مقالات الرأي

الجيش الوطني السوري والتحول نحو مؤسسة عسكرية احترافية

مع مرور نحو 5 سنوات على تشكيل الجيش الوطني السوري، الذي تأسس في أيار/ مايو 2017؛ تتزايد الدعوات لضرورة إنهاء الحالة الفصائلية وتعزيز دور وزارة الدفاع التابعة للحكومة المؤقتة.

وبحسب معلومات فإن مبادرة يقوم عليها عدد من الأكاديميين والمستقلين، انطلقت قبل أسابيع، تهدف إلى تعزيز المركزية ودعم الوزارة في التحول من الوضع الفصائلي إلى مؤسسة عسكرية احترافية، قادرة على ضبط عناصرها وتنظيم صفوفها، وقادرة على ضبط الأمن في المنطقة، والتجهيز لعمليات عسكرية بموارد ذاتية، وقادرة على تمثيل الثورة عسكريًا بقرار يتمتع بقدر من الاستقلالية.

تبدو بعض الفصائل وقياداتها متضررة من المبادرة، التي “ستسحب البساط” من تحت أقدامها، والسبب الرئيس في ذلك كون تلك الفصائل لا تعدو “ميليشيات مسلحة”، وكون قياداتها لا تعدو “زعامات حرب” وصلت بمحض الصدفة إلى مواقعها التي هي فيها، ولا تبالي تلك الفصائل إلا باستمرار وجودها واستمرار وصول الحقائب المالية لها بمختلف الوسائل، بما فيها فرض المكوس والأتاوات على السكان المدنيين في المنطقة، وربما التورط بتجارة المخدرات في بعض الأحيان.

في الوقت ذاته تبدو بعض الفصائل الأخرى أكثر وعيًا بخطورة المرحلة، في ظل المقاربة التركية الجديدة، القائمة على التقارب مع نظام الأسد، وترى ضرورة تعزيز المركزية في الجيش الوطني، وضرورة تمتعه بقدر من الاستقلالية في قرارها، وهو ما يقتضي، قيادة فاعلة، وهيكلية مركزية بعيدة عن الفصائلية، وموارد ذاتية.

اللافت في هذا السياق أن الفيلق الثالث في الجيش الوطني، بقيادته الجديدة، يبدو الأكثر وعيًا بخطورة الوضع التي وصلت إليه المنطقة، والأكثر تفاعلًا مع أي مبادرة من شأنها تعزيز المركزية، وهو ما أكدته عملية “تداول السلطة” التي حدثت في قيادته مؤخرًا، عندما استقال قائده السابق “أبو أحمد نور”، وتم انتخاب “حسام ياسين” بدلًا منه.

يضاف لذلك التحركات اللافتة لقائده الجديد، ولقاءاته المتكررة بوزير الدفاع وقيادات الجيش الوطني الآخرين، حيث نشرت الحسابات الرسمية للجيش الوطني لقاءين جمعا الياسين بوزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة العميد الطيار حسن حمادة في أقل من شهر، إضافة للقاءات متعددة مع قيادات الفيلق الأول والثاني في الجيش الوطني.

مع الإشارة في هذا السياق، لتحرك من نوع مختلف يقوده الفيلق الثالث، ويعد سابقة هي الأولى من نوعها لتشكيل عسكري في المنطقة، حيث نشر “القسم التعليمي” إحصائيات لما قال إنها أعداد الخريجين الجامعيين في صفوفه خلال عامي 2021 ـ 2022، والتي بلغت 828 خريجًا جامعيًا من الكليات والمعاهد، و75 خريجًا من أقسام الدراسات العليا، وذلك بهدف “إعداد الكوادر ورفع كفاءتهم وخبراتهم بما يعود بالفائدة على الثورة السورية” بحسب القسم، الأمر الذي يمكن اعتباره نوعًا من الوعي الاستراتيجي الذي قد يغير الخريطة العسكرية والفصائلية للمنطقة، ويمهد لتغيير استراتيجي يقوده “الطلبة المقاتلون”.

 

الأفكار الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي مركز مسارات للحوار والتنمية السياسية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى