نتائج أو آثار الأزمة الأوكرانية على سوريا في حالتي النصر والهزيمة
ربما يكون من المبكر توقع نتائج أو آثار الأزمة الأوكرانية على ساحات الأزمات العربية، لكن ارتباط المسار بسوريا، كانت من مقدمات الحرب الأوكرانية، بمعنى محاولة روسيا إعادة التموضع وطرح نفسها كفاعل دولي رئيس، حيث كانت تدخلاتها الأسبق من ذلك في جورجيا 2008، وفى ضم القرم 2014، تدخل ضمن تحركها في جوارها المباشر، لكن تدخلها العسكرى الحاسم في سوريا 2015، كان المحاولة الأبرز للعب دور دولي بارز كقطب مؤثر للمرة الأولى منذ انحلال الاتحاد السوفياتي،
الساحة السورية
نظرياً، تبدو الساحة السورية هي الأكثر أهمية لروسيا، حيث ألقت بثقلها أكثر منذ عدة سنوات، وحيث تقيم أهم قواعدها العسكرية خارج أراضيها، وحيث حققت أهم إنجازات دورها العسكري الخارجي ضد المعارضة السورية، وهنا تبدو هذه الساحة أكثر حساسية لمستقبل الصراع الدولي الأكبر حول أوكرانيا، ومن ثم فإن هزيمة روسيا قد تعني ضعفاً شديداً في الكتلة المؤيدة للنظام وإمكانية إعادة مستويات مختلفة من الضغوط عليه، لهذا ستكون عودة الضغوط السياسية الأقرب في البداية، من خلال محاولة تطبيق إجراءات عقابية متواصلة دولية ضد هذا النظام، وبخاصة أن قائمة العقوبات التي طبقتها واشنطن وحلفاؤها ضد روسيا قدمت إرهاصات عالم لم يحلم الغرب بمثله منذ نشأة الأمم المتحدة، والذي وصل إلى قمته بطرد روسيا من مجلس حقوق الإنسان، ومن المتصور أن استقرار نصر غربي سيفتح الباب أمام إجراءات متتالية من واشنطن لاستغلال قوة الدفع الراهنة التي لم يسبق لها نظير كما سبق لإقامة نظام تحكمي غير مسبوق في المؤسسات الأممية، ولهذا آثار سنعود إليها، لكن الأهم أن سلسلة من الضغوط السياسية والحصار قد تعمق من عزلة النظام السوي وتحول دون استكمال الخطوات الإقليمية لعودة سوريا إلى العالم والمنطقة العربية.
والعكس هنا واضح أيضاً، فخروج روسيا محققة أهدافها سيعجل على الأرجح من عودة النظام السوري إلى المنطقة والعالم، وسيضيق الخناق أكثر على توزع النقاط التركية والأميركية شمال البلاد، كما قد يقوي شوكة روسيا لتقليص الوجود الإيراني وممارسة دور أكبر في الساحة السورية من دون منازع كما تجدر الإشارة إلى أن استطالة النزاع واحتمالية استدعاء مرتزقة من الجانبين في الحرب الأوكرانية قد يصبح لهما تداعيات مهمة في الساحة السورية،
نتائج ليست نمطية
ما سبق يشير إلى أن أهم ساحتين للوجود الروسي المباشر لن تشهدا نتائج متطابقة، ولو نظرنا للساحتين اللبنانية واليمنية حيث نفوذ إيران حليفة روسيا، سنجد أن طهران تمارس اللعبة لمصالحها المباشرة ولا يوجد دور روسي ملموس، بل أكثر من هذا تبدو موسكو أكثر حذراً وحرصاً على أصدقائها الخليجيين والعرب في الأزمة اليمنية، وتدرك أن حساباتها لا تتطابق مع طهران. ومن ثم على الرغم من أنه يمكن النظر إلى التحركات الروسية في المنطقة العربية كجزء مهم من مقدمات السعي الروسي لاستعادة دور دولي مهم، فإن نتائج المعركة في أوكرانيا بتداعياتها الدولية المعقدة قد تحمل رسائل متناقضة للأطراف الإقليمية المختلفة، ولعل هذا ما يكشف عنه نمط التصويت العربي في قرارات الأمم المتحدة الأخيرة، وبشكل أوضح فيما يتعلق بقرار طرد روسيا من مجلس حقوق الإنسان، وأن هناك تحسباً واسعاً لتداعيات معقدة ستمتد من العالم إلى الإقليم.