الإحتلال الإيراني لسورية
نظّم مركز مسارات للحوار والتنمية السياسية ندوة حوارية لمناقشة كتاب الإحتلال الإيراني لسورية للمهندس “مطيع البطين”
وقد يسّر اللقاء الدكتور “محمد نور حمدان”
يتحدث الكتاب عن التواجد الإيراني في سورية والمنطقة العربية، ودور إيران في مساعدة ودعم النظام الاستبدادي السوري بكل الوسائل من أوائل الثورة السورية في عام ٢٠١١م. كانت أساليبه متنوعة ؛أهمها الإحتلال الإحلالي حيث تم استجلاب الكثير من الإيرانيين و الافغان والعراقيين واللبنانيين والباكستانيين ممن ينتمون للمذهب الشيعي، وزرعهم في البلدات التي هُجّر أهلها كما حصل في داريا والقصير والجنوب السوري وأحياء في حلب وبقية المدن والبلدات السوريى. وطّد هذا التوطين ودعمه شراء الأراضي والعقارات من الإيرانيين ومن يعمل لصالحهم بالظاهر والباطن. استفادوا من قوانين سنها النظام السوري، تجعل امكانية سرقة البيوت والاراضي التي هُجّر أهلها او استشهدوا، أن يتملكها هؤلاء الغرباء، وزاد ذلك حيث تم اعطاء الجنسية السورية لأعداد كبيرة منهم، يقدر أعدادهم بين ملايين ومئات آلاف من الشيعة المستجلبين من الخارج.
ثانيا: تغيير الهوية السورية
لا يغيب عن الذهن اعتماد الإيرانيين على التأثير عبر الرموز الدينية التاريخية، مثل موقعة كربلاء التي استشهد فيها الحسين بن فاطمة ابنة الرسول ص، والمتاجرة بهذا الاستشهاد، وخلق المناسبات الدائمة للتذكير في ذلك وتحويله لندبة في ذات المسلم الشيعي، بحيث يشعر بالمظلومية والتقصير ويكون جاهزا لأي مهمة يوكل بها ليعيد لنفسه وروحه التوازن. فيكون بعضا من جيش إيران المقاتل لمصالحها تحت إدّعاء أنهم ينتصرون للشيعة والتشيع. لكل ذلك كان من أهم ما فعله الإيرانيون في سورية التركيز على القبور والمراقد بعضها حقيقي واغلبها مزيف، وحولوها الى مزارات وحسينيات ينشطون فيها للمذهب الشيعي الذي يعني ضمنا الولاء لإيران على حساب كل ولاء آخر. أعادوا بناء مقام السيدة زينب والسيدة رقية والسيدة سكينة وكذلك فعلوا في كثير من القبور على مدى الخارطة السورية. هذا غير طمس وتغيير وتشويه تاريخ سورية في المرحلة الاموية والعباسية وما تلاها. ويضاف إلى ذلك حملة تشويه واعادة قراءة التاريخ الإسلامي من منظور شيعي يخدم إيران التي تدعي – بعد مجيء الخميني – أنها الحامية للشيعة والتشيع في العالم. كما شنوا حملة تشويه للثقافة العربية وللّغة العربية ذاتها، وبدأوا في نشر الثقافة الإيرانية واللغة الإيرانية في جامعاتهم ومدارسهم التي ألحقوها في حسينياتهم و مراكزهم الدعوية. وكان آخر ما فعله النظام السوري المستبد أنه قرر تعليم اللغة الايرانية بشكل ملزم في المدارس السورية.
ثالثا: نشر الطائفية والكراهية
لم تكن تستطيع إيران أن تتغلغل في المجتمع السوري دون أن تقوم بحملة تشويه دينية تطال التاريخ وتعيد قراءة أحداثه بحيث تظهر مظلومية آل البيت ومن ثم تسيء للمذهب السني والدفع لنشر التشيع، وذلك ادى ويؤدي لخلق فتنة طائفية داخل المجتمع السوري، ويؤدي لخلق ارضية ومبرر لصراعات طائفية الآن و في المستقبل، خاصة وأن المذهب الشيعي محدود الإمتداد في سورية جدا.
رابعا: مخطط إيران العدواني
الدور المدمر الذي قامت به إيران بحق الشعب السوري وسورية عموما، حيث دعمت النظام المجرم بالمال والسلاح والرجال وكذلك عبر مرتزقتها بدء بحزب الله والفاطميين والزينبيين وغيرهم، وأدى ذلك إلى تشريد الملايين وسقوط الشهداء والمصابين والمعاقين والمعتقلين وهم بالملايين أيضا، لقد كانوا قتلة معبئين عقائديا بأنهم جاؤوا ليحموا المراقد المقدسة وينتقموا لدم الحسين، وواقع الحال قتل وتشريد الشعب السوري والمستفيد هم النظام الإيراني والنظام الاستبدادي السوري.
خامسا: التشيع السياسي والديني
إن إدعاء النظام الإيراني منذ مجيء الخميني منذ عقود إلى السلطة في إيران وتحول الحكم في ايران الى حكم ديني على المذهب الشيعي، وتعيين نفسه نائبا للامام الغائب وتكليفه للدولة الايرانية أن تصدّر (ثورتها) وهذا يعني تأكيد دورها وسيطرتها ومصالحها في كل بلد فيه شيعة، تحت دعوى أنها دولتهم، وبدأت تمتد في العراق ولبنان وسورية وشكلت في كل دولة منها تنظيمات تابعة لها وكذلك مراكز دينية وتعليمية، ادى ذلك عبر عشرات السنين أنها استطاعت اختراق هذه المجتمعات، مثال ذلك حلف النظام السوري مع النظام الإيراني الذي حماها من السقوط بتأثير وفعل الثورة السورية، وكذلك هيمنة حزب الله في لبنان التابع لإيران والنظام السوري، وكذلك المجموعات الشيعية الحزبية والمسلحة التابعة لإيران في العراق… الخ.
كما أعلن المسؤولين الإيرانيين في أكثر من مناسبة أهمية النظام السوري في مشروعهم الاستراتيجي : التمدد والهيمنة الايرانية في أغلب دول المنطقة مستثمرين انهم حماة الشيعة ودولتها القائدة وإلزامية التبعية لها من كل الشيعة في العالم، طبعا كما تدّعي إيران وكما يروّج لها دعاتها داخلها ومن خارجها .
تم دعم ذلك عبر حملة تشييع كبيرة استهدفت الشعب السوري في كل مناطق سورية تقريبا. واعتمدت في ذلك على وسائل الاعلام مثل محطات المنار والعالم وغيرهم ، وعبر الثقافة من خلال توزيع الكتب والوسائل التثقيفية المختلفة، وبناء الحسينيات والتثقيف فيها، نشر اللغة الفارسية والتعليم عموما، وكذلك استخدام المال عبر الدعم المباشر لكثير من رؤساء العشائر وبعض المتنفذين في اوساطهم الاجتماعية ،أما الإقتصاد فقد أقاموا الكثير من المشاريع الاقتصادية في سورية، وسيطروا على الكثير من مصادر المواد الأولية في طول البلاد وعرضها. وكان شريكهم في كل ذلك النظام السوري ورموزه.
سادسا: إيران وكذبة تحرير القدس
قامت إستراتيجية إيران في تصديرها لدولتها وحقها بالتمدد في دول المنطقة على مبررين: الاول ادعائها أنها تمثل الدين الاسلامي الصحيح عبر مذهبهم الشيعي الصفوي التابع لولاية الفقيه الخميني ثم الخامنئي الذي يعني تابعية الشيعة في العالم للدولة الايرانية ومصالحها ويصبحوا بذلك ادواتها الخارجية.
والثاني هو ادعائهم بأنهم يعملون على تحرير القدس من المستعمر الصهيوني، تحت شعار ( الموت لأمريكا الموت لإسرائيل) وهذا ما ادعاه حزب الله اللبناني واستثمره كثيرا خاصة بعد معاركه مع الصهاينة عام ٢٠٠٦م، لكن موقف ايران وحزب الله من الثورة السورية ودول الربيع العربي ودورهم في العراق ولبنان واليمن، أظهر أنه مجرد أداة لخدمة إيران وأن ادعائه العمل لتحرير القدس مجرد خلق مشروعية كاذبة ومزيفة.
سابعا: واقع الدور الإيراني في سورية
الآن وهنا في سورية يمثل الدور الإيراني في سورية احتلال عسكري مع قتل وتشريد الشعب السوري، إحلال طائفي شيعي، تغيير ديمغرافي، تخريب البنية المجتمعية، تشويه التاريخ والمعالم الدينية، صناعة صورة مختلفة للمجتمع السوري وخلق عادات وتقاليد وطقوس مختلفة، التغلغل في الجيل الجديد، السيطرة على الاقتصاد السوري… الخ، فعلا هو احتلال ايراني على كل الصعد لسورية الدولة والمجتمع. ولن يفوتنا أن ما تفعله إيران في سورية يسير وفق استراتيجية بدأت منذ العقود الاربعة الماضية، وليست منذ بداية الثورة السورية فقط.
ثامنا: مواجهة المخطط الإيراني
يختم الكاتب كتابه حول المطلوب منّا كسوريين مجتمع وقوى حية وهيئات دينية في التصدي للمخطط الإيراني للهيمنة على سورية في جميع الصعد. وأن ذلك بمثابة معركة وجود للشعب السوري كله
رابط اللقاء على يوتيوب: