أسئلة حوارية في لقاء صحفي خاص مع رئيس الائتلاف السوري د. نصر الحريري
1-النظام يجهز لعملية انتخابية تعيد تأهيل رئاسة الأسد أنتم كرئيس للائتلاف السوري ماذا تقدمون لمواجهة هذا الاستحقاق وهل هناك آليات قانونية يتم تجهيزها للطعن بشرعية الانتخابات وهل هناك تجهيزات لتقديم طعون دولية تضغط على النظام وتسحب شرعية انتخاب في ظل نزوح أكثر من نصف الشعب السوري وعدم توفر البيئة الآمنة؟
بداية يجب أن نؤكد أن الانتخابات عملية سياسية إدارية، تستخدم كأداة من أدوات الحكم الرشيد ليختار من خلالها المواطنون ممثليهم بحرية كاملة، وهي عملية معتمدة في الدول التي تحترم إرادة شعوبها، وتكون الشعوب واثقة بنزاهة العملية. أي شيء آخر يطلق على نفسه اسم انتخابات دون أن يوفر الشروط الموضوعية أو الحد الأدنى منها، هو ليس عملية انتخابية.
لذلك فإن الشيء الذي تسألون عنه، المسرحية، التمثيلية، أو أي اسم آخر تقترحونه، هو ليس انتخابات ولن يمنح النظام أي قيمة، النظام بحسب آلياته مضطر لتكرار هذه المسرحية كل فترة كإجراء شكلي مخصص للاستهلاك الإعلامي في مناطق سيطرته وربما في طهران وموسكو.
كل دول العالم المحترمة التي تدرك معنى الديمقراطية والحكم الرشيد ترفض متابعة هذه التمثيلية ولا تعرف بأي قيمة لها.
بالمقابل، الانتخابات كانت من أول الأفكار التي خطرت للسوريين في المناطق التي تحررت، بدءاً بالنماذج التي وقعت في ريف دمشق والغوطة مروراً بدرعا والشمال، ونذكر هنا مثالاً لما ارتكبه النظام بهدف تعطيل هذه النماذج بكل وسيلة، حين قام بقصف مركز انتخابي مخصص للنساء في ثاني أيام التصويت لاختيار مجلس محلي في مدينة زملكا عام 2013.
الشق الثاني من سؤالكم هو موضوع مهم، وهو الجانب القانوني، وهو متعلق فريق قانوني إداري مستقل، ملتزم بمبادئ الثورة وتطلعات السوريين لكي يكون لدينا إمكانيات واستعداد قانوني وحقوقي للتحرك على مختلف المستويات بما فيها المستوى الدولي ضد التمثيليات التي يخترعها النظام وما شابهها، وكذلك للاستعداد للاستحقاقات والمتطلبات النابعة من مسؤولياتنا ومن القرارات الدولية، بما يسعى الى نزع الشرعية القانونية عن هذا النظام خارجياً وداخلياً.
2 ـ هل برأيك استطاع الائتلاف الحصول على التمثيل الشعبي بدخوله المحرر أو نقل بعض مقاره للشمال السوري؟
بالتأكيد الأمور تصبح أفضل كلما كنا أقرب من الناس، وأكثر تواصلاً معهم، خاصة فيما يتعلق بزيادة الحضور السياسي إضافة إلى حضور الحكومة السورية المؤقتة ورفع مستوى التنسيق مع المجالس المحلية.
كثير من المجالس المحلية باتت منتخبة، ونأمل أن تصبح جميع المجالس منتخبة بشكل شفاف وحقيقي ومباشر، وأن تكون بذوراً لسورية المستقبل.
مع بداية الدورة الرئاسية الحالية بدأنا حواراً مع مختلف مكونات الائتلاف وشخصيات وتيارات الثورة السورية، استمعنا للجميع ولا تزال الحوارات جارية، ونتناول خلالها أيضاً أفكار جديدة تتعلق بمسألة التمثيل الشعبي وتعزيزه سواء في المجالس أو في أي هيئة أو جسم إداري أو سياسي.
3- ما هي خطط الائتلاف في ظل انقسام المؤسسات السياسية وتفرد اللجنة الدستورية بخططها وتمثيلها وقراراتها وانخفاض استقلالية الأجسام السياسية السورية كيانات وأفراد هل هناك خطط يضعها الائتلاف للخروج من الأزمة السياسية التي تمر على الساحة السورية؟
هيئة التفاوض السورية هي الجسم الذي يدير العملية التفاوضية، وهي الطرف المشارك في اللجنة الدستورية، ونحن على تواصل دائم مع ممثلينا فيها.
لا يخلو أن يكون هناك تعدد في الآراء أو حتى اختلاف في بعض وجهات النظر والمواقف، ولكننا على صف واحد ونعمل بشكل تعاوني، ونبذل جهود وطنية من أجل المحافظة على ذلك ومنع النظام وحلفائه من زرع أي فراق بيننا.
المشكلة مع اللجنة الدستورية تتركز في وفد النظام، واستمراره في تعطيل العمل وخلط الأوراق، وهو أمر ننبه إلى مخاطره بشكل مستمر، ونطالب المجتمع الدولي والأطراف الراعية بتحمل مسؤولياتها اتجاهه، والحفاظ على ثوابت الثورة.
بما يخص التأثيرات الدولية على الهيئات والأجسام والمؤسسات السياسية وغير السياسية السورية فنحن مدركون لها منذ البداية، ونفهم دورها وأثرها، وهي لم تتمكن في أي وقت من الأوقات، ولا يمكنها أن تؤثر على المواقف الرئيسية والجوهرية لثورة الحرية والكرامة، ولا يمكنها أن تملي على الشعب السوري ولا على الثوار وممثلي الثورة أي قضايا تمس بمبادئ ثورتنا ومنطلقاتها.
جميع قوى الثورة والمعارضة والأطراف السياسية لم تتنازل في أي مرحلة من المراحل عن مبادئ الثورة السورية الأصلية، لا يمكن لأي جسم سياسي أن يستمر ويحافظ على وجوده ما لم يكن وفياً لهذه المبادئ والتطلعات.
قد تتسبب التأثيرات الدولية في عرقلة عملنا، أو تعطيله، ولكنها عاجزة عن توجيهنا أو تغيير مسارنا في أي شأن يتعلق بمبادئ الثورة وتطلعاتها.
4- كيف يمكن استعادة استقلالية القرار السوري ورفع رصيد المستوى الدبلوماسي لمؤسسات الثورة وأفرادها بعيدا عن التجاذب والاستقطاب ؟
كما قلنا، وفي كل ما يتعلق بمنطلقات ومبادئ وأهداف الثورة لا أحد يمكنه التأثير والتلاعب باستقلالية القرار، لكن هناك مجال واسع لتحسين رصيدنا وثقلنا الدبلوماسي والسياسي، وهذا أمر بدأنا العمل عليه مع بداية هذه الدورة ومستمرين في ذلك بناء على ما تم انجازه سابقاً.
نحن نشدد على أهمية الحفاظ على مناخ الحرية الذي بدأ السوريون يمارسونه في نقد المؤسسات، وهذا يجب أن يستمر ويتم تقويمه ودعمه، مع الابتعاد عن أي توجهات تمس بالأشخاص وتسيء لهم دون وجه حق.
نريد أن نكون أكثر التزاماً بمبادئنا، فلا يمكن أن نكون دعاة حرية وعدالة وكرامة قبل أن نمارسها ونلتزم بها فعلياً، على مختلف المستويات. هذه أسس متينة للتعبير عن قيمة مؤسساتنا وقيمة مجتمعاتنا وقدرتها على إدارة شؤونها.
نحن مهتمون باستقطاب الكفاءات في كل مستويات العمل السياسي والحكومي، ونتطلع إلى التعاون مع كل الجهات الفعالية المستعدة للمساهمة في دفع العجلة إلى الأمام.
5-الشارع السوري غير راض ٍ عن عمل الكيانات السياسية التي تمثل الثورة كيف ستواجهون الشارع وهل هناك خطط إصلاحية حقيقية بداية العام الجديد
أريد أن أقول إن مشروع هذه الدورة في تعزيز مكانة الائتلاف وربطه مع الحاضنة الثورية، فنحن في الحقيقة، جزء من هذا الشارع غير الراضي، ومعظم أعضاء الائتلاف والهيئة السياسية غير راضون أيضاً، ولكن يجب أن نكون دقيقين … ما هو الشيء الذي لا نرضى عنه؟
كلنا غير راضون عن النتائج التي وصلنا إليها، يجب في هذا الإطار أن نحدد، من المسؤول عما وصلنا إليه؟
ما هو دور قوى الثورة بمجملها وما هو دور المجتمع الدولي، وكيف تمكن النظام من الصمود وإلى متى سيستمر هذا الوضع!؟
الشارع السوري محق في عدم رضاه، لكننا يجب أن نتمكن من إدارة الوضع بطريقة إيجابية، وألا يتم تفريغ الضغوط في مكان خاطئ … وألا يتحول المشهد إلى موقف هائج فيما بيننا أو ضمن بعضنا البعض.
هناك أخطاء ومشاكل دون شك، المجالس المحلية تحقق الكثير وتنجز الكثير، ولديها أخطاء … وكذلك منظمات المجتمع المدني وهيئات الحكومة المؤقتة … كلها تقوم بجهود جبارة، ولا يجوز أن نسقط كل ما تقوم به بسبب وجود أخطاء أو لأن الثورة لم تحقق أهدافها حتى اليوم. والائتلاف كذلك مع المستوى السياسي وغيره من المستويات يقوم بجهود ولذلك لديه أخطاء.
كثيرون مصابون اليوم بالإحباط من المجتمع الدولي وغيره، لكن لا يجوز تفريغ هذا الإحباط في غير محله، هناك الكثير من العمل الإيجابي الذي يمكن القيام به.
6-كلمة أخيرة موجهة منكم للشعب السوري
أحيي كل شباب الثورة، المثابرين المستمرين في العمل من أجل أهدافها، أحيي كل من يستمرون في المساهمة بإيجابية ويعلمون بكل ما أوتوا من قدرة على دعم ثورتهم بكل الوسائل.
أعلم أن هناك الكثير من الشباب الذي يعملون بصمت. وأن عملهم سيكون له أثر إيجابي كبير، نحن بحاجة لهم، وبحاجة لإبداعهم أينما كانوا، سواء في الداخل أو الخارج، استمرارهم هو ما يمدنا بالعزيمة على المتابعة.
أشكر جهودكم في مركز مسارات للتنمية السياسية، ونتطلع إلى التعاون معكم، وإلى مساهماتكم في دعم شباب وشابات سورية ودعم النماذج الرائعة التي يقدمونها للنجاح والتفوق وتجاوز العقبات، ومساعدتهم على توجيه طاقاتهم بشكل إيجابي.
واجبنا أن نقدم خيارات لتجاوز العقبات وتجاوز السخط وفتح الطريق أمام الجميع للعمل والمساهمة، هذا ما نحتاجه اليوم مجدداً. أن نرفض الركون إلى التراخي وتبادل الاتهامات وأن نتحرك نحو العمل والتعاون.