الشباب السوري والسياسة
انطلقت الثورة السورية بعد عهد طويل من استبداد العائلة الإجرامية الأسدية بدءاً من حافظ إلى بشار . انطلقت بفطرة نقية ثورية دون سابق إنذار ، و كان الجميع يظن أن النظام سَيَسْقُطُ كما سقط مبارك والقذافي ، و ستبقى سوريا بمؤسساتها وإدارتها قائمة بعد إسقاط النظام .
لكن مع الأسف اصطدمنا بالواقع المرير ، وتبين لاحقاً أن النظام لن يسقط بالسهولة المتوقعة ، و لا بالأدوات الفطرية و السلمية التي تسلحنا بها .
هذا الواقع الجديد تطلب منا أدوات جديدة مجهولة الاستخدام لنا جميعاً كثائرين ، و ذلك لحجب النظام في عهده عنا ممارستها ، وهي أدوات قيادة وإدارة الدولة ، من تشكيل الجيش ، و إعداد المجتمع المدني ، و إبراز واجهة سياسية تدير الدفة بالاتجاه الصحيح ، و هذا الواقع تجذر عندما أطلق علينا المجتمع الدولي مصطلح المعارضة .
بدأت النخب تحاول تدارك الأمر فبرزت لديها تشكيلات عسكرية و سياسية ، زادت الفرقة وعدم التماسك فيما بينها ، و بدأت الخبرات تُكتسب من خلال التدريب العملي على أرض الواقع .
إن أهم أداة لاحظنا فيها الضعف هي : الإدارة السياسية ؛ لذلك أقبل عليها الشباب السوري ؛ لتعلمها ، إما دراسة أو من خلال التجارب العملية .
تأتي أهمية السياسة من كونها المؤثر بحياة الدول منذ نشأتها ، والإنسان منذ ولادته حتى وفاته .
فكل ما يتعلق بحياة الإنسان يُسَيَّسُ أو تُشرف عليه السلطة السياسية ، حتى أصبحت – غالباً – القرارات العسكرية لا تُتَّخَذْ من قِبَلِ عسكريين ، بل من قبل السلطة السياسية ؛ لذلك أصبح علم السياسة من أبرز التخصصات التي أقبل عليها الشباب السوريين خلال السنوات الماضية .
لكن دراسة العلوم السياسة لا تكفي إلا إذا تم حشد هذه الطاقات الشبابية ، و تحضيرها لخوض معتركات السياسة ، فحال الثورة لا يتغير إلا بجهود فئة الشباب التي أصبحت متقنة للسياسة أكاديمياً ، و لا بد من إدخالها في دائرة صنع القرار لتتوجه للإتقان الأكاديمي بإتقان مهني .
السياسة إنْ لم تكن كلَ شيءٍ ، فهي تتدخل في كل شيءٍ ، كما ذكر بعض السياسيين .
أخيراً : أوجه رسالتي إلى الدوائر السياسية في الثورة – ابتداء من هيئة التفاوض ، إلى الائتلاف الوطني ، و النخب السياسية ، والأحزاب السياسية – عليكم الاستفادة من الطاقات الشابة وتوظيفها لتخدم مصالح الثورة وقضية الشعب السوري …