الدراسات والبحوثتحليلات

مآلات انسحاب “أردوغان” أثناء كلمة “بشار” في قمة الرياض هل يعتبر مؤشر انسداد أفق التطبيع بين (أنقرة ودمشق)؟

أثار غياب الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان” عن مقعده في قاعة القمة العربية الإسلامية الاستثنائية في الرياض، أمس الاثنين، خلال كلمة الإرهابي “بشار الأسد”، سلسلة من التحليلات والتعليقات التي خلصت إلى انسداد افق التطبيق بين “أنقرة ودمشق” رغم المساعي الروسية الحثيثة في هذا الشأن.

وأظهرت لقطات مصورة، نشرها صحفيون أتراك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، جلوس السفير التركي في الرياض، أمر الله إشلر في مقعد الرئيس التركي بالتزامن مع إلقاء “بشار الأسد” لكلمته، رغم أن إردوغان سبق أن وجه دعوة للأسد من أجل لقائه، لكن الأخير لم يقدم أي بادرة إيجابية على هذا الصعيد.

وفي 25 من أكتوبر الماضي، طلب الرئيس التركي من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، “المساعدة” في ضمان تواصل نظام الأسد، مع أنقرة لتطبيع العلاقات، معبرا عن أمله في أن تتخذ دمشق “نهجا بناءً”.

وقال أردوغان للصحفيين على متن رحلة العودة من مدينة قازان الروسية، حيث كان يشارك في قمة بريكس قبل أسابيع، إن أنقرة “تتوقع أن تتخذ دمشق خطوات من منطلق إدراكها أن التطبيع الصادق والحقيقي، سيعود بالنفع عليها أيضا”.

ولطالما تحدث الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، عن استعداده للقاء الإرهابي “بشار الأسد”، موضحاً أنه ينتظر الرد من دمشق، رغم أن الرئاسة التركية نفت في بيان لها يوم الاثنين 16 أيلول 2024، وجود أي اتفاق بشأن موعد ومكان اللقاء بين الرئيس أردوغان، والإرهابي “بشار”.

وكان قال “هاكان فيدان” وزير الخارجية التركي، إن التواصل قائم بين أنقرة ودمشق، لافتاً إلى أن تركيا تريد تطبيع العلاقات مع سوريا لحل المشاكل القائمة وعلى رأسها ملايين اللاجئين، وأوضح أن ما تريده تركيا، هو أن يتم إيجاد إطار سياسي يتم التوافق عليه بين النظام والمعارضة في سوريا، موضحاً أن قضية اللاجئين ومحاربة الإرهاب، هي ملفات ستتحدث عنها تركيا بأريحية، لأنها تعرف ماذا تريد.

وسبق أن انسحب الوفد السوري، أثناء كلمة وزير خارجية تركيا “هاكان فيدان” خلال اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، في دورته الـ162، أعطى ذلك “إشارات مربكة” لمسار التطبيع بين البلدين، في وقت تعول الدول العربية على هذا التقارب بهدف إيجاد مخارج للاستعصاء السياسي في سوريا عبر الحل العربي.

وشارك وفد من وزارة الخارجية بدمشق في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، في دورته الـ162، برئاسة الجمهورية اليمنية، التي انطلقت، في مقر الجامعة بالقاهرة، وتتناول عدداً من القضايا الإقليمية المهمة، بما في ذلك الملف السوري.

وكانت قالت صحيفة “الشرق الأوسط”، إن التطورات التي شهدها الاجتماع وانسحاب الوفد السوري، أرسلا إشارات “مربكة” بحسب مصادر متابعة لملف التقارب السوري – التركي، واعبترت أن مغادرة “المقداد” المقداد قاعة الاجتماع لدى الإعلان عن كلمة وزير خارجية تركيا، هاكان فيدان، في موقف فهم أنه تعبير عن رفض دمشق مشاركة أنقرة في الاجتماع، وأعطى إشارات متناقضة للموقف السوري حيال تطبيع العلاقات مع تركيا.

وقالت مصادر إعلامية مصرية إن دمشق قللت من تمثيلها خلال كلمة وزير الخارجية التركي، حيث غادر الوزير السوري منفرداً تاركاً مقعده لأحد أعضاء الوفد السوري المشارك، مع استمرار تمثيل سوريا بالاجتماع، قبل أن يعود للاجتماع مرة أخرى عقب انتهاء كلمة وزير الخارجية التركي.

وبينت أن مغادرة الوزير السوري جاءت مناقضة لما سبق وكشفت عنه تقارير إعلامية أن مشاركة وزير الخارجية التركي تمت بعد موافقة جميع الدول الأعضاء في الجامعة العربية لحضوره في الاجتماعات، بما فيها سوريا.

وكان قال “فيصل المقداد” وزير خارجية نظام الأسد، إنه يأمل أن تتحقق تصريحات الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، في تشكيل محور تضامني (سوري مصري تركي) لمواجهة التهديدات، وأن تكون هذه رغبة تركية صادقة وحقيقية من الإدارة التركية في هذا الملف.

وجاء كلام “المقداد” في تصريح خاص لـ RT، تعليقاً على دعوة “أردوغان” لتأسيس محور تضامني تركي مصري سوري لمواجهة التهديدات، وأعتبر “المقداد” أنه إذا أرادت تركيا أن تكون هناك خطوات جديدة في التعاون السوري التركي وأن تعود العلاقات إلى طبيعتها عليها أن “تنسحب من الأراضي العربية التي احتلتها في شمال سوريا وغرب العراق”.

وأضاف أنه في “بداية القرن الحالي تم نسج علاقات استراتيجية مع تركيا لكي تكون الدولة التركية إلى جانب سوريا في نضال مشترك لتحرير الأراضي العربية المحتلة، لكن عملت تركيا على نشر جيشها في شمال الأراضي السورية وأقام معسكراته في احتلال للأراضي العربية السورية”.

وشدد أنه يجب على تركيا أن تتراجع عن هذه السياسات وأن تتخلي عنها بشكل نهائي عنها، لأنه من مصلحة الشعب السوري والتركي أن يكون هناك علاقات طبيعية بين البلدين لمواجهة التحديات المشتركة والتي يجب أن تتوحد الجهود لمواجهتها.

وأشار المقداد إلى أن سوريا تعلن دائما أنها لن تتوقف عند الماضي لكنها تتطلع إلى الحاضر والمستقبل وتأمل أن تكون الإدارة التركية صادقة فيما تقوله، لكن بشرط أن تتوافر متطلبات التوصل إلى هذا النوع من التعاون، وهو أنة تنسحب تركيا من الأراضي السورية والعراقية.

مؤخراً، قال “هاكان فيدان” وزير الخارجية التركي، في تصريحات لصحيفة “حرييت” التركية، إن نظام الأسد وشركاءه غير مستعدين للتوصل إلى اتفاق مع المعارضة وتطبيع كبير مع أنقرة، وطالب النظام والمعارضة بإنشاء إطار سياسي، معتبراً أن تركيا تريد أن ترى النظام والمعارضة ينشئان إطارا سياسيًا يمكنهما الاتفاق عليه في بيئة خالية من الصراع، وأكد أنه “من المهم أن يوفر النظام بيئة آمنة ومستقرة لشعبه، إلى جانب المعارضة”.

وسبق أن قال الإرهابي “بشار الأسد”، إن أي عملية تفاوض بحاجة إلى مرجعية تستند إليها كي تنجح، معتبراً أن عدم الوصول إلى نتائج في اللقاءات السابقة مع انقرة، أحد أسبابه هو غياب المرجعية.

وأكد بشار، في خطاب أمام مجلس الشعب بمناسبة افتتاح الدور التشريعي الرابع للمجلس، على ضرورة انسحاب تركيا “من الأراضي التي تحتلها ووقف دعمها للإرهاب”، موضحاً أن المرحلة التي تتحدث عنها سوريا الآن هي مرحلة الأسس والمبادئ لأن نجاحها هو ما يؤسس للنجاح لاحقاً، وتصريحات المسؤولين الأتراك لا أساس لها من الصحة فمعيارنا هو السيادة”، وفق تعبيره.

وقال الأسد إن “الوضع الراهن متأزم عالميا، وانعكاساته علينا تدفعنا للعمل بشكل أسرع لإصلاح ما يمكن إصلاحه بعيدا عن آلام الجروح من طعنة صديق، وبهذا تعاملنا مع المبادرات بشأن العلاقة مع تركيا والتي تقدم بها أكثر من طرف روسيا وإيران والعراق”.

واعتبرت “بثينة شعبان” المستشارة الخاصة للرئاسة السورية، أن تركيا استخدمت مسألة التقارب مع سوريا إعلامياً لمصلحتها، بهدف تحقيق مكاسب داخلية، أو مكاسب في المنطقة، معلنة رفض الجلوس مع الأتراك على الطاولة قبل الانسحاب من سوريا.

وقالت “شعبان” خلال محاضرة ألقتها في وزارة الخارجية العمانية، إن تصريحات الرئيس التركي أردوغان عن رغبته بالتقارب مع سوريا، والتي سبقت الانتخابات الرئاسية التركية، كانت لأهداف انتخابية “لكن لا يوجد أي شيء يريدون تقديمه”.

وبينت أنه على الجانب التركي أن يقر بمبدأ الانسحاب “ولم نقل إن عليهم الانسحاب فوراً، وعندما لا يريدون الإقرار بمبدأ الانسحاب فإننا لن نجلس على الطاولة”، وأشارت إلى أن تركيا “تحتل جزءاً من الشمال الغربي لسوريا، وتقوم بعمليات تتريك خطيرة ولئيمة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: