أكبر نحو خلق ظروف صعبة لاستئناف الاتفاق النووي الإيراني، إذ استهدفت حوالى 16 مصرفاً إيرانياً في القطاع المالي الذي يتعرض للعقوبات منذ سنوات والتي أعاد دونالد ترامب فرضها وقوض من التمدد الإيراني في سوريا حيث بدأت طائرات التحالف والطيران الإسرائيلي والطيران المجهول الذي لم تحدد جهته قام بقصف مئات المواقع الإيرانية في سوريا وأسفر عن مقتل المئات من قادة الميليشيات الإيرانية والعراقية الطائفية التي تشارك بقتل الشعب السوري أيضا في خضم التغيرات السياسية الأمريكية تجاه الملف السوري تفعيل قانون عقوبات عرف بقانون قيصر وهو القانون الذي جمده أوباما خلال عهده وفعله ترامب والذي استهدف به أركان النظام السوري وشخصية الرئيس السوري وزوجته ورجال أعماله المتورطين بجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات وتمويل شبيحة وميليشيات طائفية متهمة ومدانة بجرائم ضد الشعب السوري منذ 2011 القانون الذي جمد ملايين الدولارات ولاحق النظام السوري لداخل سورية ولبنان ودول العالم.
المطلب الأخير: السياسة الخارجية بين ترمب وبايدين -تطورات-وتغير
بالأدوات والاتجاهات والمحددات.
قد يصعب علينا تحليل وتخمين وتفسير المحددات والتطورات بدقة بوصول بايدين للبيت الأبيض ومحاولة تفسير اختلاف محددات واتجاهات السياسة الخارجية تجاه الملف السوري لأنه وضمن كتابة البحث لم تستلم الإدارة الجديدة مهمتها بإدارة الولايات المتحدة ولكن ضمن تفسير السياسة الخارجية لأوباما خلال الأعوام الأولى للثورة السورية نستطيع تفسير وتحليل ودراسة بعض المؤثرات والتغيرات للرئيس الديمقراطي الجديد والزميل الذي كان نائبا لأوباما
لكن وضمن اتصالات مع بعض الناشطين السوريين الأمريكيين في الولايات المتحدة كانت هناك تأكيدات توصيات رسائل وصلت للإدارة الجديدة المتمثلة ببايدين بالتعامل بطريقة مختلفة خلال السياسة الخارجية للملف السوري وتصحيح أخطاء أوباما والتي كانت نتيجتها الكثير من الدماء والتهجير لا يمكن التعاطي من قبل بايدين بالملف السوري بسهولة لأن الملف السوري يحمل أعباء سياسية وعسكرية لإدارتين أمريكيتين سابقتين لكن التغيرات التي قد يعتقدها البعض عن سياسة الخارجية السابقة نستطيع تلخيصها بأن الإدارة الجديدة ستطرأ عليها تغيرات جديدة بالملف السوري لسوء العلاقة بين جوبايدين وتركيا والتي ستتأثر سلباً على الملف السوري
أيضا العلاقة المتينة بين جوبايدين وقسد والامر الذي سيزعج تركيا ويؤثر على الملف السوري أيضا العلاقة الدبلوماسية بين بايدين وطهران والتي ترتسم بالسياسة التي ترمي لعدم الاصطدام مع طهران وبالتالي عدم تقويض التمدد الإيراني في سوريا
ولا ننس أن بايدن كان نائبا لأوباما أثناء تراجع التدخل الأمريكي عسكريا وقصف معاقل النظام بعد مجزرة كيماوي الغوطة وترك الساحة لروسيا وايران
بالطبع هناك الكثير من القضايا التي لاحظها المتابعون بوجود اختلافات ونقاط مشتركة بين الادارتين من خلال السياسة الخارجية والملف السوري
وبعد أن قمنا ذكر أهم النقاط التي اختلفت بها تلك السياسات سنقوم بسرد بعض اهم النقاط التي توافقت عليها كل من الإدارتين الامريكيتين من خلال السياسة الخارجية للملف السوري فكلى الفريقين يتفق على عدم تدخل أمريكي عسكري مكلف بالأموال والأرواح وكان لهم عبرة بالعراق وأفغانستان كما كلى الفريقين يتفق على إقرار دستور سوري ضمن حل ورؤية سياسية مشتركة ويصر الفريقين على وجود قوات أمريكية بعدد قليل في شرق الفرات ومنطقة التنف بالبادية السورية لحماية حقول النفاط والمصالح الأمريكية في سورية وقيادة عمليات محاربة الإرهاب
من المحتمل أيضا ان الإدارة الجديدة ستمسح بدخول دفعة جديدة للاجئين السوريين للولايات المتحدة .
ملاحظة:
سيتم نشر الجزء الثاني والآخير من البحث بملف ثاني يوضح معطيات ونتائج وملخص البحث