الدراسات والبحوث

قراءة تحليلية في تصريحات الرئيس التركي الأخيرة

أدلى الرئيس التركي، رجب طيب أرودغان، اليوم الجمعة 19 آب/ أغسطس، بتصريحات جديدة متعلقة بموقف بلاده من الملف السوري.
وقال أردوغان بحسب ما نقلته وكالة الأناضول: “كنا دائما جزءا من الحل وأخذنا على عاتقنا تحمل المسؤولية حيال سوريا وهدفنا الحفاظ على السلام الإقليمي وحماية بلادنا من التهديدات الخطيرة الناجمة عن الأزمة”، مضيفًا: “ليس لدينا أطماع في أراضي سوريا، والشعب السوري هم أشقاؤنا ونولي أهمية لوحدة أراضيهم، ويتعين على النظام ادراك ذلك”، مؤكدًا خلال المؤتمر الصحفي: “يتوجب علينا الإقدام على خطوات متقدمة مع سوريا يمكننا من خلالها إفساد العديد من المخططات في هذه المنطقة من العالم الإسلامي”.

وأمام هذه التصريحات يمكننا الوقوف على سلسلة من النقاط:

  1. يمكن قراءة التصريحات الجديدة كنوع من “المغازلة الناعمة” لنظام الأسد، والتي تشير لها عدة عبارات منها:
    – “الشعب السوري هم أشقاؤنا ونولي أهمية لوحدة أراضيهم ويتعين على النظام إدراك ذلك”.
    – “هدفنا ليس الانتصار على نظام الرئيس السوري بشار الأسد ، بل مكافحة الإرهاب في شمال سوريا وشرق الفرات”.
    – “الدول لا يمكنها مطلقاً استبعاد الحوار السياسي والدبلوماسية”، وذلك خلال رده على سؤال أحد الصحفيين حول “احتمالية إجراء محادثات مع سوريا”.
    – “يتوجب علينا الإقدام على خطوات متقدمة مع سوريا” وهنا يمكن فهم كلمة سوريا بأنها “سوريا الأسد”، وليس “الملف السوري”، إذا إن سياق الكلام موجه نحو نظام الأسد,كما أن تتمة التصريح تؤكد ذلك، والتي جاء فيها “يمكننا من خلال ذلك إفساد العديد من المخططات في هذه المنطقة”، أي أن الخطوات المتقدمة “الجديدة” ليست على غرار العمليات السابقة بالاشتراك مع قوى المعارضة وإنما خطوات من نوع مختلف مع نظام الأسد.
  2. أكدت التصريحات وجود نية حقيقية لتركيا بانتهاج مقاربة جديدة في علاقاتها مع النظام، تقوم على الاعتماد على نظام الأسد وروسيا وإيران في طرد المليشيات الانفصالية، من مناطق العمليات التي تخطط تركيا لتنفيذها، وربما محاول بناء تحالف جديد يضع نظام الأسد وقوى الثورة برعاية روسيا وتركيا في خندق واحد ضد مليشيا قسد والولايات المتحدة، والذي يؤكد ذلك هو تتمة التصريحات التي جاء فيها أن “الولايات المتحدة وقوات التحالف هم المغذون للإرهاب في سوريا في المقام الأول لقد قاموا بذلك دون هوادة ولا يزالون يواصلون ذلك”، وأن هدف أنقرة هو الحفاظ على السلام الإقليمي وحماية تركيا من التهديدات الخطيرة الناجمة عن الأزمة و “مكافحة الإرهاب في شمال سوريا وشرق الفرات”، وليس الانتصار على نظام الأسد.
  3. تنطلق المقاربة التركية الجديدة، من عدة دوافع، أبرزها “سياسة تصفير المشاكل” قبيل الانتخابات الرئاسية والنيابية المزمع عقدها في حزيران/ يونيو 2023 والتي تشكل تهديدًا حقيقيا لحزب العدالة والتنمية وبقائه بالسلطة، وتحتم عليه تعديل سياساته لحشد الدعم المحلي والدولي في أقل من عام، مع الإشارة هنا إلى أن التصريحات حول الملف السوري تزامنت مع أخرى متعلقة بالتقارب مع النظام المصري، وأخرى متعلقة بتدعيم العلاقات مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي.

يضاف لذلك أن تركيا مع مرور الوقت وتطبيع كثير من الدول لعلاقاتها مع نظام الأسد أصبحت مدركة لعدم إمكانية رحيل نظام الأسد، وهو أمر ليس على أجندتها بطبيعة الحال بحسب تصريحات الرئيس التركي، وأنها من الممكن أن تلتقي مع النظام بمساحة من المصالح المشتركة على رأسها محاربة مليشيا قسد الانفصالية، وبذلك تكون قوى الثورة هي المتضرر الأكبر من المقاربة التركية الجديدة بحال نجاحها، لضيق الخيارات التي تملكها، مع الإشارة في هذا السياق لوجود تسريبات عن طرح أمريكي جديد، ومبادرة تقودها واشنطن ودول غربية أخرى تتمحور حول إعادة دعم قوات المعارضة في الشمال والشمال الغربي لسوريا لقاء تقاربها مع مليشيا قسد من جهة وتكثيف مواجهتها مع المليشيات الروسية والإيرانية من جهة أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى