تطورات الموقف الإسرائيلي من الحرب الروسية ـ الأوكرانية وانعكاساته على الملف السوري
بعد موقف ضبابي ومتردد من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ومحاولة تل أبيب لعب دور الوسيط بين روسيا والدول الأوربية، تمثلت في زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت لموسكو في آذار/ مارس الماضي ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ أخذت إسرائيل منحىً مختلفًا في علاقاتها مع موسكو وموقفها من الحرب الروسية ـ الأوكرانية.
ففي تصريح مفاجئ لوزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، أمس الخميس 21 تموز/ يوليو، حسم غانتس الجدل بخصوص موقف تل أبيب من الغزو الروسي لأوكرانيا قائلا “إسرائيل تقف في صف أوكرانيا والغرب في مواجهة الحرب الروسية على أوكرانيا”، ولا شك أن الإعلان الإسرائيلي من شأنه أن يحمل عدة انعكاسات على الملف السوري، يمكن حصر أبرزها بالنقاط التالية:
- من المتوقع أن تغلق روسيا المجال الجوي السوري أمام الطائرات الإسرائيلية التي تنفذ عمليات متكررة فوق سوريا تستهدف مواقع لنظام الأسد والمليشيات الإيرانية وحزب الله، ويبدو أن موسكو بدأت بالفعل بالتضييق على التحركات الإسرائيلية في الأجواء السورية، حيث أدانت موسكو للمرة الأولى الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت مطار دمشق الدولي، وذلك على خلفية إدانات إسرائيلية لعمليات القصف الروسي الذي يستهدف المدنيين في أوكرانيا، وقدمت موسكو حينها مشروع قرار لإدانة القصف الإسرائيلي في مجلس الأمن، في حين أن الهجمات الجوية الأخيرة التي تمت أمس الخميس 21 تموز/ يوليو واستهدفت مواقع عسكرية في منطقة “السيد زينب” بريف دمشق، انطلقت من الجولان المحتل، بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء الرسمية التابعة لنظام الأسد “سانا”، وهو ما يؤكد أن تل أبيب باتت تواجه مشكلات بخصوص تحليق مقاتلاتها فوق الأراضي السوري ولذلك ستكون في المرحلة القادمة أمام خيارين في تنفيذ ضرباتها العسكرية بسوريا:
الخيار الأول: تنفيذ الهجمات الصاروخية من الجولان المحتل، سواء باستخدام صواريخ أرض ـ أرض، أو بصواريخ جو ـ أرض، من خلال تنفيذ الغارات انطلاقًا من أجواء الجولان المحتل دون اختراق المقاتلات الإسرائيلية الأجواء السورية، كما حدث ليلة أمس.
الخيار الثاني: تنفيذ الهجمات الصاروخية من فوق الأراضي اللبنانية، حيث سبق واستخدمت تل أبيب الأجواء اللبنانية في عملياتها على سوريا، ورفع لبنان شكوى إلى الأمم المتحدة في آب/ أغسطس 2021 لـ”إدانة الخروقات الإسرائيلية للأجواء اللبنانية والاعتداء على سيادته” غداة تنفيذ الطيران الحربي الإسرائيلي غارات جوية ضد أهداف في سوريا انطلاقا من تلك الأجواء، وهو ما يجعل من الخيار الثاني معقدًا بعض الشيء إلا أنه خيار وارد و”مجرب” بالنسبة لتل أبيب.
-
من المتوقع أن تطلق روسيا يد الميليشيات الإيرانية في الجنوب السوري، بحال تطور دعم تل أبيب لأوكرانيا في مواجهتها مع موسكو، وأن نشهد بعض المناوشات على الحدود الشمالية لإسرائيل، مع الإشارة هنا لتنامي التنسيق بين روسيا وإيران في مواجهتهما مع الولايات المتحدة وأوروبا، وتوقيع البلدين للعديد من الاتفاقيات المشتركة على هامش قمة طهران مؤخرًا، أبرزها اتفاقية تعاون استراتيجي بين شركة النفط الإيرانية وشركة غاز بروم بقيمة 40 مليار دولار، تعد الأكبر في تاريخ قطاع النفط الإيراني بحسب مدير الشركة، إضافة لتسريبات حول عقد صفقة بيع طائرات مسيرة إيرانية لموسكو، ما يعني أننا قد نشهد تنسيقًا جديدا بين موسكو وطهران ضد إسرائيل وضد الوجود الأمريكي في سوريا في المرحلة القادمة.
-
من المتوقع بحال تصاعد الخلافات الروسية ـ الإسرائيلية أن تدفع تل أبيب بالدول الغربية والولايات المتحدة لإعادة دعم قوات المعارضة في الجنوب السوري وربما نشهد تحركات عسكرية لقوات المعارضة انطلاقًا من قاعدة التنف على الحدود السورية ـ الأردنية ـ العراقية، ضد تلك الميليشيات، وتسارع في التنسيق بين تل أبيب وعمان التي أعربت عن قلقها من تنامي الوجود الإيراني على حدودها الشمالية الغربية مؤخرًا، وعقدت عدة اجتماعات مع قوات المعارضة في قاعدة التنف.