الدراسات والبحوثتقدير موقف

رفض الخرطوم لتوطين الفلسطينيين: بين ثوابت القضية الوطنية وأجندات إقليمية متغيرة

مقدمة:

تحصل مركز مسارات للإعلام – الخرطوم، عبر مصادر خاصة داخل المجلس العسكري الانتقالي، على معلومات حصرية تكشف عن موقف رسمي حازم تتبناه السلطات السودانية حيال الضغوط الدولية والإسرائيلية الرامية إلى توطين فلسطينيين من قطاع غزة داخل السودان. ويأتي هذا التطور في ظل التوتر السياسي والعسكري الذي تشهده البلاد، وفي سياق تحركات إقليمية ودولية لإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للسكان في ضوء الحرب المستمرة على قطاع غزة.


الخلفية:

  • في أعقاب عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة وتصاعد الدعوات الدولية لإيجاد “حلول إنسانية”، طُرحت مقترحات سرية لنقل جزء من سكان غزة إلى دول عربية، بينها السودان.

  • جرت جولات مفاوضات غير معلنة بين الحكومة السودانية بوساطة إسرائيلية، وطرحت عروض تتعلق بتقديم دعم لوجستي وعسكري مقابل استيعاب لاجئين فلسطينيين.

  • رافق ذلك ضغوط أمريكية خلال لقاءات مسؤولين سودانيين مع ممثلين عن وزارة الخارجية الأمريكية، كما جرى لقاء خاص بين رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان ومسؤولين أمريكيين في مالي قبل أشهر.


التحليل:

  • الرفض السوداني قائم على خلفيات أيديولوجية وتاريخية، إذ يتمسك السودان بثوابت دعم القضية الفلسطينية ورفض مشاريع التهجير القسري.

  • التوقيت حساس للغاية: فالسودان يعيش مرحلة نزاع داخلي مع قوات الدعم السريع، ومحاولات إعادة رسم خريطة الحكم. أي مشروع لتوطين فلسطينيين قد يفجّر تناقضات إضافية داخل المجتمع السوداني ويزيد من هشاشة الوضع الأمني.

  • الدور الإسرائيلي: بحسب المعلومات، تحاول إسرائيل الالتفاف على الموقف الرسمي عبر قنوات غير رسمية داخل السودان، وعرض مشاريع اقتصادية وشركات “ذكية” كغطاء لتثبيت وجود فلسطينيين داخل أراضيه.

  • التوظيف السياسي: إسرائيل تسعى لوضع “الكرة في ملعب” الشعب السوداني، عبر إظهاره كطرف يقبل بمشاريع تمس بالقضية الفلسطينية، مما يهدد العلاقات الشعبية مع فلسطين ويضر بصورة السودان عربياً وإسلامياً.


موقف السودان الرسمي:

  • التأكيد على التزام السودان بموقفه التقليدي منذ عام 1967، القائم على رفض الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي، والتمسك بمبدأ “لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض” مع إسرائيل.

  • رفض قاطع لأي شكل من أشكال توطين اللاجئين الفلسطينيين داخل السودان، سواء عبر اتفاقات مباشرة أو عبر ترتيبات مع أطراف دولية.

  • الإصرار على دعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الأمم المتحدة وميثاق روما.

  • تحذير من خطورة استخدام ملف اللاجئين كأداة سياسية لتمزيق وحدة السودان الداخلية أو ضرب موقفه الإقليمي.


الخلاصة:

تكشف المعطيات التي حصل عليها مركز مسارات أن الحكومة السودانية، رغم أزماتها الداخلية المعقدة، ما تزال متمسكة برفض أي مشاريع توطين قسري للفلسطينيين داخل أراضيها. هذا الموقف الحازم يؤكد أن السودان، الرسمي والشعبي، يعتبر القضية الفلسطينية جزءاً لا يتجزأ من قضيته القومية الكبرى، ويرفض الضغوط الإسرائيلية أو الدولية التي تحاول فرض واقع سياسي جديد على حساب الحقوق الفلسطينية والتماسك الوطني السوداني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: