تقدم “هيئة تحرير الشام” باتجاه مركز مدينة “عفرين”: السياق والانعكاسات
مع اندلاع الاشتباكات بين “الفيلق الثالث” و”الفرقة 32″، يوم السبت 6 حزيران/ يونيو؛ استغلت “هيئة تحرير الشام” ذلك لتتقدم وتسيطر على معبر “الغزاوية” الواصل بين مناطق سيطرة “الجيش الوطني” ومناطق سيطرتها، وتتقدم لاحقًا باتجاه مركز مدينة “عفرين”، وفي ظل هذا الحدث يمكننا الوقوف على سلسلة من النقاط المتعلقة بسياقه وانعكاسات.
أ. سياق الحدث:
- تتطلع “هيئة تحرير الشام” لتوسيع مناطق نفوذها، على حساب قوى المعارضة، منذ تأسيسها في العام 2017، إلا أن تكتل فصائل المعارضة تحت مظلة “الجيش الوطني” أعاق طموحاتها، لتسعى خلال الفترة الماضية لتحقيق اختراقات أمنية لتشكيلات “الجيش الوطني” ومناطق سيطرته.
وكان “القاطع الشمالي لحركة أحرار الشام”/ “الفرقة 32” إحدى أهم أهدافها، مع الإشارة هنا إلى أن “حركة أحرار الشام” عانت منذ تأسيسها، من وجود عدة تيارات فيها، كان أبرزها التيار المقرب من “جبهة النصرة”/ “هيئة تحرير الشام” لاحقا، والذي نجح في فرض نفوذه على “الحركة” وقيادة تشكيلات كبيرة منها للاندماج مع “تحرير الشام”، في حين استمر باختراق التشكيلات الأخرى التابعة لـ “الحركة” لتطويعها على المدى الطويل. -
منذ عدة أسابيع و”هيئة تحرير الشام” تحشد قواتها في محيط مدينة عفرين، بالتزامن مع حملة إعلامية ممنهجة ضد تشكيلات “الجيش الوطني”، تحاول “تحرير الشام” من خلالها تهيئ الرأي العام لأي تقدم محتمل باتجاه مناطق غصن الزيتون.
-
استغلت “هيئة تحرير الشام” علاقاتها مع “الفرقة 32″، والتوتر الحاصل مع “الفيلق الثالث”، لتسير المؤازرات تحت اسم “أحرار الشام”، ودخول منطقة الغزاوية بعمق 30 كم وحتى “عفرين” بذريعة مؤازرة “الفرقة 32″، في حين أن القوة الأكبر المشكلة للأرتال القادمة من محافظة إدلب والمتجهة نحو مركز مدينة “عفرين”، هي من “هيئة تحرير الشام”.
-
كما استغلت “هيئة تحرير الشام”، ضعف العقيدة القتالية لدى مقاتلي “الجيش الوطني”، خاصة بما يتعلق بجاهزيتهم للانخراط في المعارك الداخلية،فقد تخطى عناصر تحرير الشام حواجز ونقاط الغزاوية والباسوطة وهي منطقة تسيطر عليها كل من الجبهة الوطنية للتحرير وهيئة ثائرون ولواء سمرقند وفيلق الشام والفيلق الأول , مع الإشارة لخبرة “تحرير الشام” في مثل هذه المعارك، وامتلاكها قدرات كبيرة على “أدلجة” عناصرها في الاقتتالات الداخلية.
-
إضافة لذلك استغلت “هيئة تحرير الشام” انسحاب القوات التركية المنتشرة على حواجز المدينة إلى ثكناتها، وعزف بعض الفصائل من (الشرقيات) التي تربطها علاقات جيدة مع “تحرير الشام” عن الاشتراك بالتصدي للأرتال القادمة من إدلب، في حين تشير بعض التقارير لوجود مساعي تركية قديمة لتحجيم نفوذ “الجبهة الشامية”/الفيلق الثالث، وهو ما يبدو أنه تم ترسيخه خلال الأحداث الأخيرة، من خلال الضغط على “الشامية”، من قبل الجانب التركي لفض الاشتباك، وتسليم المقرات للفرقة 32.
ب. الانعكاسات المتوقعة:
بحال نجحت “هيئة تحرير الشام” بالسيطرة على مدينة “عفرين”، فمن المتوقع:
-
أن تؤجل تركيا عملياتها العسكرية المزمع إطلاقها تجاه مدينة “منبج”، و”تل رفعت” المحاذية لمدينة “عفرين”، التي ستمر بمرحلة فوضى أمنية قد تؤدي لإلغاء العملية بالمطلق خصوصاً أن قسد ستسغل توصيف تحرير الشام بالإرهاب دولياً.
-
أن تتغير قواعد الاشتباك على الجبهة الجنوبية لمدينة عفرين مع سيطرة تحرير الشام عليها، حيث من المتوقع استغلال المليشيات الانفصالية المتواجدة في تل رفعت سيطرة تحرير الشام على المدينة، لتصعيد عملياتها العسكرية، وحشد تأييد دولي لاستعادة المدينة من هيئة تحرير الشام المصنفة على قوائم الإرهاب.
-
من المتوقع أن يفتح ذلك المجال لتدخل الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي على الخط ويعطيهم ورقة ضغط على تركيا، خاصة في ظل العلاقة الوثيقة بين واشنطن وقسد والتأثير الكبير الذي يمتلكه “اللوبي الكردي” الموالي لمليشيا قسد في الاتحاد الأوربي.
-
من المتوقع أن بفتح نجاح سيطرة “هيئة تحرير الشام” على مدينة “عفرين”؛ شهيتها لاستكمال سيطرتها على كامل مناطق عمليات “غصن الزيتون” و”درع الفرات”.
-
من المحتمل دخول روسيا على خط الأحداث، من خلال تسخين الجبهات على طول خطوط التماس الممتدة من “جبل الزاوية” وصولا لـ”مدينة الباب”، وقضم بعض المناطق الاستراتيجية سواء الخاضعة لسيطرة “تحرير الشام” أو سيطرة “الجيش الوطني”.