ليست الأولى، ولكنها الأخطر.. ما وراء استهداف الحوثيين للإمارات؟
• أعلن الحوثيين يوم الإثنين، السابع عشر من يناير/ كانون الثاني 2022، مسؤوليتهم عن استهداف مطار أبوظبي الدولي والمنطقة الصناعية المجاورة، بطائرات مسيرة، في هجوم أسفر عن انفجار ثلاث شاحنات وقود في منطقة المصفح الصناعية بأبو ظبي، وتسبب في مقتل ثلاثة مقيمين، بالإضافة إلى حدوث حريق في موقع إنشاءات بمطار أبو ظبي الدولي. ليس هذا هو الهجوم الأول الذي استهداف الإمارات ومصالحها مؤخرا؛ حيث استولى الحوثيون على سفينة شحن إماراتية مطلع الشهر الجاري. وعلى الرغم من هجمات أخرى محدودة، مثل تعرض سفينة إسرائيلية لهجوم قرب ميناء الفجيرة الإماراتي في أبريل 2021، وتعرض أربع سفن تجارية لهجوم بمياه الخليج العربي أمام ميناء الفجيرة في مايو 2019؛ إلا أن هذا هو الهجوم الأول الذي يستهدف العمق الإماراتي منذ أن أعلنت الإمارات انسحابها من العمليات في اليمن ضد الحوثيين عام 2019.
التحليل
• من المرجح أن يكون الهجوم الحوثي انتقاما مباشرا عقب التطورات الميدانية التي شهدتها اليمن في شهر يناير الجاري، والتي كان لأبو ظبي دورا بارزا فيها. حيث شنت القوات الموالية للحكومة اليمنية المدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية والإمارات، هجوما على مناطق سيطرة الحوثيين في محافظة شبوة. وتمكنت القوات، وفي القلب منها “ألوية العمالقة” الجنوبية المدعومة إماراتيا، من استعادة السيطرة على جميع مديريات المحافظة في 10 يناير كانون ثاني الجاري. وتعد هزيمة الحوثيين في محافظ شبوة هي الخسارة العسكرية الأبرز في معاركهم مع قوات التحالف العربي منذ سنوات، حيث إن سيطرة التحالف على شبوة ربما تقود إلى تغيرات مهمة ميدانيا وتمهد الطريق لتقدم التحالف شمالا تجاه جنوب مدينة مأرب، ومواجهة الحوثيين الراغبيين في السيطرة على المدينة الاستراتيجية والغنية بالنفط.
• من اللافت أن يأتي هذا التصعيد رغم الخطوات الجدية التي اتخذتها الإمارات وإيران لتطبيع العلاقات، والتي بدأت بإعادة تموضع الإمارات في اليمن، وبلغت ذروتها في زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي طهران الشهر الماضي. لا يعكس الهجوم انهيار مسار التفاهمات على الأرجح، لكنه يشير إلى أن هذه التفاهمات ليس شاملة وأنها مازالت قيد التطور. كما أنه يشير إلى تطور قدرات الحوثيين نسبيا، وتمتعهم بقدر من الاستقلال الميداني في إدارة العمليات وانتقاء الأهداف التي لا تتعارض مع أولويات إيران في المنطقة، حيث استهدف الحوثيون من الهجوم توجيه رسالة إلى أبوظبي بأن إعادة تورطها مرة أخرى في معارك اليمن يعني أن العمق الإماراتي لن يكون بمنأى عن الحرب.
• وسواء كان الهجوم قرارا حوثيا خالصا أم تم تنسيقه مع إيران، فإن الهجوم ضد الإمارات لا يمكن فصله عن إطار أوسع يشمل إيران ومصالحها في منطقة الشرق الأوسط ومفاوضاتها النووية الحالية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وحتى مفاوضاتها الثنائية مع السعودية. حيث تعيد تفجيرات أبو ظبي نموذج التأكيد على جدية التهديدات التي سيواجهها حلفاء أمريكا في المنطقة، والأزمات التي يمكن أن تشتعل في مياه الخليج العربي التي يمر من خلالها 20% من الطلب العالمي اليومي للنفط؛ في حال فشل المفاوضات النووية.
• وعلى الرغم من هذا التصعيد، من المرجح أن تواصل الإمارات نهج تصفير المشاكل دبلوماسيا وخفض حدة التوترات الخارجية. ستواصل الإمارات جهودها الدبلوماسية للوصول إلى تفاهمات أمنية وتوطيد العلاقات التجارية مع إيران، مدفوعة برغبتها في منع مثل تلك الهجمات وتوفير مناخ مناسب لطموحاتها الاقتصادية. وفي الوقت نفسه، وبسبب القلق الإماراتي من هشاشة الوضع الأمني في المنطقة؛ من المرجح أن تزيد أبو ظبي من سعيها لعقد شركات أمنية مع إسرائيل وربما لاحقا تركيا. في الطرف المقابل، وفي ظل الدعم الكبير الذي يتلقاه الحوثيين من إيران وتطوير قدراتهم الهجومية، ستبقى مثل هذه الهجمات بالطائرات المسيرة أحد مظاهر الحرب الرئيسية في اليمن طالما ظلت الحرب بلا حلول وتسويات واضحة تلوح في الأفق على المدى القريب