الدراسات والبحوث

تقييم عام لإستراتيجية الحرب الروسية في أوكرانيا

1. نجحت القوات الروسية خلال اليومين الماضيين في تحقيق إختراقات مهمة على الجبهتين الشرقية والشمالية الشرقية، عبر الإستخدام الكثيف للقوة النارية وتدمير الدفاعات العسكرية وتدمير منظومات القيادة والسيطرة، وتدمير البنية التحتية العسكرية، وفرض السيادة الجوية، فضلاً عن هجمات سيبرانية، ومحاولة عزل مناطق شرق أوكرانيا عن العاصمة كييف.

2. أقدمت القوات الروسية يوم أمس على فتح جبهة أخرى من الشمال الأوكراني عبر الحدود البيلاروسية، وفتحت ممراً برياً بإتجاه العاصمة كييف، وهو ما تحقق بتقدم الدبابات والمدرعات الروسية في محيط العاصمة كييف من جهة الشمال، حيث تجري معارك طاحنة هناك الآن.

3. كما نجحت القوات الروسية في القيام بعدة إنزالات عسكرية في جنوب أوكرانيا، وتحديداً في جزيرة أوديسا وجزيرة الأفعى، بحيث أصبحت أوركرانيا معزولة من جهة البحر، ولم يعد لها أي منفذ بحري على البحر الأسود، وتمكنت روسيا عبر هذه الخطوة من التقدم نحو كييف من ناحية الجنوب عبر فتح ممر بري بين القرم وكييف، وكذلك فتح طريق نحو (جمهورية مولدافا)، ويبدو أنها قد تكون الهدف الثاني لبوتين بعد أوكرانيا.

4. حاولت القوات الخاصة الروسية يوم أمس التوغل داخل العاصمة كييف، عبر إرتداء ذات الملابس التي يرتديها أفراد الجيش الأوكراني الذي تم أسرهم، وهو ما تم كشفه فيما بعد، مما أجبر الجيش الأوكراني على إرتداء “شارات صفر على الكتف الأيمن” لتمييزهم عن الجنود الروس، في حين أرتدى الجنود الروس “شارات حمراء”، كما تم تمييز الدبابات والمدرعات والطائرات الروسية بأحرف ( V و O و Z)، كي لا يتم إستهدافها من قبل سلاح الجو الروسي، أو النيران الصديقة، وذلك لتشابه الأسلحة والمدرعات المستخدمة بين الجيشين، “صور مرفقة تبين ذلك”.

5. تمثل الجبهة الغربية لكييف الجبهة الأصعب للقوات الروسية، وذلك لقربها الجغرافي من دول حلف الناتو، كما تم اليوم تحشيد العديد من الحركات القومية الأوكرانية ضمن الجيش الأوكراني، فيما يعرف بالحرب الشعبية، وهو مادفع بوتين على ما يبدو بأستخدام القوة المفرطة في قصف العاصة كييف، وتحديداً الأهداف المدنية بالصواريخ والدبابات.

6. تصوير أوكرانيا على انها دولة معدومة الامكانات، يندرج ضمن الحرب الاعلامية بين الطرفين، وليس له علاقة بالمجريات الحقيقية على الارض، إذ بدأ اليوم تدفق كميات كبيرة من الأسلحة إلى داخل أوكرانيا من جهة الغرب، فضلاً عن إعلان الولايات المتحدة تخصيص مساعدات دفاعية لأوكرانيا بقيمة 350 مليون دولار، وهو ما دفع بوتين للإنقلاب على وقف إطلاق النار لغرض التفاوض، ما قد يبعد سيناريو السقوط السريع للعاصمة.

7. قد نكون أمام نموذج أفغاني جديد يتكرر في أوكرانيا، إذ أظهرت بعض صور الأعترافات للجنود الروس الأسرى، أنهم لم يكون على علم بساعة الهجوم، وتم الدفع بهم نحو الجبهة دون تخطيط مسبق، ولعل هذا ما يفسر سقوط أعداد كبيرة في صفوف الجيشين.

8. بدأت الدعاية الروسية تسلط الضوء على (الفرقة الشيشانية) كخيار يمكن أعتماده في الحرب، خصوصاً إذا ما تحولت مجريات الحرب نحو (حرب الإستنزاف وحرب العصابات)، والتحشيد العقائدي الأوكراني، ففي قبالة التطرف القومي “الأوكراني” سيكون هناك تطرف ديني “شيشاني”، وهو ماقد يعطي الصراع بعد آخر عن البعد الذي تسير عليه الآن.

9. توالي الدعم الغربي المتصاعد بالمال والسلاح لأوكرانيا، جعل بوتين يرى بأن موازين الحرب بدأت تتغير، على الرغم من أنه لم يستخدم سوى 50% من القوات المتواجدة على الحدود، وهو ما دفعه قبل قليل لإعلان الهجوم الواسع على الأراضي الأوكرانية فيما يبدو أنه يريد حسم الحرب بأي شكل، قبل أن تكون هناك مفاجأت غير متوقعة.

10. تمثل الحرب الدائرة حالياً حول مدينة خوركييف شرق أوكرانيا، عنصر الحسم في هذه الحرب، لقربها من العاصمة، ولأهميتها في ربط الجبهة الشمالية بالجنوبية، ولعل هذا ما يفسر إستماتة الجيش الأوكراني بعدم سقوطها تحت أي ظرف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: