الدراسات والبحوث

موقف السوريين من شرعية الكيانات الثورية

مقدمة
منذ عام 1963 هيمن حزب البعث على الحياة السياسية في سوريا وقيادته القسرية للدولة والمجتمع، بدأ في الخامس عشر من آذار 2011 تاريخ جديد في سوريا حيث انطلقت انتفاضة شعبية ضد نظام الأسد، ما لبثت أن أخذت تبحث عن تمثيل شرعي يترجم مطالبها الثورية سياسياً، أدى ذلك لظهور العديد من التشكيلات السورية الناشئة تطورت مع الوقت وشكلت عدة ائتلافات أبرزها الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.
كلمة مفتاحية
الثورة السورية أعظم حدث يمر على السوريين منذ استقلالهم … ونحن اليوم سنسلط الضوء حول الائتلاف ممثل هذه الثورة والمتحدث باسمها … لكن هل حصل على الشرعية التي تجعله قادراً على أداء مهامه ومقبولاً لدى السوريين؟ وهل حقق ما كان مرجو منه أم أخفق بتحقيقه؟
أهمية البحث:
تأتي أهمية البحث من كونها توثيقاً لمرحلة مهمة من واقع الشعب السوري والكيانات التي تمثله وعلى رأسها الائتلاف وهي إسهام متواضع للوقوف على شرعية هذا الكيان وفي أدبيات العمل السياسي التنظيمي في سوريا لعل هذه الدراسة تسهم في توضيح وتفصيل شرعية الكيانات الثورية وتفادي الإشكاليات المعوقة للعمل المنظم.
اشكالية البحث:
نظراً لأهمية الشرعية والمشروعية بالنسبة لأي سلطة قائمة في السلطة أو تسعى إلى السلطة وللحفاظ على استمراريتها وشرعنه نفسها وخصوصاً الدول العربية التي تشهد أزمة حقيقية تتعلق بالشرعية والمشروعية وبالأخص المسألة السورية. وعليه تتمحور الاشكالية لهذا البحث حول الطرح التالي:
ما هي العوامل المحددة لموقف السوريين من شرعية ومشروعية الائتلاف
وما هو أثر الانجاز على شرعية ومشروعية الائتلاف
منهجية البحث:
اعتمدنا على المنهج التحليلي الذي يعتمد على تفسير الوضع القائم واتجاه تحليل أنماط الشرعية والمشروعية ومصادرها ويتعدى ذلك تحليل البيانات وتصنيفها واستخلاص النتائج منها

هيكلية البحث:

– المقدمة
– المطلب الأول: نشأة الائتلاف ومفهوم الشرعية
– الفرع الأول: نشأة الائتلاف ومكوناته
– الفرع الثاني: مفهوم الشرعية والمشروعية
– الفرع الثالث: الائتلاف السوري المعارض ومدى شرعيته
– المطلب الثاني: الائتلاف من الداخل وأهم الانتقادات الموجهة له
– الفرع الأول: مقابلة مع أحد أعضاء الائتلاف
– الفرع الثاني: الانتقادات الموجهة للائتلاف

– الخاتمة
– تحليل الاستبيان
– النتائج والتوصيات
– المراجع

المطلب الأول:
نشأة الائتلاف ومفهوم الشرعية

الفرع الأول
نشأة الائتلاف ومكوناته
أولا ً: الأجسام السياسية الائتلافية
مع انطلاق الثورة السورية بدأت بعض الأحزاب والشخصيات السياسية إيجاد أجسام سياسية ائتلافية، لتعبر عن متطلبات الثورة، ومن أهمها الآتي:
-هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي: أعلن عن هذا الائتلاف السياسي السوري في 30 / آب/ أغسطس / 2011، من مجموعة من الأحزاب والشخصيات المعارضة في دمشق، وهو مكون من التجمع الوطني الديمقراطي، وأحزاب اليسار الماركسي، وحركة معًا من أجل سورية حرة ديمقراطية، ولجان إحياء المجتمع المدني المستقلين، والأحزاب الكردية المتمثلة بحزب الاتحاد الديمقراطي والحزب الديمقراطي الكردي.

وقد أصدرت الهيئة وثيقة سياسية تتضمن رؤيتها للحل السياسي بالانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية، وفي الوقت نفسه لم تنضم إلى المجلس الوطني أو الائتلاف الوطني في ما بعد، ليتبين أن هناك شرخًا سياسيًّا وفكريًّا بينها وبين بقية الأجسام الموقف السوريين من شرعية الإئتلاف (2)سياسية المعارضة السورية، من خلال مجموعة من المواقف السياسية؛ تتعلق بالدعوة إلى حوار النظام من دون المطالبة بإسقاط بشار الأسد، ورفضها تسليح الجيش السوري الحر، ورفضها التدخل الدولي عسكريًا، ومعارضة سيطرة الإخوان المسلمين على المجلس الوطني، والانفتاح على قوى دولية داعمة للنظام السوري (روسيا – الصين – إيران) وفي ما بعد تواصلت الهيئة مع الائتلاف الوطني من خلال تشكيل الهيئة العليا للمفاوضات للتفاوض مع النظام السوري.
-المجلس الوطني السوري: تكون المجلس الوطني من كل القوى السياسية (الإخوان المسلمون، إعلان دمشق للتغير الوطني الديمقراطي، الكتلة الكردية، المنظمة الأشورية الديمقراطية، الكتلة الوطنية المؤسسة، مجموعة العمل الوطني، الديمقراطيون، المستقلون، الائتلاف الوطني لحماية المدنيين، كتل الحراك الثوري، وهي (المجلس الأعلى لقيادة الثورة، لجان التنسيق المحلية، الحراك الثوري المستقل)، منظمات المجتمع المدني، شخصيات وطنية، تناوب على رئاسته كل من (برهان غليون، عبد الباسط سيدا، جورج صبرا) إلى أن دمج في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية. أما رؤيته السياسية تحددت في (دولة ديمقراطية تعددية مدنية)، ونال التأييد الكبير من السوريين، حيث رفع المتظاهرون في يوم الجمعة 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2011 شعار (المجلس الوطني يمثلني).
وأهم المشكلات التي أعاقت عمل المجلس الوطني؛ أولها نفوذ كتلة الإخوان المسلمين، وهيمنتها على مكاتب المجلس معظمها، وخاصة دعم بعض الكتائب المسلحة الموالية للإخوان تحت غطاء الإغاثة؛ والثانية تمثلت بالقضية الكردية، حيث رفض المجلس أي وثيقة تحذف اسم الجمهورية العربية السورية وقضايا اللامركزية السياسية، ما أدى إلى تعرضه للانتقاد من الأحزاب الكردية، واتهامه بالرضوخ للمطالب التركية، وعدم القدرة على بناء جسور ثقة مع المجالس العسكرية للجيش الحر كافة، ورفضه التوحد مع قوى سياسية أخرى، معتمدًا على ما ناله من تأييد في الشارع السوري، ومن ثم الأحق بوحدانية التمثيل للحراك الثوري. يضاف إلى ذلك التدخل الخارجي وعدم القدرة على التعاطي معه استنادًا إلى المصلحة الوطنية للسوريين، والتصدعات الداخلية من خلال خروج مجموعة من الشخصيات السياسية السورية، وتشكيل جسم سياسي آخر، والعمل على حل التصدعات والانشقاقات استنادًا إلى المحاصصة في مؤسساته.

ثانياً : الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية:
أعلن عن تشكيله في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 في الدوحة، بهدف إسقاط النظام السوري برموزه كلها، وأركانه، وتفكيك أجهزته الأمنية، ومحاسبة المتورطين في الجرائم التي ارتكبت بحق السوريين، والعمل على توحيد رؤية القوى الثورية والمعارضة السياسية لغاية تمثيل الثورة وقيادة المرحلة الانتقالية.
ضم مجموعة من الكتل والقوى السياسية (المجلس الوطني السوري، المجالس المحلية للمحافظات السورية جميعها، بعض الشخصيات الوطنية والمنشقة عن النظام، الهيئة العامة للثورة السورية، لجان التنسيق المحلية، المجلس الثوري لعشائر سورية، رابطة العلماء السوريين، رابطة الكتاب السوريين الأحرار، المنتدى السوري للأعمال، تيار مواطنة، هيئة أمناء الثورة، حركة معًا، حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي – المنشق عن الحزب الذي يتزعمه حسن عبد العظيم، الكتلة الوطنية التركمانية السورية، المنظمة الاشورية الديمقراطية، الكتلة الديمقراطية / الحراك المدني، القيادة العسكرية للجيش الحر وبعض المجالس العسكرية) وقد اعتُرِف به ممثلًا شرعيًّا لتطلعات الشعب السوري من قبل الجامعة العربية ومجموعة أصدقاء سورية (حوالى 100 دولة في تلك المدة).
ثالثاً: تناوب على رئاسة الائتلاف الوطني
1-معاذ الخطيب: الشخصية الإسلامية المعتدلة، كما وصف من قبل عدد من السياسيين السوريين، وقد شهدت مرحلة الخطيب مشكلات سياسية عدة؛ من أهمها مسألة الإعلان عن الحكومة المؤقتة وتوسعة الائتلاف لإدخال كتل سياسية أخرى، ومسألة التنافس القطري السعودي، بهدف الهيمنة على قرارات الائتلاف السياسية.
2- المكلف جورج صبرا: وحصلت في مرحلته توسعة الائتلاف بانضمام كتل سياسية سورية جديدة، وإصدار وثيقة الرؤية السياسية والمبادئ التأسيسية، وخطة نقل السلطة والمرحلة الانتقالية.
3- أحمد الجربا : اتسمت مرحلة الجربا بتصاعد خطر داعش، وظهور مؤشرات انفصالية لدى حزب PYD، واشتراك حزب الله الشيعي اللبناني في حربه ضد السوريين إلى جانب النظام إضافة إلى عدد من الميليشيات الشيعية الإيرانية، والحصار العسكري لعدد من الأحياء والمدن السورية، والدعوة إلى مؤتمر جنيف 2 وأمضى مدته بالعمل التنظيمي والسياس التحالفي لضمان انتخابه مرة ثانية.
4-هادي البحرة: المعروف أنه كان من دون سند إقليمي ومن دون سند كتلوي تنظيمي في الائتلاف، لذلك لم يكن في مرحلته قرارات مهمة.
5- خالد الخوجة: انتُخِب في 4 كانون الثاني/ يناير 2015، وقد اتسمت مرحلته بالتباعد بين الأجسام السياسية العسكرية في المشهد السوري المدني والسياسي والعسكري، والموقف من جبهة النصرة بوصفها تنظيمًا إرهابيًّا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى حزب PYD، إضافة إلى الانفتاح على القوى السياسية السورية للتوافق على وثيقة سياسية مشتركة.
6- أنس العبدة : وتزامنت رئاسته مع صعود الهيئة العليا للتفاوض بوصفها مظلة عامة للمعارضة السياسية، ومن ثم تقليص نفوذ الائتلاف.

7- نصر الحريري : رئيس الهيئة العليا للمفاوضات السابق، وانتخب خلفاً لأنس العبدة كما أن أنس العبدة انتخب خلفاً له في لرئاسة الهيئة العليا للمفاوضات ، لا يزال رئيساً للائتلاف حتى اليوم

أما أهم المشكلات التي عاناها الائتلاف في مسيرته ، فهي الجانب التنظيمي، وتحديدًا في الهيئات الأربع ذات الصلاحية الواحدة (الأمانة العامة، الهيئة السياسية، الهيئة العامة، الرئاسة)، أما على الصعيد السياسي فتمثل بالتأخر عن تعريف الثوابت الوطنية، وغياب مشروع وطني جامع، وغياب الأهلية الكافية لدى القادة، وإغفال منطق العمل المؤسساتي، والفجوة بين العسكرة والسياسة، المشروعات الدخيلة (دينية – عسكرية – سياسية)، والسلاح المؤدلج، والوهم الجهادي، والإرهاب القومي الانفصالي، وضعف التنسيق العسكري والأمني بين المجالس العسكرية والاجسام الثورية، والاستقواء السياسي بين الكتل والتيارات السياسية المنضوية في الائتلاف، وطغيان تكتل الإخوان المسلمين، والإدارة من الخلف

الفرع الثاني
مفهوم الشرعية والمشروعية.
إن مفهوم الشرعية والمشروعية مفهومان متشعبان ومتعدد الأبعاد ومن أجل الإحاطة الشاملة بهذين المصطلحين سنتطرق ضمن هذا الفرع الى تعريف الشرعية والمشروعية من الناحية اللغوية والاصطلاحية وتعريف الشرعية والمشروعية عند بعض العلماء ومن ثم نبين الفرق بين الشرعية والمشروعية وما هي وما هي مصادر الشرعية.
أولاً: الشرعية: من الناحية اللغوية: كلمة الشرعية في اللغة مصدرها (شَرّعَ) وشرع الدين أي سنه وبينه محكم التنزيل يقول تعالى ” شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي اوحينا اليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى ان أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ” وشرع الأمر أي جعله مشروعاً. كما تعنى الشرعية المبادئ التي يتعين مراعاتها في كل الافعال والاقوال.
الشرعية: هي مفهوم سياسي مركزي مستمد من كلمة شرع أي قانون أو عرف معتمد وراسخ ويرمز إلى العلاقة القائمة بين الحاكم والمحكوم المتضمنة توافق العمل والنهج السياسي للحكم مع المصالح والقيم الاجتماعية للمواطنين بما يؤدي الى القبول الطوعي من قبل الشعب بقوانين وتشريعات النظام السياسي وهكذا تكون الشرعية علاقة متبادلة بين الحاكم والمحكوم.
ثانياً: الشرعية من الناحية الاصطلاحية:
يعتبر جون لوك أول من استخدم مفهوم الشرعية كأساس لتحديد الظاهرة السياسية وتطور المفهوم في العصور الحديثة بحيث أصبح يعبر عن اختيار وتقبل المحكومين للحكام والنظام السياسي وهكذا برز عنصر الاختيار والرضى كعناصر أساسية لمفهوم الشرعية.
ولقد طرحت العديد من التعريفات لمفهوم الشرعية منها ثلاثة اتجاهات:
1_ اتجاه القانوني: تعرف الشرعية بأنها سيادة القانون أي خضوع السلطات العامة للقانون والالتزام بحدوده ويمتد القانون ليشمل القواعد القانونية المدونة (الدستور) وغير المدونة (العرف).
2_ اتجاه الديني (قانون الإلهي): ويعرف الشرعية بأنها تنفيذ أحكام الدين (القانون الإلهي) وجوهره أن النظام الشرعي هو ذلك النظام الذي يعمل على تطبيق والالتزام بقواعد الدين ويجب فهم الدين بمعنى الحقيقة المنزلة ويضم هذا الاتجاه معظم علماء الدين في العصر القديم والحديث.
3_ اتجاه اجتماعي سياسي: تعرف الشرعية بأنها تقبل غالبية أفراد المجتمع للنظام السياسي وخضوعهم له طواعية. للاعتقاد بأنه يسعى لتحقيق أهداف الجماعة ويعبر عن قيمها وتوقعاتها ويتفق مع تصورها عن السلطة وممارستها.
ثالثاً :تعريف الشرعية عند بعض العلماء:
1_ بيير كالام: الشرعية هي مفهوم غير موضوعي لأنه يحيل إلى احساس المواطنين بان السلطة السياسية والإدارية تمارس من قبل اشخاص جيدين وفق ممارسات صحيحة وبما يخدم المصلحة العامة وهذه الموافقة الكاملة من قبل المواطنين على الطريقة التي تدار بها شؤونهم هي بعد جوهري الحكم وممارسة السلطة.
2_ بول باستيل: مصطلح الشرعية يعني أساس السلطة وتبرير الخضوع والطاعة الناجمة عنها.
3_ لويس ديمون: أن النظرية السياسية لا يمكن أن تكون نظرية السلطة وانما نظرية السلطة الشرعية. وهذا يعني عدم امكانية اقتصار السياسة ممارسة السيطرة وغايتها وانما على العكس يجب التركيز على ما يجعل هذه السيطرة ممكنة والشرعية هي الوسيلة لجعل السلطة دائمة.
رابعاً: المشروعية من الناحية اللغوية: وتعني المشروعية باللغة العربية أنها مشتقة من فعل (شرع) وأتت هذه الكلمة في اللغة من شرع (يشرع_ شرعاً _مشروعاً) شرع القوم أي سن لهم شريعة وشرع القوانين أي سنها ووضعها
وشرعي: منسوب إلى الشرع. ما كان ضمن حدود الشرع موافقاً له.
خامساً: المشروعية من الناحية الاصطلاحية:
وتعني أن أعمال الهيئة وقراراتها الملزمة لا تكون صحيحة ولا منتجة لآثارها القانونية كما لا تكن ملزمة للأفراد المخاطبين بها إلا بمقدار مطابقتها لقواعد القانون العليا التي تحكمها بحيث متى صدرت بالمخالفة لهذه القواعد تكون غير شرعية ويكون من حق الأفراد ذوي المصلحة طلب الغائها والتعويض عنها أمام المحكمة المختصة.
وتعني المشروعية سيادة القانون أي احترام أحكامه وسريانه على كل من الحاكم والمحكوم فالقانون يجب أن يحكم سلوك الأفراد ليس فقط في علاقاتهم ببعضهم البعض وإنما كذلك في علاقاتهم بهيئات الحكم في الدولة.
كما أنّ مبدأ المشروعية يعني سيادة القانون بحيث يصبح مبدأ سيادة القانون مرادفاً لمبدأ المشروعية.
وللمشروعية معنيان أحدهما واسع يعني خضوع الدولة للقانون والآخر يشير إلى خضوع الإدارة فقط للقانون.
وأيضا المشروعية تعني، سيادة حكم القانون أو مبدأ الخضوع للقانون. ولما كانت الدولة في الوقت الحاضر دولة قانونية فهو يعني خضوع كل من الحكام والمحكومين للقانون.
سادساً :الفرق بين الشرعية والمشروعية:
1_ مبدأ الشرعية تحمل في فكرته معنى العدالة وما يجب أن يكون عليه القانون فمفهومها أوسع ويجب أن تكون المثل الأعلى الذي يتوخاه المنظم في الدولة وإن طابقت المشروعية قواعد العدالة وتنافر هذا الإجراء مع مبدأ المشروعية لخروجها عن قواعد القانون المطبق.
2_ مبدأ المشروعية هو احترام قواعد القانون القائمة فعلاً فهي في حقيقة الأمر مشروعية وضعية.
3_ إنّ الشرعية مفهوم يدور حول فكرة الطاعة السياسية أي حول الأسس التي على أساسها يتقبل أفراد المجتمع النظام السياسي ويخضعون له طواعية.
4_ المشروعية بمعنى خضوع نشاط السلطات الإدارية ونشاط المواطنين للقانون الوضعي.
5_ الشرعية هو مصطلح سياسي بالدرجة الأولى والمشروعية هو مصطلح قانوني وضعي.
6_ الشرعية تتحقق انطلاقاً من إرادة الشعب في حد ذاته وهو المصدر الاساسي لنشأتها.
أما المشروعية فإن مصدرها القوانين الوضعية والدساتير.
7_ الشرعية لها بعد قيمي أخلاقي أي يتضمن أبعاد معنوية وأبعاد قانونية شاملة على العكس من المشروعية. أما المشروعية لها بعد قانوني وضعي مجرد من أي أبعاد مادية فقط وتقتصر المشروعية على الجانب القانوني فقط.
سابعاً : مصادر الشرعية:
1_ المصدر التقليدي
2_ مصدر الشخصية الكاريزمية
3_ الصدر العقلاني القانوني
4_ الشرعية الثورية
1_ المصدر التقليدي: استناد السلطة إلى مسوغات تعتمد قيم ومعتقدات تؤمن بها أكثرية أفراد الشعب وهو ما يطلق عليها بالدولة الثيوقراطية التي تخضع فيها السلطة إلى مرجعية دينية أو أن السلطة تسعى لتحقيق أهداف دينية.
2_ مصدر الشخصية الكاريزمية: يكون فيه الحاكم هو مصدر الشرعية فهو تمتع الحاكم الفرد الذي يقف على رأس الحكم بالشخصية الكاريزمية أي بقوة التأثير على الناس فهو ذلك المثال الذي يجب أن يعد يقتدى به سائر أفراد الأمة والذي يتمتع
والحكمة والعدل مما يجعل الكثيرين مقتنعين بقيادته.
3_ المصدر العقلاني القانوني: وهو سيادة الرأي العام للأمة باعتماد وسيلة التمثيل النيابي(الانتخابات) حيث يختار الشعب من يمثله لقيادة الدولة عن طريق الانتخاب الحر وأن السلطة التي تتمتع بها الحكومة تستند إلى ميثاق أو عقد اجتماعي بينها وبين الشعب يمنحها ممارسة بعض من حقوقه ويتولى نواب الشعب والحكومة التي يختارونها بالسلطة في الحدود التي تقتضيها المصلحة العامة للشعب وليس لها القيام بأي تصرف او إجراء أو اصدار أي تشريع أو قرار يتعارض مع تلك المصلحة أو يضر بها والمصلحة العامة تعبر عن الإرادة العامة للشعب التي يمثلها النواب ومن البديهي فإن النائب بانتخابه عضو في مجلس النواب لا يمثل مصالح الفئة التي انتخبته بل يمثل المصلحة العامة لجميع أفراد الشعب.
4_ الشرعية الثورية: وتعني أن الثورة سواء من أجل الاستقلال أو من أجل التخلص من الأنظمة الملكية والدكتاتورية التي حكمت بعد الاستقلال في حد ذاته مصدر لشرعية من تولى الحكم في أعقابها.

الفرع الثالث:
الائتلاف السوري المعارض ومدى شرعيته.
في 11 نوفمبر 2012 قامت العديد من أطياف المعارضة بتشكيل الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية وسط الضغوط الدولية والعربية وبعيداً عن مشاركة الشعب السوري واختياره لممثليه في هذا المشروع السياسي وهنا يفرض السؤال نفسه من هي القيادة وما هي معايير الكفاءة والسلطة وشرعية التمثيل لهذا الكيان؟
وكما أسلفنا سابقاً وبينا مفهوم الشرعية ومصادرها واتجاهاتها تبينا لنا أن العديد من أنظمة الحكم تسعى لتحقيق نوعا من التشاركية السياسية في إدارة الدولة من خلال عملية الانتخابات التي ينتج عنها ممثلين عن الشعب وتلجأ بعض الديمقراطيات لعملية الانتخاب المباشر للعديد من المناصب الهامة في الدولة ويلجأ البعض الآخر لانتخاب ممثلين إلى مؤسسات تعمل على إدارة الدولة وتزويدها بالكفاءات اللازمة. تهدف هذه العملية بغض النظر عن آليات تنفيذها لإضفاء الشرعية الشعبية على الإدارة الحاكمة. حتى الدول الدكتاتورية غالبا ما تسعى لتنظيم انتخابات صورية من أجل الإدعاء بالحصول على شرعية الحكم. ورغم الاختلافات الكبيرة في تعريف مفهوم الشرعية إلا أنها في هذا السياق (تمثيل الشعب) لا تأتي إلا من خلال عملية التمثيل السياسي السليم عبر أداته الصحيحة وهي الانتخابات النزيهة والشاملة وفق آليات سليمة تم التوافق عليها من خلال دستور تم إقراره في مرحلة سابقة.
ولا يخفى أن تمثيل الائتلاف للمعارضة والثورة قائم على شرعية الأمر الواقع حيث لم تسمح الظروف بإجراء انتخابات حقيقية تعبر عن إرادة الشعب السوري من خلال صناديق الاقتراع. مما يجعل المقياس الوحيد لاستحقاق شرعية التمثيل هو الإنجاز والكفاءة في خدمة أهداف الثورة من جهة وكذلك خدمة الشعب السوري في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وبالتالي فإن غياب أي إنجاز واضح في هذين المسمارين سيترك الباب مفتوحا للطعن بشرعية وكفاءة الإئتلاف من أي جهة وفي أي وقت مما يقودنا لمفهوم السلطة والكفاءة. ولكن حتى الحكومة المنتخبة بشكل صحيح وتتمتع بقدر من الشرعية الانتخابية والشعبية قد لا تتوفر على السلطة لإدارة الدولة كما في الحالة السورية لا يوجد حتى اليوم أي مؤشرات لامتلاك ائتلاف قوى المعارضة السورية والحكومة سلطة تنفيذية لأي اتفاق يجري إبرامه مع أطراف داخلية أو خارجية في الأراضي الخارجة عن سلطة النظام وكذلك لا يوجد مؤشرات تدل على أن هذه الحكومة تملك الأدوات اللازمة لفرض برنامجها على أي جزء من الأراضي السورية. ففقدان السلطة هو ما صرحت بها قيادات أغلب الدول التي اعترفت بالائتلاف الذي لا بديل له لتمثيل الشعب السوري ناهيك أن أي حكومة تتشكل في المنفى (حكومة منفى) فهي من وجهة النظر القانونية غير شرعية.
ربما تمتلك الحكومة تمثيل الشعب من خلال انتخابات صحيحة وتمتلك كذلك السلطة على المناطق التي تمثلها ولكنها بحاجة لامتلاك الكفاءة والقدرة والإمكانيات لإدارة تلك المناطق وتقديم الخدمات الحكومية التي تحتاجها والتي هي وظيفتها الأساسية والأولى في عين الناخب ومعيار الشرعية وشرط السلطة بالنسبة لهم مثال: فرغم فوز إخوان مصر بالانتخابات إلا أن ضعف إمكانيات حكومتهم وقدرتها على تأدية الخدمات التي ينتظرها المواطن بغض النظر عن الأسباب. أدى لارتفاع نسب المتذمرين والمنقلبين على شرعية انتخابهم، فالمراقب الخارجي لأداء الائتلاف يلحظ عدم امتلاك الائتلاف لأي برنامج معارض في أي من المجالات الحيوية الثلاثة المطلوبة في الحالة السورية: السياسي، العسكري والإغاثي.
ففي المجال السياسي كان برنامج الائتلاف هو حث الدول الغربية على التدخل لحماية الشعب السوري وفق بند حماية المدنيين. والذي نجح فيه الائتلاف لحد الان حيث اعترفت به 114 دولة.
في المجال العسكري لم تمتلك خطة عملية وواقعية للربط والتنسيق بين الكتائب المختلفة التي لا يعترف قسم منها بشرعية الائتلاف السوري والتي ترى نفسها ان لها احقية التمثيل أكثر من غيرها على الأرض مما جعل منها طرف من الأطراف بدل تحولها إلى مظلة جامعة (الائتلاف).
يمكن التمييز هنا بين شريحتين من أصحاب المصلحة: الداخل السوري من أنصار الثورة والمعارضة حيث يفترض أن الائتلاف يقوم بتمثيلهم. والمجتمع الدولي ممثلا بالدول المؤثرة والفاعلة في الشأن السوري.
بنى العديد من أنصار الثورة وناشطيها آمال كبيرة على الائتلاف وكانوا ينتظرون منه القدرة على تسويق عدالة قضية الثورة السورية في الخارج بهدف زيادة قاعدة الداعمين لها وبالتالي الحصول على دعم سياسي وعسكري إغاثي يساعد في تسريع إسقاط النظام والانتقال إلى مرحلة بناء الدولة. للأسباب المذكورة في الفقرة أعلاه لم يستطع الائتلاف السوري تحقيق تلك الآمال مما أدى إلى ظهور حالة من الإحباط وفقدان الثقة من الداخل السوري المناصر للثورة عموما تجاه الائتلاف مما أثر على شرعيتها.
من الناحية الدولية فإن الدول الغربية عموما أدركت في مرحلة مبكرة أن البنية التنظيمية للائتلاف وطبيعة مكوناته تجعل منه نخبة قد تمتلك القدرة على التنظير ولكنها تفتقد أدوات التأثير وصناعة الحدث فضلاً عن القدرة على صناعة سياسات تؤهله لقيادة الثورة. ولكن رغم ذلك فإن الحاجة لوجود شريك على المستوى السياسي في المعارضة السورية دفع الدول الغربية وأصدقاء سوريا للمحافظة على الائتلاف كمكون يمكن له أن يسبغ الشرعية الشكلية باسم المعارضة السورية على أي اتفاق يتم الوصول له الأمر الذي سهل عملية الاعتراف الدولي بالائتلاف كممثل شرعي وحيد للمعارضة السورية إنما مجرد الاعتراف لم تتبعه مستلزماته الإجرائية والتمثيل الدبلوماسي
في نفس الوقت فإن الدول الغربية سعت للتعامل مع الحالة السورية من خلال التواصل مع المعارضة من خلال عدة مستويات أخرى حيث جرى ويجري التواصل مع القيادات السياسية من الصف الثاني التي يمكن أن تشكل بدائل في حال حدوث أي تغييرات في الائتلاف أو التي يمكن أن تأسس لكيانات سياسية في المرحلة الحالية أو في المستقبل.
كما أن التواصل مع قادة العديد من الكتائب والتنظيمات العسكرية لم ينقطع من قبل ولادة الائتلاف حيث تتحكم هذه التنظيمات والقائمين عليها بجزء مهم من صناعة الحدث اليومي في الواقع السوري.
وبالتالي يمكن الخلوص إلى نتيجة مفادها أن الائتلاف الوطني للثورة والمعارضة بشكله الحالي اليوم لا يقدم إلا قيمة مضافة محدودة للدول الغربية وبالتالي فإن قدرة الائتلاف على التأثير أو التعاون مع هذه الدول تتناسب طرداً مع هذه القيمة المضافة.
يقف الائتلاف اليوم في وضع صعب للغاية حيث أن جمهوره في الداخل قام بسحب الثقة منه وبدأ بالإعلان عن كيانات بديلة تهدف لتمثيل الثورة. في حال استمر الوضع على ما هو عليه فسوف يتحول الائتلاف إلى نادي للمعارضين في الخارج لا يمتلك القدرة على تمثيل الثورة والمعارضة في الداخل السوري وتنحصر وظيفته في تسويغ وإسباغ الشرعية على ما يعقد معه من اتفاقات باسم الشعب السوري. كما سنشاهد ظهور المزيد من الكيانات في الداخل التي تدعي تمثيل المعارضة أو الشعب السوري أو تمثيل جزء منه. والتي ستكون في حالة تنافس مع الائتلاف ويمكن من خلال التعامل معها تشكيل ضغط إضافي دولي على الائتلاف.

المطلب الثاني:
الائتلاف من الداخل (عبر مقابلة مع أحد أعضائه) وأهم الانتقادات الموجهة له
سنتحدث بهذا المطلب عن الائتلاف من الداخل عبر إجراء مقابلة مع أحد أعضائه وطرح بعض الأسئلة حول الائتلاف بالإضافة إلى تسليط الضوء أيضاً حول الانتقادات الموجهة للائتلاف …

الفرع الأول :
مقابلة مع أحد أعضاء الائتلاف
قام أحد أعضاء الفريق لدينا بمقابلة مع أحد أعضاء الائتلاف السوري المعارض من خلال المكالمة الصوتية وطرح العضو عدة تساؤلات واستفسارات حول الائتلاف وبعض الإشاعات التي تدور حوله
المقابلة كانت مع الأستاذ (محمد خضر ولي) عضو الائتلاف منذ عام ٢٠١٧ وطرح عليه بعض الأسئلة سنذكر بعضها في هذا الموجز
أولاً: بدء الحوار حول الإئتلاف وتشكيله ومن أين اكتسب شرعيته؟ ليرد الأستاذ محمد أن الائتلاف جاء بمطلب جماهيري ودعم لوجوده وأكد أن الائتلاف برغم من غياب الانتخابات إلا أنه كان حاضراً برغبة شعوبية ثورية طالبت بوجوده عبر ساحات التظاهر، وأكد أن الائتلاف يمثل أهداف الثورة السورية وأهداف السوريين ولن يتخلى عن مبادئ الثورة مهما حدث وأما عن
ثانياً: الشرعية الدولية: أكد الأستاذ محمد أن الائتلاف حصل على تأييد ما لا يقل عن ١٣٨ دولة اعترفت به ومن بينها (الولايات المتحدة الأمريكية – كندا – تركيا – المملكة العربية السعودية) وهذا الاعتراف أضفى شرعية وقبول دولي له منذ البداية
ثالثاً: أهداف الائتلاف وما تحقق منها فقد أكد ولي أن الائتلاف له هدف أساسي لا يمكن التراجع عنه وهو إسقاط النظام السوري ومنح السلطة للشعب ليختار ما يناسبه عبر انتخابات حرة، وأكد أن للائتلاف أهداف عدة داخلية وخارجية يسعى لتحقيقها يصل لمراده الأساسي. ومن بين هذه الأهداف فقد أكد ولي أن الائتلاف يسعى لتشكيل كيان عسكري مستقل على الأراضي السورية بالإضافة للعمل على الجانب الإعلامي والوصول لجميع السوريين الأحرار عن طريق التواصل الاجتماعي والاستفادة قدر الإمكان من التقدم التقني والتكنولوجي الذي أصبح يتيح الوصول للمواطنين بشكل أسهل وأفضل.
رابعاً: أهم العوائق التي تواجه الائتلاف من وجهة نظر الأستاذ محمد فقد أكد أن هناك عدة أمور بحاجة لمعالجة كي لا تبقى نقطة ضعف للائتلاف ومنها العمل على الجانب الاقتصادي من أجل تمويل الائتلاف ذاتياْ وعدم الاعتماد على الدعم الخارجي، بالإضافة لأهمية وجود صلة تجمع بين المواطن والائتلاف، وإنشاء كيان عسكري مستقل داخل الأراضي السورية يتبع للائتلاف بشكل مباشر ويمثل أهداف الثورة السورية، وهي عدة نقاط يعمل عليها الائتلاف لتطويرها والعمل عليها …
خامساً: مسألة جواز السفر السوري وإشكاليته والدول التي اعترفت به: فقد أكد الأستاذ محمد حول هذا الأمر أن الائتلاف لم يطرح مطلقاً أي جواز سفر وما يشاع حول وجود جوازات سفر صادرة عن الائتلاف ماهي إلا إشاعات، وأكد أن الأمر مطروح على طاولة الائتلاف لكن لم يتخذ أي إجراء بعد لاستخراجه
وأنهينا مقابلتنا هذه بسؤال أخير حول آلية التوظيف داخل الائتلاف فقد أكد ولي أنه يوجد لجنة تضم مختصين هم من يقومون بتقييم المتقدمين للائتلاف وارتقاء الأجدر والأفضل على الصعيد العلمي والمعرفي دون النظر لعرق أو دين المتقدم، ليؤكد أن الائتلاف لجميع السوريين الذين خرجوا للمطالبة بالحرية وما يميز أحدهما عن غيره هو تحصيله العلمي والخبرة التي يتملكها.

الفرع الثاني: الانتقادات الموضوعية الموجهة للائتلاف
حظي الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة بتأييد شرائح واسعة من السوريين عند تأسيسه في العام 2012، لكن بعد ذلك بدأ الخطاب الناقد لتصرفات الائتلاف يصبح العام والسائد، وبدأت الشرائح الواسعة التي أيدته في البداية بتوجيه انتقادات لاذعة له. لذلك قام أحد أعضاء الفريق لدينا بالتواصل مع بعض الشخصيات السورية وحصل منهم الانتقادات المتفاوتة على الأرض الواقع وهم:
أولاً: الأستاذ نجم الدين محمد:
تحدث الأستاذ نجم عن الائتلاف لقوى الثورة والمعارضة فقال: هي إحدى أطراف المعارضة السورية كما وهي أيضاً أحد أطراف هيئة التفاوض وتمثل الشريحة من المجتمع السوري وليس الكل. ولا تأخذ شرعيتها من كامل المجتمع السوري. لكن بمقارنةً مع القوى الأطراف المعارضة الأخرى فهي أفضلهم من جانبه التمثيلي الشرعي للشارع السوري برغم من وجود انتقادات لها من قبل الشارع والنخب المثقفة من المجتمع السوري. الائتلاف يحتاج إلى إعادة هيكلة تنظيمية وتأهيله لتمثل كافة شرائح وأطياف المجتمع السوري عامة وكذلك تغيير نهجه في جانبه الفكري والسياسي للاستيعاب كافة التيارات المختلفة من المجتمع السوري من العرب والكرد والتركمان والدروز والعلويين والآشوريين والكلدانيين والأرمن والمسيحيين. لكي تمثل كافة الشرائح المجتمع السوري لأن الائتلاف في شكلها الحالي لا تمثل كافة شرائح المجتمع السوري لهذا تبقى شرعيتها محدودة في إطار فئة معينة. وسيطرة التيار الديني عليها وفرض أجندتها تجعل الكيانات المتواجدة فيها بعيدة عن الشارع السوري وتبقى شرعيتها غير مكتملة.
أما التعيين في أكثر الأحيان لها تأثير سلبي على المعارضة أو تلك الجهة السياسية والثورية إذا تم وفق أجندات معينة ومحسوبيات كما في وصفها الحالي تكون كارثية على المجتمع أما إذا تم التعيين وفق توافق السياسي وبين الكيانات والكتل السياسية لضرورة المصلحة العامة، وأخذ بعين الاعتبار الكفاءات الفكرية والسياسية والعلمية ووضع الشخص المناسب في مكان المناسب ووفق اختصاصات محددة عندها نستطيع القول بأنه إيجابي لكن في كلتا الحالتين التعيين غير قانوني وفق شرائع المعمول به. والتنوع شيء إيجابي جداً إذا كان تمثل وتشمل كافة أطياف المجتمع عامة والتنوع يكون على أساس فكري أو سياسي ولا يكون على أساس طائفي وعرقي في هذه الحالة ألا تكون أي جهة أو طيف سياسي واجتماعي خارجها أي أن تشمل الجميع وبشكلٍ متساوي وفق شرائع والقانوني المعمول به. يجب ألا تفضل طيف على طيف أو جهة سياسية على أخرى
في حالة الائتلاف السوري الحالي نجد هناك إقصاء البعض وفرض جهة نفسها على سياسة الائتلاف العامة، وكذلك الائتلاف لا تمثل كل أطياف المجتمع السوري لهذا قد تفقد شرعيتها ومشروعيتها وعلى أساس الائتلاف المبنية على أساس التنوع لكن للأسف هناك جهة أو كتلة معينة تسيطر عليها وحتى أن هناك بعض الكفاءات المناسبة أو ثورية فيها. فهي مهمشة وليس لها أي تأثير أو دور في هيئته السياسية والهيئة العامة، بهذا يمكن أن نقول إن سياسة الائتلاف تم اغتصابه من قِبل كتلة معينة تجد نفسها الأكبر والأقوى بفعل أجنداتها يقوض دور الكفاءات الموجودة فيها. بهذه العقلية الفوقية والاقصائية قد لا تمثل الائتلاف توجهاتي السياسية رغم قلت سابقاً بأنها أفضل الموجودين من بين القوى المعارضة السورية، لأننا دائماً نطمح إلى الأفضل حتى نرتقي بالائتلاف بأن تكون كيان سياسي وثوري تمثل كافة شرائح المجتمع السوري .أما إذا بقي الائتلاف للقوى الثورة والمعارضة على هذه السياسة كما قلت ستفقد شعبيتها بالكامل و شرعيتها هناك أمثلة كثيرة لا أريد الخوض فيها أو التطرق إليها فقط من باب التذكير هناك كتائب مسلحة يتبناه الائتلاف وهي ترتكب أفظع الجرائم بحق المجتمع السوري من قتل وخطف ونهب وسلب ولا يستطيع الائتلاف محاسبتهم وهذه التيارات تعبث بمصالح المجتمع السوري وهناك تيارات أخرى تعمل على ضرب المجتمع السوري من خارج الائتلاف لسنا بصددها .إذاً المجتمع السوري بحاجة إلى إطار تمكن من وحدة المجتمع السوري ونبذ العنف والقتل على الهوية. فيما يخص توجهات الثورة الكل يدعي الثورة لكن الكل لا يمثل توجهات الثورة هناك بعض الشخصيات الثورية في الائتلاف لكن دورها جانبي وغير فاعل لسبب أن هناك جهة تحاول فرض أجندتها وسياستها (أجندة حزبية). وهذه الجهة تتعامل بعقلية الاقصائية والفوقية لهذا ابتعد الائتلاف كثيراً عن أهداف الثورة.
إذاً المجتمع السوري ليس له تمثيل كامل في أي جهة من المعارضة وما يخص الائتلاف بأنه كيان غير مكتمل لكي تمثل كافة شرائح المجتمع السوري لأن هناك بعض المكونات للمجتمع السوري ليس له تمثيل حقيقي داخل الائتلاف. إن وجد هناك من يدعي بأنه يمثل تلك المكون. فهو لا يمثل إلا نفسه. لهذا قلت يجب إعادة هيكلية الائتلاف لكي تمثل كافة المجتمع السوري. وما يخص فكرة الشخص المناسب في مكان المناسب. قد يكون الاختيار إيجابياً أحياناً لظروف ما. إذا تم التوافق عليها بين الكتل السياسية من أطياف المجتمع لضرورة المصلحة العامة كما في حالة تشكيل الحكومات وأخذ الكفاءات العلمية والفكرية والسياسية بعين الاعتبار لكن في الحالة العامة ووفق شرائح والقوانين المعمول به يبقى الانتخاب أفضل من الاختيار والتعيين لأنها حالة صحية، أما الاختيار حالة غير صحية. لذا أفضل الانتخاب والتصويت في إطار كل كتل سياسية والتوافق عليها على شخص المنتخب. والائتلاف في صيغته المكتوبة والنظم الواقعية قد تمثل الثورة وتوجهاتي السياسية إذا تعاملت بنفس النظم على أرض الواقع لكن يبقى تلك مجرد حبر على الورق في كثير من الحالات. لكن في الحالة العملية وعلى أرض الواقع لم نجد للائتلاف دور فاعل ومؤثر. بل أحياناً دورها سلبي اتجاه الحالات وبعض القضايا العملية في داخل السوري. لأنها لا تتعامل بصيغتها الكتابية مع أحداث داخل المجتمع السوري نجدها تفضل طيف من المجتمع السوري على الآخر. وهذا ما خلق حالة تباعد اجتماعي بين أطياف المجتمع السوري. أما فيما يخص باعتراف الأمم المتحدة بشرعية الائتلاف لقوى الثورة والمعارضة وفق شرائح دولية قد تمثل توجهاتي السياسية. ولكن إذا استغلت تلك الاعتراف من كتلة ما لصالح طيف محدد من المجتمع السوري، تبقى تلك الشرعية والاعتراف مجرد إعلان لتمرير مصالح بعض الدول واستغلال طاقاته لخدمة الأجندات الدولية لا أكثر، عندما تعترف الأمم المتحدة بشرعية جهة عليها رعايتها مراقبته والإشراف عليها ومحاسبتها عن الخروج. تلك الجهة عن أدائه المطلوب منه وفق شرائح دولية. لهذا الائتلاف ليس ممثل شرعي ووحيد للثورة السورية والشعب السوري. كون الائتلاف إحدى الكيانات في هيئة التفاوض والتي تضم سبعة كيانات سياسية وهي لها شرعية التفاوض والحوار في جنيف واللجنة الدستورية للوصول إلى حل الأزمة السورية مع الجهات الدولية الراعية بالتنسيق مع الدول الاقليمية المتاخمة مع سوريا وفق قرار الشرعية الدولية 2254.
ثانياً: الأستاذ عبد الله كدو
عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري
كما تعرفون لم تجر أي تصويت على تمثيل السوريين سياسياً، لتعذر ذلك، لكن هناك شرعية القضية، فجميع الممثلين في الائتلاف يطالبون بالتغيير الديمقراطي، المتمثل بإسقاط نظام الحكم في سوريا، لأنه بسبب فساده واحتكاره للسلطة والثروة يتناقض مع مصالح وطموحات معظم أفراد ومجموعات الشعب السوري. ونظراً لاحتواء الائتلاف على نسبة كبيرة من القوى السياسية والاجتماعية من المكونات السورية فقد حظي الائتلاف بالشرعية الدولية، واستطاع أن يتقاسم طاولة المفاوضات مع النظام في مفاوضات جنيف2 في عام 2014‬ أما فيما يخص آلية التعيين تثير الرفض وتثير محاولات إعاقة الائتلاف وطرح البدائل من قبل من هم خارج الائتلاف.
لكن حتى لو تم توسيع الائتلاف ليتحول عدد أعضائه الى المئات، سيظل لدى كثيرين احساس بعدم توفر الشرعية لدى الائتلاف والحل النهائي هو إجراء الانتخابات الديمقراطية لدى توفر الظروف اللازمة وتنوع التمثيل، أي تنوع المكونات، يعني الابتعاد عن الاستئثار والاحتكار
وهذا يفيد الشرعية وبشكل عام تتوفر الكفاءات السياسية والإعلامية والقانونية والاجتماعية والنسائية والشبابية والنقابية والحزبية في الائتلاف، لكن مازال هناك حاجة للكفاءات والاختصاصات. والشخصيات ” الثورية” لها مدلولات مختلفة، ففي الائتلاف شخصيات تسعى لتغيير الحكم رأساً على عقب، وتستند على أرضية دينية إسلامية، وهناك آخرون يسعون لذلك انطلاقا من دوافع ليبرالية، وأخرى تستند على ارضية دينية قومية وهكذا لكن الائتلاف يشتمل على تمثيل مختلف المكونات الوطنية السورية القومية والدينية والطائفية، ومن الجنسين. أما التفاعل السياسي والتجاذب مستمر، وتثبيت القرارات يتم بالتصويت بموجب النظام الداخلي للائتلاف، وعليه بكل تأكيد هذه العملية تؤثر على الائتلاف
ولدي تحفظ على بعض منطلقات وسياسات الائتلاف ولكن النقاط المشتركة أكثر مما يدفعني للاستمرار فيه والسعي لتثبيت السياسات التي أراها أنسب
واعتراف الأمم المتحدة بالائتلاف يعتبر جزء مضيء من سياستها، ويتوافق مع توجهاتي وقناعاتي. وكما أن الائتلاف هو أحد أهم المؤسسات التي تمثل جانب مهم من الشعب السوري، لكنه لا يمثل كل الشعب السوري، حيث هناك قوى اخرى من المعارضة والثورة السورية تمثل شرائح معينة من الشعب السوري.

الخاتمة :
بهذا القدر نكون قد وضعنا بين أيديكم بحثنا حول الإئتلاف وشرعيته، وكما رأينا لقد عانى الائتلاف طوال مسيرته السياسية من انتقادات ومواقف متباينة ومتأرجحة باستمرار، ويمكن قول إن وصول الائتلاف وتمثيله لمطالب الشعب بحالة واقعية وليست مطلبية أثرت على شرعيته وعرضته لانتقادات عدة، ربما الوضع الذي أنشأ الائتلاف كان طارئاً ولا يسمح بانتخابات مباشرة (ثورة شعبية)
لذلك تكون الشرعية مرتبطة بمدى تحقيق هذا الكيان لمتطلبات الشعب والحرص عليها ومجرد الابتعاد عنها يفقد شرعيته (المعنوية) التي اكتسبها منذ البداية، ومن المؤكد هناك من يتفق وهناك من يتعارض مع الائتلاف لكن ما يتفق عليه الجميع هو أن الثورة السورية مستمرة لغاية تحقيق أهدافها سواء كانت عن طريق الائتلاف أو غيره فالشرعية الوحيدة التي نؤمن بها جميعاً هي (الإيمان بحقنا) وهذا يكفي لتحقيق ما خرج بها ملايين السوريين ولو كان بعد أجيال.

النتائج والتوصيات
بعد اطلاعنا على جميع ما سبق يمكن أن نقدم الأن بعد التوصيات المبنية على معلومات سابقة وتعكس وجهة نظرنا الشخصية.
التوصية الأولى:
قد يكون أكثر ما يحتاجه الائتلاف هو (بناء رؤية مستقبلية) لآنها مرتكز أساسي لبناء ايديولوجية وأهداف واضحة وهو ما يفتقر له الائتلاف وما بدا واضحاً اليوم فلم يتمكن بعد من تشكيل رؤية مستقبلية (ما بعد بشار الأسد) .
التوصية الثانية:
أهمية التركيز على القضايا الرئيسية لسبب وجوده ونشأته والابتعاد عن المشاكل الداخلية فقد لاحظ الجميع منا المشاكل التي نشأت داخل الائتلاف وجميها كانت مشاكل ذات طابع قيادي ورغبة في المنصب والانشغال بالحصول عليه وصرف النظر في كثير من الاجتماعات عن الشأن السوري والاكتفاء بحل المنازعات الداخلية بين أعضاء الائتلاف.
التوصية الثالثة:
أهمية إنشاء جهاز مالي مستقر يضمن الدعم الذاتي للائتلاف ويبعده عن مصالح الدول الراعية والداعمة له فقد عانى الائتلاف منذ النشأة من انعدام الدعم الذاتي والاعتماد على الدول الحاضنة والراعية له ما تسبب في تضارب العديد من المصالح بين ما يرغب به الإئتلاف وما ترغب به دول الدعم.
– جميع ما سبق أثر بشكل سلبي على شرعية الائتلاف لدى السوريين والعمل على ما سبق وإصلاحه سيكون له تأثير ايجابي وفعال على استقلاله وتعزيز شرعيته (المعنوية) لدى السوريين.
المراجع :
– كتاب الانبثاقات السياسية خلال الثورة السورية – مركز حرمون – ساشا العلو – تم الاقتباس من الصفحة 55 إلى الصفحة 105
– حسن صفاء ابراهيم سلطان – دراسة نيل البكالوريوس – السلطة السياسية بين الشرعية والمشروعية

يمكنكم تحميل ملف البحث بصيغة Pdf عبر الرابط التالي:
موقف السوريين من شرعية الإئتلاف (2)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: