الدراسات والبحوث

قراءة تحليلية حول لقاء تميم وبايدن..هل تعوض #قطر #أوروبا عن الغاز الروسي؟

يمكن فهم اللقاء الذي سيجمع أول زعيم خليجي مع بايدن منذ وصوله للـ #البيت_الأبيض في سياق الخطوات الأمريكية الجادة مع شركائها لضمان تعويض نقص امدادات الغاز الروسي لأوروبا جراء غزو #روسيا المحتمل لأوكرانيا

أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي “جو بايدن” سيستضيف أمير قطر الشيخ “تميم بن حمد آل ثاني”، يوم الإثنين 31 يناير/كانون ثاني. وأكد البيت الأبيض أن تأمين استقرار إمدادات الطاقة العالمية سيكون من بين الأمور التي سيتم مناقشتها في الاجتماع.
كما أكد رئيس المجلس الأوروبي “شارل ميشيل”، خلال اتصال هاتفي مع أمير قطر، الجمعة 28 يناير/كانون ثاني، أن “الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وقطر متعددة الأوجه وتزدهر”، مشيدا بموثوقية قطر كمزود للطاقة وأهميتها لأمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي. وفي وقت سابق، ناقش وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن” في اتصال هاتفي مع نظيره القطري الشيخ “محمد بن عبد الرحمن آل ثاني”، إمدادات الغاز العالمية في ظل التوتر بين روسيا وأوكرانيا.

التحليل

تستخدم روسيا الغاز الطبيعي كأداة سياسية ووسيلة فعالة لتمدد نفوذها داخل أوروبا منذ عقود، حيث تمثل واردات الغاز الروسي ما يزيد عن 40% من إجمالي احتياجات أوروبا من الغاز. لا تتوقف روسيا عن استخدام صادراتها من الغاز الطبيعي لأوروبا كورقة ضغط لتحقيق مصالحها داخل أوروبا، بداية من التهديد بقطع إمدادات الغاز خلال أزمات روسيا المتكررة مع أوكرانيا في العقدين الماضيين وانتهاء بأزمة الغاز الحالية التي تعاني منها أوروبا في ظل شتاء قارس. حيث ساهمت روسيا في مفاقمة الأزمة بعد أن خفضت من صادراتها لأوروبا بنسبة 25% في الربع الرابع من عام 2021 مقارنة بعام 2020، وهو الأمر الذي كانت تستهدف روسيا من خلاله الضغط على ألمانيا للموافقة على بدء تشغيل خط نورد ستريم 2.

تدرك واشنطن أن أحد التداعيات الرئيسية للغزو الروسي لأوكرانيا المحتمل تتعلق بأمن الطاقة الأوروبي، حيث ستؤدي حزمة العقوبات الاقتصادية القاسية التي ستفرضها كل من من أمريكا وأوروبا على روسيا إلى دفع الأخيرة لتقليص أو قطع امدادات الغاز عن أوروبا كرد فعل عقابي على العقوبات المفروضة عليها، أو أن هذه العقوبات أصلا ستعمل على تقييد التعامل مع روسيا كمصدر للغاز.فالعقوبات المتوقعة ستشمل على الأرجح قطاع النفط والغاز وقدرات التصدير الروسية، بالإضافة إلى فرض عقوبات على خط غاز “نورد ستريم 2” والذي كان من المفترض أن يضخ الغاز الروسي إلى ألمانيا مباشرة عبر بحر البلطيق، وهذا يعني أن قدرات روسيا التصديرية للغاز الطبيعي ستتأثر بشكل حاد، مما سينعكس بالتأكيد على نقص امدادات الغاز الروسي لأوروبا.

والمحصلة النهائية ستكون إصابة أمن الطاقة الأوروبي بأضرار حقيقية، لا سيما مع أزمة الغاز الحالية في أوروبا. وبينما تأخذ الولايات المتحدة الأمريكية توقعات التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا على محمل الجد، تسعى إدارة “بايدن” إلى إيجاد بدائل تساهم في سد احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي خلال فصل الشتاء الحالي وحتى منتصف العام الجاري على أقل تقدير.

لذلك، يمكن فهم اللقاء الذي سيجمع أول زعيم خليجي مع “بايدن” منذ وصول الأخير للبيت الأبيض، في سياق الخطوات الأمريكية الجادة مع شركائها لضمان تعويض نقص امدادات الغاز الروسية لأوروبا جراء غزو روسيا المحتمل لأوكرانيا. تمتلك قطر ما يؤهلها للعب دورا حيويا في حل أزمة الغاز الأوروبية، حيث تعد قطر أكبر مصدري الغاز المسال عالميا (تمثل الصادرات القطرية خمس تجارة الغاز المسال العالمية)، بالإضافة إلى توقعات بزيادة قدراتها التصديرية خلال السنوات القادمة نتيجة المشاريع التوسعية التي تقوم بها في الوقت الحالي.

ومع ذلك هناك، مجموعة من التحديات التي ستواجه قطر خلال مساهمتها في توفير بدائل عن الغاز الروسي. حيث إن سهولة وسرعة نقل الغاز الطبيعي تعد أحد المعايير الهامة التي لا تزال ترجح كفة الغاز الروسي الذي لا يحتاج إلى عمليات التسييل والشحن البحري، ولكن يتم نقله فقط عبر خطوط الأنابيب، وهو ما يجعله أرخص مقارنة بالغاز المسال القطري والأمريكي أيضا. وفي نفس الوقت فإن صادرات الغاز القطرية مقيدة بعقود توريد طويلة الأجل، يتدفق الجزء الأكبر منها إلى شرق آسيا (ثلثي صادرات قطر من الغاز المسال في 2020 توجهت إلى شرق آسيا)، وهو ما يحد من قدرة قطر على استدعاء كميات إضافية كبيرة خارج إطار العقود في أي وقت.

على الرغم من هذه التحديات، فإن قطر يمكنها أن تساهم مع حلفاء أمريكا وأوروبا الآخرين في ضمان احتياجات أوروبا من الغاز إذا ما أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا. وستعزز صادات الغاز المسال القطرية شراكة الدوحة الاستراتيجية مع واشنطن بصورة خاصة والغرب بصورة عامة. وبالإضافة للاستفادة القطرية المتوقعة دبلوماسيا في ملفات إقليمية ودولية، فإن هذه الخطوة تؤكد محورية دورها في معادلة أمن الطاقة العالمية، في ظل تهديدات التغير المناخي وأزمات الطاقة المتوقعة في السنوات القادمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: