الدراسات والبحوث

قمة الناتو 2030 تطلق مواجهة مفتوحة بين الغرب والتحالف المضاد له

الملخص

● من المرجح أن يظل “التحالف المناهض للغرب” بقيادة الصين وروسيا قوة كبيرة في السياسة الدولية في المستقبل المنظور. لذلك، اتفق قادة حلف “الناتو” على أهمية تكاتف أوروبا وأميركا الشمالية لمواجهة روسيا والصين كأولوية خلال العقد الجاري. فبالإضافة للصعود الصيني الاقتصادي، توسع الصين ترسانة نووية متطورة، وتقترب من الناتو في المجال السيبراني، وتتوسع في أفريقيا والمحيط المتجمد الشمالي. ومع وجود روسيا أكثر حزما، بات التحول في ميزان القوى يشغل قادة الناتو أكثر من أي وقت مضى.
● على الرغم من أن روسيا والصين، وغيرهما من الدول المناهضة للغرب، مازالت لا تمثل “تحالفا” بالمعنى العسكري التقليدي مقارنة بالناتو، إلا أن هذه الدول باتت أكثر جدية في التصدي للنفوذ الغربي في مناطقها الحيوية، معتمدة على تطوير آليات وشراكات تجارية اقتصادية وأمنية. كما تعمل الدولتان على خلق بدائل لأدوات الهيمنة الغربية الاقتصادية. لذلك، من المرجح في السنوات القادمة أن يتعزز الاستقطاب الدولي بين هذا التحالف وبين الغرب، كما سيعمل على تغيير اصطفاف أطراف محورية مثل تركيا.
● يتوقع أن تزيد التحديات التي يفرضها “التحالف المناهض للغرب” من حدة التنافس الدولي حول مناطق النفوذ وحول استقطاب حلفاء ووكلاء إقليميين، الأمر الذي سيخلق مزيج من الفرص والتهديدات للأطراف الإقليمية في الشرق الأوسط. وسيكون عليها إذا أرادت ممارسة سياسة خارجية مستقلة أن تقدّر التباينات بين هذين المحورين، وأن تطور أجندة إقليمية مشتركة تحقق مصالحها وتجنبها الارتهان لدعم القوى الدولية الذي سيحد من خياراتها السياسية.

الناتو 2030: حتى يكون التحالف القوي أقوى

في ديسمبر 2019، طلب قادة الناتو من الأمين العام “ينس ستولتنبرغ” قيادة عملية تفكير استشرافية لتعزيز الناتو للتأكد من أن الحلف سيظل جاهزًا وقويًا وموحدًا. وبعد مشاركة واسعة من خبراء ومنظمات مجتمع مدني وبرلمانيين والقطاع الخاص، حدد “ستولتنبرغ” في يونيو 2020 أولويات لحلف ناتو 2030: التأكد من بقاء الناتو قويًا عسكريًا، وأن يصبح أقوى سياسيًا، وأن يتبنى نهجا أكثر عالمية. وأخيرا، في قمة الناتو 2021 في بروكسل، 14 يونيو/حزيران الماضي، وافق قادة الناتو على أجندة الناتو 2030 المقترحة (حتى يكون التحالف القوي أقوى Making A Strong Alliance Even Stronger) لتعزيز الحلف على مدى العقد المقبل وما بعده، بهدف التكيف مع: المنافسة العالمية المتزايدة والتهديد النابع من روسيا والصين، التهديدات خاصة “الإرهاب”، الهجمات الإلكترونية والتقنيات التخريبية، وتغير المناخ.

بينما يناقش تقرير أولويات حلف الناتو 2030 التحديات المتزامنة التي تطرحها الصين وروسيا، يشير بيان قمة الناتو 2021 في بروكسل صراحة إلى التعاون العسكري الصيني الروسي، في إشارة إلى القلق من أن البلدين قد يشكلان شبه تحالف في المستقبل. علاوة على ذلك، وبينما تركز الكثير من التعليقات حول القمة على الصين، من الواضح أن روسيا لا تزال في طليعة أذهان قادة التحالف كتهديد مباشر. حيث تم ذكر روسيا 63 مرة، والصين عشر مرات فقط. البيان لم يصل إلى حد وصف الصين بأنها تهديد مباشر للحلف، إلا أنه أشار إلى توافق آراء قوي بين أعضاء الناتو بشأن التحديات المختلفة التي تطرحها الصين.

تعزيز الردع وبقاء الناتو قويا: في القمة، وافق قادة الحلفاء على تعزيز الردع والدفاع وتحديث القدرات، للدفاع عن جميع الحلفاء وحمايتهم ضد أي تهديد في أي وقت. وأكدوا من جديد التزامهم بالحفاظ على مزيج مناسب من القدرات الدفاعية النووية والتقليدية والصاروخية. وجددوا التزامهم بالاستمرار في السعي إلى تلبية التوجيهات المتفق عليها لإنفاق 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع و20٪ من الإنفاق الدفاعي السنوي على المعدات الجديدة الرئيسية بحلول عام 2024.

دور سياسي أوسع: اتفق قادة الحلف على تعميق وتوسيع المشاورات السياسية داخل الناتو. والتزموا بمواصلة التشاور بشأن قضايا مثل الحد من التسلح وتغير المناخ والأمن والتكنولوجيات الناشئة والمدمرة؛ واتخاذ خطوات لإعادة إجراء المشاورات حول المسائل الاقتصادية المتعلقة بالأمن، مثل ضوابط التصدير ونقل التكنولوجيا. كما وافق الحلفاء على عقد اجتماع إضافي لوزراء الخارجية كل عام، ومزيد من المشاورات مع الحلفاء بأشكال مختلفة، بما في ذلك مع مستشاري الأمن القومي، سعيا إلى مواقف متماسكة قبل الاجتماعات الدولية مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجموعة العشرين. يستهدف توسيع جدول أعمال المشاورات السياسية، تعزيز دور الناتو باعتباره المنصة التي لا غنى عنها للمشاورات عبر الأطلسي حول الأمن والدفاع، ويضمن أن أوروبا وأمريكا الشمالية يمكنهما معالجة مجموعة واسعة من التحديات معًا.

الحفاظ على التفوق التكنولوجي: وافق الحلفاء على إطلاق مُسَرِّع ابتكار دفاعي مدني-عسكري جديد لمنطقة شمال الأطلسي (DIANA)، لتعزيز التعاون عبر الأطلسي بشأن التقنيات الحيوية، وتعزيز قابلية التشغيل البيني وتسخير الابتكار المدني من خلال المشاركة مع الأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص. ستضم DIANA مكاتب ومراكز اختبار عبر التحالف، وستدير قاعدة بيانات لمصادر الاستثمار الموثوقة. وافق الحلفاء أيضًا على إنشاء صندوق ابتكار الناتو الممول متعدد الجنسيات، للاستثمار في الشركات الناشئة التي تعمل على التقنيات ذات الاستخدام المزدوج والناشئة والمضطربة. تقر الاستراتيجية صراحة أن الناتو لم يعد بإمكانه اعتبار تفوقه التكنولوجي أمرًا مفروغًا منه، خاصة مع سعي الصين لأن تصبح القوة الرائدة في العالم في مجال الذكاء الاصطناعي في العقد المقبل. لذلك، فإن الناتو مصمم على البقاء في الطليعة. في السنوات الأخيرة، كثف الحلف عمله لضمان تفوقه في سبع تقنيات رئيسية تخريبية/معطلة “Disruptive Technologies”: الذكاء الاصطناعي، البيانات والحوسبة، التحكم الذاتي، التقنيات التي تدعم الكم، التكنولوجيا الحيوية، التكنولوجيا فوق الصوتية، والفضاء.

التمسك بالنظام الدولي المؤسس على القواعد: اتفق قادة الناتو على تعزيز علاقات الحلف مع الشركاء ذوي التوجهات المماثلة خاصة الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية وصياغة ارتباطات جديدة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. وسيظل الناتو أيضًا ملتزماً بجواره المباشر وتجاه البلدان التي تتطلع إلى عضوية التحالف مؤكدا على أهمية سياسة الباب المفتوح. لكي يظل الناتو ناجحًا، تؤكد الاستراتيجية على ضرورة تبني نهج أكثر عالمية لمواجهة التحديات لأمن الحلفاء، وتعزيز مساهمة الحلف في الحفاظ على النظام الدولي القائم على القواعد في مواجهة ضغوط روسيا والصين، والجهات التي لا تشارك دول التحالف نفس القيم.

مناهضو الغرب … “تحالف” رخو بلا مأسسة

لا يعكس مصطلح “التحالف المناهض للغرب” تحالفا بالمعنى المؤسسي مقارنة بتحالف “الناتو”، كما لا يتم استخدام هذا المصطلح بشكل رسمي من قبل الحكومات الغربية. لكنّه أصبح متعارفا عليه في الأوساط الأكاديمية ومراكز الأبحاث والأدبيات الغربية. حيث يشير إلى الجهات التي تراها الحكومات والمؤسسات الغربية تهديدا لهيمنة الغرب ولنمط الثقافة الليبرالية واقتصاد السوق وقيم الغرب الديمقراطية. ويتم تعريف “مناهضة الغرب” من قبل مراكز الأبحاث الغربية والأوساط الأكاديمية بطريقة سياسية وأيديولوجية وتاريخية. حيث تتسم البلدان المصنفة ضمن “التحالف المناهض للغرب” بأنظمة سياسية سلطوية مستبدة غير ليبرالية، وأنظمة اقتصادية تهيمن عليها الدولة، ومعارضة قومية أو أيديولوجية لـ”القيم الغربية”، بالإضافة إلي تبني سياسات خارجية تقاوم محاولات الغرب الترويج لأنظمته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

ليس من المفاجئ أن بلدان هذا التحالف الرئيسية هي الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، بالإضافة إلى دول أضعف وأقل تأثيرا في السياسة الدولية مثل سوريا، فنزويلا، كوبا، بيلاروسيا، صربيا، إريتريا، وزيمبابوي. كذلك، لا تتجاهل الأدبيات الغربية في حساباتها لتحديد هذا “التحالف” المنظمات من غير الدول مثل حزب الله اللبناني وحركة حماس وحركة طالبان، بالإضافة إلى كيانات دون وطنية لا تتمتع باعتراف دولي مثل جمهوريتا أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية في جورجيا، جمهورية ترانسنيستريا في مولدوفا، وجمهورية صرب البوسنة في البوسنة والهرسك.

برز ما يعرف بـ”التحالف المناهض للغرب” رويداً رويداً منذ العقد الأول من الألفية الثالثة، حين بدأت الصين تصبح قوة اقتصادية كبرى وبدأت روسيا تستعيد نفوذها الجيوسياسي خاصة في حرب جورجيا عام 2008. علاوة على ذلك، فإن تراجع شهية الولايات المتحدة لشن الحروب بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008/2009 والمآزق العسكرية في أفغانستان والعراق قد منح روسيا والصين المزيد من الفرص لتشكيل نفوذ دولي بحكم الواقع. وقد ثبت أنَّ هذا مفيد بصفة خاصة لإيران وكوريا الشمالية، اللتين واجهتا العزلة سابقاً حين كانت الصين وروسيا أضعف من أن تدعماهما في مواجهة الضغط الأمريكي. وبينما تُصعِّد الولايات المتحدة من جهة والصين وروسيا من جهة أخرى التنافس الجيوسياسي على مستوى العالم، فإنَّ هناك احتمالات لأن يصبح النظام الدولي منقسماً بشكل متزايد، الأمر الذي يضع بحكم الواقع البلدان التي تصطف إلى جانب الصين أو روسيا ضمن المعسكر المناهض للغرب.

ليس من المتوقع حدوث تغير كبير في مواقف البلدان الرئيسية في التحالف المُفتَرَض المناهض للغرب –الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية- بدون حدوث تغير مزلزل في أوضاعها السياسية الداخلية، مثل حدوث تغير في النظام، أو صعود فصائل لها رؤى عالمية مختلفة تماماً إلى المستويات العليا لصانعي القرار.

أما البلدان الأخرى المناهضة للغرب، مثل بيلاروسيا وفنزويلا، فإنَّها أضعف من أن تتحدى المصالح الغربية بصورة حقيقية بمفردها، وتُعتَبَر إلى حدٍ كبير “مصادر إزعاج” وليست تهديدات أمنية. الأعضاء الأصغر والأكثر هامشية قد يُغيِّرون انتماءاتهم، بحسب ما يرون أنَّه أفضل ما يخدم مصالحهم، كما في حالة السودان مؤخرا.

سيكون التوجه الجيوسياسي المستقبلي لتركيا حاسماً للمعسكرين الغربي والمناهض للغرب، لأنَّ تركيا لديها عدد كبير من السكان واقتصاد وجيش كبيرين، وتحتل موقعاً بالغ الأهمية من الناحية الاستراتيجية بين أوروبا والشرق الأوسط وغربي أوراسيا. ومع أن تركيا عضو قديم في الناتو، لكنَّها خلال العقد المنصرم في خلاف مع شركائها الغربيين، لأسباب متعددة. لكنّ الحكومات الغربية حتى الآن حذرة بشأن اتخاذ مواقف متشددة تجاه تركيا، خشية أن يدفع ذلك أنقرة للخروج من الناتو و/أو إقامة علاقات أعمق مع روسيا والصين. من جانبها، لا ترغب تركيا أصلا في القطيعة مع الغرب، لأنَّ هذا قد يضر باقتصادها وبيئة الأعمال فيها. كما أنها في تنافس تاريخي مع روسيا. في الواقع، تحاول تركيا وحلفائها الغربيين منذ مطلع 2021 تحسين علاقاتهما، وإعادة الاستقرار للشراكة الاستراتيجية التي تخدم مصالح حيوية للطرفين؛ لكن احتمالات التوتر مازالت قائمة، وهو ما يعطي فرصا لروسيا والصين لتعزيز علاقاتهما مع أنقرة. لكنّ المرجح في المدى المنظور، أن تظل علاقة تركيا بالغرب علاقة شراكة استراتيجية، بينما تقف العلاقة مع روسيا والصين عند حدود التعاون.

بدائل نحو التحرر من نظام الهيمنة الغربية

أولا: ترتيبات تجارية وأمنية

على الرغم من أن للصين وروسيا مصلحة قوية في دعم وتعزيز “تحالفهما” غير الرسمي بهدف مقاومة الضغوط المتزايدة من الغرب، فإن ما تصفه الأدبيات الغربية بـ“التحالف المناهض للغرب” ما يزال رخوا ويفتقر إلى أطر العمل المؤسسية، بعكس الغرب. لكنَّ هذه الأطر قد تظهر تدريجياً في صورة ترتيبات تجارية وأمنية جديدة تتمحور حول الصين وروسيا. وأقرب مكافئ لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في نصف الكرة الشرقي هو “منظمة شنغهاي للتعاونShanghai Cooperation Organisation “، وهو تجمع أمني يتألف من الصين وروسيا ومعظم دول آسيا الوسطى وباكستان والهند وعدة دول أخرى. لكنَّ منظمة شنغهاي للتعاون تمثل إطارا فضفاضا ليس قريبا بأي شكل من الأشكال من التطور المؤسسي للناتو، ومن المرجح أن تعاني كي تُعمِّق التعاون الأمني بالنظر إلى التنافس بين الصين والهند وبين الهند وباكستان، بل وبين الصين وروسيا أيضا.

وتُعَد “مبادرة الحزام والطريق” مظلة أخرى فضفاضة تجمع العديد من البلدان المناهضة للغرب معاً، لكنَّها ليست منظمة في حد ذاتها، فضلا عن كونها تضم الكثير من البلدان الصديقة والحليفة للغرب، بما في ذلك العديد من أعضاء الاتحاد الأوروبي. الأمر نفسه ينطبق على “البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية” المدعوم من الصين. لكن عموماً، كي يتحدى الهيمنة الغربية، لا يحتاج “التحالف المناهض للغرب” في البداية بالضرورة إلى تطوير أطر عمل متعددة الأطراف. بل يمكن تحقيق أهدافه من خلال الترتيبات الثنائية بين الصين و/أو روسيا والبلدان الأخرى. ومع ذلك، من المتوقع ظهور مؤسسات أمنية واقتصادية جديدة تهيمن عليها الصين وروسيا في نهاية المطاف استجابةً لتصاعد الضغط الغربي على بكين وموسكو. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يزيد التكتل التجاري المعروف باسم “الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة” Regional Comprehensive Economic Partnership نفوذ الصين في منطقة المحيطين الهادي والهندي. ولا تُعَد الشراكة بأي حال من الأحوال هيكلاً مناهضاً للغرب، إذ إنَّ معظم الأطراف المُوقِّعة عليه حلفاء غربيون. لكنَّ استثناء الولايات المتحدة والهند من الشراكة قد يؤدي تلقائياً إلى تقليص النفوذ الغربي في المنطقة مقابل تعزيز نفوذ الصين الاقتصادي.

ثانيا: تطوير أطر مالية مستقلة

سيحاول “التحالف المناهض للغرب” تطوير أطر عمل مالية بديلة لتقليص اعتماده على النظام المالي الدولي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، لكن من المستبعد تحقيق هذا خلال السنوات القليلة القادمة. في الواقع، يُرجَّح أن يبقى الدولار الأمريكي مهيمنا في العالم على مدار العقود القليلة المقبلة. ومع ذلك، قد تسعى الصين للتدويل التدريجي لعملتها اليوان من خلال مبادرات مثل “البترويوان”، أي استخدام اليوان لدفع عقود واردات النفط طويلة الأجل بدلاً من الدولار الأمريكي. وبدأت الصين الترويج للبترويوان في 2017 بدعم من إيران وروسيا وفنزويلا. لكنَّ العقبات الرئيسية أمام تدويل اليوان هي استخدامه الضئيل جداً عالمياً ونقص سيولته، وتردد الصين في الفتح الكامل لحسابها الرأسمالي.

بالإضافة إلى ذلك، ستجد الصين وروسيا أكثر فأكثر سبلاً لتجاوز العقوبات الغربية المفروضة عليهما وعلى الدول الصديقة مثل إيران وكوريا الشمالية. وستسعيان للتعجيل بتطوير بديل لنظام “سويفت – SWIFT” (جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك)، نظراً إلى أنَّ إيران قد استُبعِدت بالفعل من سويفت منذ 2018 وباتت الشركات الصينية والروسية تشعر بأنَّها مُهدَّدة باحتمالية تعرضها لاستبعاد مماثل. إنَّ التصور السائد في بكين وموسكو هو أنَّ نظام سويفت، ومقره بلجيكا، يخضع للضغوط الأمريكية والأوروبية، وبالتالي يُعَد أداة هيمنة غربية. لذلك، أطلقت الصين نظام “CIPS” (نظام الدفع عبر الحدود بين البنوك) و”نظام خدمات المقاصة والتسوية” في عام 2015 للمساعدة في تدويل استخدام اليوان. ويخضع نظام “CIPS” لإشراف “بنك الشعب الصيني”، وكان يحوِّل 135.7 مليار يوان صيني (21.1 مليار دولار أمريكي) يومياً في عام 2019، بمشاركة من 980 مؤسسة مالية في 96 بلداً ومنطقة. يشمل هذا 30 بنكاً في اليابان، و23 بنكاً في روسيا، و31 بنكاً من دول إفريقية تتلقى تمويلات باليوان لأجل مشروعات بنية تحتية مرتبطة بمبادرة الحزام والطريق. وتتمثل إحدى المزايا للدول التي تستخدم نظام “CIPS” في أنَّه يمكن تحويل المعاملات دون إبلاغ الولايات المتحدة، التي تراقب نظام سويفت كجزء من جهودها لتتبع تمويل الإرهاب.

ومع هذا، مازال من الصعب تصور تحالف بالمعنى التقليدي بين روسيا والصين. كما أن التحالف الاقتصادي بينهما سيظل محدود وغير متكافئ في ضوء الضعف الاقتصادي الروسي وقوة الصين. لكن من المرجح تصور تحالف واحد، التعاون حول سلسلة من السياسات والإجراءات المنسقة والتي تهدف إلى إضعاف أو إعاقة العدو الرئيسي لكليهما، الولايات المتحدة، وبالتالي تقليل ضغط واشنطن وحلفائها عليهما

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: