الأبعاد المجتمعية والسياسية لمسألة المكونات السورية
نظَم مركز “مسارات” للحوار والتنمية السياسية ندوة حوارية بعنوان:
“الأبعاد المجتمعية والسياسية لمسألة المكونات السورية”
مع الدكتورة الباحثة “سميرة مبيض” أكاديمية وسياسية
والدكتور “محمد نور حمدان” مدير مركز مناصحة.
أدارت الحوار الصحفية “ميديا حمدوش”
حيث بدأت الإعلامية بمقدمة حول التعريف بمكونات الشعب السوري وتصنيفه على أنه من الشعوب السامية غالبيته من العرب إلى جانب وجود الكرد والأرمن والسريان.
وتابعت ميديا مقدمتها حول التفسخ الحاصل في المجتمع السوري الذي يعتبر كارثة حقيقة إضافة للاستسلام الحاصل لدى النخب الفكرية المشغولة أصلا بالصراعات السياسية والعسكرية التي ادخلها فيها المجتمع الدولي، فيجب عدم الاستسلام لهذا الوضع المتشرذم الكارثي ولا بد من حوار جامع ينبذ التفرق ويراعي جميع المكونات السورية.
بدأت الدكتورة سميرة الحديث حول التشرذم والانقسام الحاصل على كافة المحاور وأهمها محور الانقسام المكونات ومحور انقسام ذو طابع مناطقي وطبقي وسياسي أدى ذلك الى حالة كبيرة من التشرذم، فترى الدكتورة سميرة أنه يجب وضع هذه المحاور بشجاعة على طاولة الحوار لتجاوز ما وصل إليه المجتمع السوري من حالة انقسام.
حيث ساهم النظام الشمولي في حكمه على خلق أدوات تساعده في الاستمرارية بالحكم وبناء شبكات بين السلطة الحاكمة وبين الفئات المجتمعية بشكل فردي فيكون مصب هذه الشبكات لمنفعة هذا النظام الشمولي ومن أهم هذه الأدوات هي خلق انقسامات في المجتمع وهذه الامر خضع له المجتمع السوري لفترة زمنية طويلة مما أدى لخلق حالة انقسام معنوي بين المكونات فلم يكن هناك تعايش مشترك بالمفهوم العميق بل هناك شروخ وحالة فتنة متراكمة بين المكونات السورية أدت الى مواجهات وصراعات في السنوات الماضية
فالدكتورة سميرة ترى أن ما ظهر في السنوات العشر الماضية لا يمكن ان يكون وليد الصراع في سوريا إن لم يكن له امتداد في تكوين بنية المجتمع فلو كان المجتمع متماسكاً من ناحية المكونات فلم تكن لتظهر تلك الانقسامات بهذه الفترة الزمنية، فلا بد من الاعتراف بأن هذه الشروخ موجودة ناتجة عن سياسات النظام الشمولي الحاكم في سوريا، وبعد الاعتراف بهذا يجب بناء مسار سليم للشعب السوري يعتمد على تعريف هوية الشعب السوري من منطلق المكونات بمنظور مجتمعي هو هوية تعددية ذات أصول تاريخية.
فعندما يدرك الجميع هذه الأسباب وكيفية علاجها يمكن أن يكون هناك توجه للاعتراف بهذه التعددية بالهوية وجعلها مرتكزاً لإعادة البناء المشترك في سوريا، وهذا الامر لن يكون سهلاً بسبب التراكمات السلبية عبر فترة زمنية طويلة وما عقدها أكثر هي العشر سنوات الماضية.
وترى الدكتورة سميرة أن كل ما اتسمت الحوارات بالمصداقية ومواجهة الواقع وليس بالحالة التجميلية للواقع وافتراضات جامعة لا تستند الى مرتكزات حقيقة فنحن نقترب من تحقيق هذا البناء المشترك، وإمكانية حصوله تنطلق من إدراك أهميته لتصدي لانبتار الهوية السورية ومن اجل الوصول لحالة الاستقرار وتحقيق الامن لكافة المدنيين من كافة مكونات واطياف المجتمع في المستقبل.
نوه كذلك الدكتور محمد نور حمدان ان كلام الدكتور سميرة يختصر عدد من النقاط المهمة، وتحدث أيضاً على النظرة التاريخية للمنطقة عن المجتمع السوري المتنوع المتعدد من كل النواحي العرقية الدينية من الاف السنين، والدليل على ذلك هو الواقع فإن هذا المجتمع موجود منذ مئات السنين ومنذ الاف السنين، وعند المقارنة مع المجتمع السوري بعد تلاعب نظام الأسد بالمكونات السورية بجعل الاقليات سلاح سياسي له وتجريم الحديث عن الاقليات والتلاعب بها بنفس الوقت، وعمل النظام السوري الى تقسيم المجتمع السوري الى مجتمعات منغلقة بينها على اساس ديني وقومي بل لعب أيضا على تقسيم المجتمع على أساس مكاني مثلاً بين ابن دمشق وحلب حتى في المدينة الواحد عمل على التقسيم.
صدر النظام نتائج هذه التقسيمات بعد الثورة السورية حيث صدر نفسه للغرب على انه حامي الاقلية وبالإضافة شيطن الاقليات ضد الأغلبية والاغلبية ضد الاقليات وعمل النظام على تصدير فكرة ان الثورة هي ثورة ريف ضد مدينة بالإضافة الى تقسيمات كثيرة فخلق النظام شعور عدائي للجميع وكون مجتمع عدائي.
طرح دكتور محمد سؤال بأنه هل يوجد اقلية حقيقة أم انها مجرد وسيلة للتقسيم المجتمعي فإذا نظرنا للأكراد فهم اقلية من الناحية العرقية لكن هل هم اقلية من الناحية الدينية، والمسيحيين هم اقلية من الناحية الدينية ولكن هل هم اقلية من الناحية العرقية وبذلك فأن الاقليات ليست اقليات بالمعنى الحقيقي بل يرى الدكتور محمد أنها وسيلة للتقسيم.
ونوه الدكتور محمد ان معالجة هذا الموضوع هو أن نتحدث على أبناء وطن واحد مع الحفاظ الكامل على الخصوصيات والعادات والتقاليد ولا يعني ذلك الغاء مبدأ المواطنة، واكد الدكتور على مبدأ الحوارات المهمة التي تكون بين أبناء المكونات حتى يكون هناك تطمينات بين المكونات، واكد الدكتور على أنه يجب انفتاح المجتمعات وإزالة الحواجز وتبادل الثقافات
ونبذ التطرف بكل اشكاله ونبذ الخطابات العنصرية ودعم الشخصيات الوطنية من كافة الاتجاهات وختم الدكتور بأن صمام الامان للمجتمع السوري هو المجتمع نفسه، وان المجتمع لا يحميه قانون ولا دستور مع اهمية القانون والدستور ولكن المجتمع هو يحمي نفسه بنفسه.
عقبت الدكتورة سميرة على عدة نقاط طرحها الدكتور محمد وأكدت على خطورة فقدان أحد مكونات المجتمع السوري يؤدي لإفقار التنوع المجتمعي كما فُقد المكون اليهودي في السبعينيات وإذا استمر الامر على ما هو عليه قد يُفقد المكون المسيحي وذلك سيزيد إفقار المجتمع.
نوه الدكتور محمد على ان الاختلاف العرقي أمر طبيعي وأنه لا يمكن العيش بدون ذلك الاختلاف فيجب ان تكون هذه الاختلافات عامل بناء لا عامل هدم، بل ان النظام ينزعج عندما يرى خطاب وطني جامع من جميع المكونات يسعون فيه للوصول الى وطن واحد.
ختمت الاعلامية ميديا بسؤال مشترك لدكتور محمد والدكتورة سميرة ” هل هناك بوصلة يمكن توجهيها وخطاب جامع يُطمأن الاقليات ويتناسب مع الاكثرية”
الدكتورة سميرة ترى على أن البوصلة هي تقويم المسار ومعرفة الاشكاليات التي طُرحت بالندوة فترى الدكتورة سميرة أن بعد الحرب العالمية الثانية لم يتم اخذ واقع الشعب السوري بوضعه الحقيقي بل تم التأسيس لحالة ناتجة عن تقاسم القوى والنفوذ هذا ما يجب تقويمه.
وأكد الدكتور محمد في إجابته عن السؤال على امرين الاول الشعار الذي أزعج النظام كثيرا في بداية الثورة وهو (واحد واحد واحد الشعب السوري واحد)
والامر الثاني هو الابتعاد عن المعارك الجانبية الذي عمل النظام على اشغال الناس بها، والانشغال بمعركة اسقاط النظام.
لمتابع الندوة كاملة عبر الرابط في يوتيوب: