فشل انعقاد الجولة التاسعة من اجتماعات اللجنة الدستورية… الأسباب والانعكاسات
أعلن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، “غير بيدرسون”، السبت 16 تموز/ يوليو، عن فشل انعقاد الجولة التاسعة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية في موعدها بمدنية جنيف السويسرية، وقال المبعوث في بيان له: “إن عقد الدورة التاسعة للهيئة المصغرة للجنة الدستورية التي يقودها ويملكها السوريون، بتسهيل من جانب الأمم المتحدة، في جنيف في الفترة من 25 إلى 29 يوليو/ تموز 2022 لم يعد ممكنًا”.
وكان الرئيس المشترك للجنة الدستورية من جانب النظام أحمد الكزبري قد أبلغ بيدرسون، الجمعة الماضية، أن وفده “سيكون مستعداً للمشاركة في الدورة التاسعة فقط عندما تتم تلبية الطلبات المقدمة من الاتحاد الروسي”، وهو ما أثار استياء لجنة التفاوض السورية، والرئيس المشترك للجنة الدستورية من جانب المعارضة هادي البحرة الذي قال في بيان رسمي: “إن التأجيل والتعطيل ووضع شروط مسبقة لا علاقة للسوريين بها، تثبت مجدداً انفصال وفد النظام الكامل عن واقع المأساة التي يعيشها السوريون، وتشكل إمعانًا في التهرب من مستحقات تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015، كما يُثبت وضع النظام السوري المصالح الأجنبية كأولوية على المصالح الوطنية السورية”.
ويمكن قراءة أسباب فشل انعقاد الجولة التاسعة من مفاوضات اللجنة الدستورية من خلال النقاط التالية:
- بدا واضحًا أن سبب فشل انعقاد اجتماعات الجولة التاسعة لا يرتبط بالمناقشات الدائرة أو آليات عمل اللجنة أو أية خلافات بين الوفدين المفاوضين وإنما يعود لـ “عدم الاستجابة للطلبات المقدمة من الاتحاد الروسي” حيث تريد موسكو نقل مقر انعقاد اجتماعات اللجنة الدستورية، من جنيف إلى مكان آخر، وهو ما صريح به المبعوث الروسي الخاص بسوريا ألكسندر لافرينتييف في 16 حزيران/ يونيو الماضي، حيث قال إن روسيا اقترحت نقل مقر اجتماعات اللجنة الدستورية من مدينة جنيف السويسرية إلى مسقط أو أبو ظبي أو الجزائر، بحسب ما نقلته وكالة “سبوتنيك” الروسية حينها، لافتًا إلى أن استمرار العمل في جنيف بالنسبة لروسيا أصبح صعبًا، بسبب “الموقف غير الودّي والعدائي لسويسرا تجاه روسيا” على خلفية الحرب الروسية على أوكرانيا.
-
على الرغم من أن صياغة الدستور أو التعديلات الدستورية يفترض أن يكون أمرًا سياديًا خاصًا بالسوريين، فإن وفد النظام لم يتردد في إظهار عدم امتلاكه لأي سلطة على العملية الدستورية، على الرغم من أن القرار 2254 نص على أن عملية الإصلاح الدستوري هي “عملية سياسية بقيادة سورية تيسرها الأمم المتحدة”، وليس لموسكو أية سلطة على العملية، ليكون فقدان الإرادة السياسية لدى نظام الأسد لصالح روسيا هو السبب غير المباشر لعملية التأجيل.
أما عن الانعكاسات المتوقعة، فمن غير المتوقع أن يتم التوافق في المدى القريب على مكان انعقاد الجولة التاسعة للجنة الدستورية، نظرًا لتصاعد حدة الخلافات بين موسكو والدول الغربية، والرفض القاطع الذي تبديه روسيا بما يتعلق بعقد المفاوضات في جنيف، فضلًا أن موسكو تدرك أن العملية في حقيقتها شكلية للتغطية على تحركاتها العسكرية، ولا يمكن أن تثمر حلًا سياسيًا بشكلها الحالي، وعليه فلا انعكاسات فعلية متوقعة نتيجة فشل عقد جولة المفاوضات الدستورية سوى ترسيخ فكرة صعوبة/ استحالة التوصل لتوافق سياسي ضمن المعطيات الراهنة، بينما يمكن عرض بعض الانعكاسات غير المباشرة، ويمكن تلخيص أبرزها بالنقاط التالية:
-
من المتوقع مع تعذر التوافق على مكان آخر لانعقاد أعمال اللجنة الدستورية، أن تبحث موسكو عن مسار سياسي بديل خارج نطاق الأمم المتحدة، أو ضمن مسار الأستانا، مع الإشارة إلى أن القمة المنعقدة في طهران والتي ستجمع رؤساء تركيا وإيران وروسيا اليوم الثلاثاء، قد تشكل مدخلًا لمطالب جديدة لموسكو بما يتعلق بملف اللجنة الدستورية.
-
ستعطي عرقلة روسيا لانعقاد الجولة التاسعة من مفاوضات اللجنة الدستورية فرصة للمعارضة السورية للانسحاب من اللجنة التي بدت بحالة “موت سريري” والبحث عن آليات جديدة لتطبيق القرار 2254.