الدكتور عبد الرحمن الحاج لـ”مسارات”: اللجنة الدستورية ميتة والوضع بحاجة إلى تغيير وربما يمكن إلغاء الفصائلية بالقوة
أجرى مركز “مسارات للدراسات ” لقاءً خاصًا مع مدير مؤسسة الذاكرة السوري الدكتور والأكاديمي، عبد الرحمن الحاج، للحديث عن التحركات الأخيرة للمعارضة السورية وتأثير تلك التحركات في مستقبل سوريا وتزويم النظر تجاه القضية السورية من جديد.
وقد وجّه مركز “مسارات للحوار والتنمية السياسية” عدة أسئلة للدكتور “الحاج” وأجاب عنها بشكل مستفيض.
وفي رؤيته للتحرك الأخير من قبل المعارضة السورية إلى جانب التحرك الدولي وخاصة الولايات المتحدة، وهل لدى المعارضة شيء جديد تستطيع من خلاله جذب الأنظار من جديد لقضيتها وقضية السوريين؟ أجاب الدكتور عبد الرحمن: “لدى المعارضة قدرة على التحرك لو أرادت، يفترض أن تنشط في العلاقات الدولية بشكل أكبر بكثير، وتلتقي مسؤولين على مستوى صانع القرار في الدول الحليفة أو الداعمة لها”.
وأضاف: “لا يزال أداء المعارضة في العلاقات الخارجية ضعيفًا للغاية، بغض النظر عن تغير المناخ الدولي والتحولات التي جرت في المنطقة والعالم خلال أحد عشر عاماً منذ اندلاع الثورة”.
ولدى سؤاله عن أنّ ضعف التحرك يعود لافتقار المعارضة للتمويل، أجاب “الحاج”: “لا أعتقد أن ضعف التمويل عائق أمام هذا النوع من التحركات”، مشيرًا أن المعارضة لم تستثمر في الجاليات السورية، ولا يزال لديها الفرصة لذلك، لكنها تحتاج إلى عمل منظم وإلى انفتاح على مستوى هيكلية الائتلاف مثلًا، هنالك إعاقة ذاتية في الائتلاف للانفتاح والتحرك مع الجاليات والتوسع في قاعدته الاجتماعية.
وأكد أنّه يمكن للمعارضة ممثلة بمؤسساتها الرسمية أن تدعو إلى مؤتمرات سورية وطنية عامة دولية بهدف عرض الوضع الراهن ومشاركة السوريين في الأفكار وأن يستضيف ممثلين للدول أو شخصيات رسمية في إحدى الدول الأوروبية وتحويله إلى حدث سنوي يجدد الاهتمام بالقضية.
واعتبر الحاج أنّ المؤسسات التنفيذية للمعارضة بما فيها الجيش الوطني بحاجة لمقاربات جديدة، وأضاف “نحن نعلم الوضع الراهن جيدًا، لكن الوضع الحالي يحتاج للتغيير، ربما يمكن إلغاء الفصائلية بالقوة، لست واثقاً من ذلك تماماً، ولكن حيث أن الاندماج مستحيل لأنه تنازل طوعي عن المكاسب فإن الطريقة الوحيدة هي القوة، أو تشكيل قوى جديدة على أسس مغايرة”.
وأكّد أن “هنالك قوى وطنية متماسكة تضع مصلحة سوريا في أولوياتها وتتعامل على هذا الأساس ربما تنهض هي بهذا الدور، وإذا لم تقم هي بذلك فإن هيئة تحرير الشام قد تقوم بها”.
في حين أشار “الحاج” أنّ التقرير أممي الذي صدر قبل أيام عن الانتهاكات لدى فصائل الجيش الوطني مفزع للغاية، ولا يجب السكوت عما يجري، مضيفًا: “هذا في النهاية وضع يضر بالسوريين جميعا ضررًا فادحًا، ويضاعف صعوبات الحياة على أولئك المتمسكين بأرضهم والبقاء على أرض سوريا”.
وذكر أنّ “هنالك مساحات كثيرة للعمل، يحتاج الأمر للتفكير، وهنالك مخاطر متزايدة على مستقبل المعارضة والسوريين بعد عشر سنوات من الثورة مع وجود ملامح تغيرات وانعطافات حادة مقبلة في الموقف من نظام الأسد، يجب أن يتم التعامل معها وعدم الانتظار حتى تتحقق”.
كما يجب أن تسعى المعارضة السياسية على وجه الخصوص إلى بناء مصادر تمويل مستقلة، لا يجب أن تنتظر تمويلًا من أحد، وأن تبني على توقع الأسوأ لكي تبقى قادرة على الاستمرار وتعطي نفسها مساحة للاستقلال.
وفي سؤاله عن رأيه في أن الجهود المبذولة من قبل المعارضة السورية لاتلبي حاجة السوريين سواء في تركيا والتي يعاني منها السوريين من عنصرية مفرطة أو في الداخل السوري والذي يعاني من تفكك المعارضة واتهامها بأنها تعمل لمصلحتها بعيدًا عنهم وعن آلامهم ومعاناتهم قال الحاج: “جهود المعارضة في مواجهة العنصرية المتزايدة ضد اللاجئين السوريين ضعيفة للغاية إلى حد أنها غير مرئية، لا يتعلق الأمر بتركيا والاستثمار الانتخابي في أذية اللاجئين السوريين من قبل المعارضة التركية وحسب وإنما في دول أخرى مثل لبنان”.
وأضاف: “يجب على المعارضة التحرك بشكل ممنهج مع الحكومات لمواجهتها، في البلدان التي يعاني فيها السوريون، صحيح أن قدرة المعارضة محدودة لكنها يجب أن تتحرك بالتعاون مع المنظمات الحقوقية الدولية والأممية والشبكة السورية لحقوق الأنسان لمواجهة هذا الوضع، وهي إلى اليوم لا تقوم بالحد الأدنى، خصوصًا في الدول التي لا يظهر فيها احترام القانون، كما يجب عندما يتعلق الأمر بممارسات عنصرية ضد السوريين أو تفتقر إلى التشريعات اللازمة لمواجهته، أو الأمرين معًا كما في لبنان”.
كما وجّه مركز “مسارات” سؤالا أخيرًا للدكتور “الحاج” عند أداء دور المعارضة السورية وتناسبه مع حجم تضحيات الشعب السوري اليوم وعن رأيه في مستقبل اللجنة الدستورية، أجاب الدكتور: “اللجنة الدستورية شبه ميته، ولم يعد يعول عليها أحد لا من السوريين ولا من الدول، متروكة لكي يتم استخدامها في حال أنجز اتفاق دولي حول سوريا للأطراف المنخرطة عسكريًا على الأرض وشركائهم، غير ذلك يجب نسيانها تماماً، هي أساساً ولدت لإجهاض الحل السياسي، لأنها يفترض أن تكون نتيجة تشكيل جسم انتقالي يدير البلاد ويشكل لجنة دستورية لوضع دستور جديد”.
وأكد أنّ تشكيل اللجنة قبل الجسم الانتقالي تعني منح النظام القائم السلطة المطلقة في تفعيل اللجنة وتعطيلها، وأضاف أن هذا ما حدث، وأن اللجنة لعبت أسوأ دور في خديعة العالم وإيهام الكثيرين بأنها الأمل في الحل السياسي، كما أنها أعطت الدول الغربية والعربية من أصدقاء سوريا شيئا من “راحة الضمير” أمام شعوبها بأنّ هنالك عملية سياسية سورية تدار في جنيف بين الطرفين، لكن الواقع أنها كانت مجرد عملية صورية.
وختم الحاج كلامه بأنّ الاعتماد على اللجنة الدستورية كان قتلًا بطيئًا للأمل بالتغيير وتغطية لتراجع الحلفاء في فعل شي وتخلي المجتمع الدولي عن مسؤولياته.