مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية
إن عدم التواصل المباشر بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ومحمد بن سلمان ولي العهد السعودي لا يعني بالضرورة انقطاع العلاقات والتواصل بين الدولتين تماماً، بل هناك الكثير من المؤشرات على استمرار هذه العلاقة التعاونية، وتسليم واشنطن بأن محمد بن سلمان سيبقى على رأس السلطة في المملكة العربية السعودية دفعها لإبقاء التواصل والتعاون نشطاً مع السعودية، وهذا ما عبر عنه وزير الخارجية الأمريكي ” بلينكن ” قائلاً: “ ولي العهد السعودي على الأرجح سيكون القائد لهذا البلد لمدة طويلة مستقبلاً، وعلينا العمل مع قادة من حول العالم ممن شاركوا أو قاموا بأمور في بعض الأحيان قد نعترض عليها ”. وعاد اهتمام واشنطن إلى منطقة الخليج العربي وحرصها على تقوية نفوذها هناك من جديد بعد أزمة ارتفاع أسعار النفط والغاز عالمياً بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث برزت من جديد أهمية النفط الخليجي ودور موارد الطاقة السعودية الحيوي في إدارة الصراع بين القوى الكبرى على الصعيد العالمي، وقد أدركت الإدارة الأمريكية أن فوائد التعاون السعودي الأمريكي أكبر من دوافع تخفيضه أو تأطيره، حيث أن إهمال واشنطن للشراكة مع السعودية سيدفع الأخيرة إلى اللجوء إلى روسيا أو الصين، وهو ما يعد خسارة استراتيجية كبيرة لأمريكا.
ونتيجة لذلك فقد عادت إدارة ” بايدن ” بالفعل لدعم السعودية على المستوى العسكري، حيث وقعت معها صفقة للأسلحة في نوفمبر 2021 بقيمة 650 مليون دولار وتضمنت هذه الصفقة صواريخ جو/جو، واستلمت السعودية بشكل سري صواريخ باتريوت اعتراضية من واشنطن في فبراير 2022 للتصدي لهجات الحوثيين، كما وقعت الهيئة العامة للصناعات العسكرية السعودية اتفاقية توطين تصنيع المكونات الطرفية عالية الارتفاع للدفاع الجوي (ثاد) مع شركة لوكهيد مارتن في 17 أبريل الحالي، وقد أطلق الأسطول الخامس الأمريكي في نفس التاريخ فرقة عمل جديدة باسم ” قوة المهام المشتركة 153، للقيام بدوريات في خليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر، بهدف مكافحة التهديد الحوثي والخطر الإيراني لاسترضاء شركاء واشنطن الغاضبين كالسعودية والإمارات.
ويبقى التساؤل عما إذا كان هذا الدعم الأمريكي سيستمر بنفس الوتيرة، وهل سيؤدي إلى نتائج فعلية تتضمن حماية السعودية من الخطر الحوثي الذي يتهددها، أم أن المملكة السعودية ستلجأ في نهاية المطاف إلى الصين أو روسيا بعد أن خطت خطوات بها الاتجاه بالفعل.