مدى انعكاس الحرب التي بدأتها روسيا في أوكرانيا على الساحة السورية؟
تتفاوت التحليلات حول مدى انعكاس الحرب التي بدأتها روسيا في أوكرانيا على الساحة السورية بين إمكانية انحسار الدور الروسي في سورية مع انشغال روسيا بهذه الأزمة والمواجهة مع الغرب، وبين استغلال الروس وجودهم في سورية لتحويل الأخيرة ساحة إضافية لهذه المواجهة، خاصة مع وجود مؤشرات على استخدام الساحل السوري في العمليات العسكرية الجارية في أوكرانيا.
وفي هذا السياق، قال وزير خارجية النظام السوري فيصل مقداد متباهيا إن أحدث المقاتلات الروسية تنطلق من قاعدة حميميم. وأضاف في حديث مع قناة “الإخبارية” التابعة للنظام، مساء أمس، أن هناك “تنسيقا استراتيجيا بين سورية والاتحاد الروسي، وهو مستمر وعميق وستظهر آثاره على مختلف المستويات سياسيا واقتصاديا وعسكريا. لاحظتم أحدث الطائرات الروسية تنطلق من مطار حميميم”.
وأشار إلى زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى سورية مؤخرا، وقال إنها كانت “مهمة جدا”. واعتبر أن “المعركة التي تخوضها سورية وروسيا من أجل الأمن والاستقرار هي معركة واحدة”، نافيا ما قيل عن وجود مقايضات بين سورية وأوكرانيا بالنسبة لروسيا، وقال إن “الحديث عن مقايضات هو محاولات غربية للتشكيك بالعلاقات السورية الروسية”.
من جهته، أدان الائتلاف الوطني السوري المعارض “الغزو الروسي لأوكرانيا”، ودعا العالم إلى التصدي له بحسم “تجنباً لكارثة دولية قد تمتد وتتوسع لتشمل الكثير من الدول”.
وقال الائتلاف، “إن حياة ملايين الناس ليست رخيصة لتكون مجرد أرقام في بازار السياسة، أو مجرد أوراق يقامر بها بوتين ويخوض بها مغامرات إجرامية”. وأضاف: “لا يريد الشعب السوري أن يشهد المزيد من الإجرام الروسي المقترن بخذلان دولي في أي جزء جديد من العالم، بعد ما عانى وما يزال يعاني من مجازر روسيا وجرائمها في سورية، لذا ندعو المجتمع الدولي وأطرافه الفاعلة، ونخص الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إلى التدخل الفوري لردع بوتين ووضع حد لمطامعه التي لن تتوقف عند حدود أوكرانيا”.
وحذر الائتلاف من أن “أي تلكؤ أو تهاون أو ترك للشعب الأوكراني في مرمى النيران الروسية قد ينذر بحرب عالمية جديدة يصعب تلافي نتائجها وويلاتها وضحاياها”. وكان المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون أعرب، في تصريحات له أمس بعد اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عن خشيته أن التطورات الأخيرة للأزمة في أوكرانيا قد يكون لها تأثير سلبي على حل الصراع في سورية.
وقال بيدرسون، في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إنه تم تحديد يوم 21 مارس/ آذار المقبل موعدا لاجتماع اللجنة الدستورية السورية.
بدوره، قال لافروف إنه “في أي نزاع، بما في ذلك النزاع السوري، فإن الأمانة العامة للأمم المتحدة ملزمة بمراعاة الحياد، وهي ملزمة دائماً بالدعوة إلى الحوار المباشر بين الدول المتحاربة، كما هو الحال في الأزمة السورية”.
وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو زار سورية في منتصف الشهر الجاري، وسط مخاوف من محاولة موسكو توظيف نفوذها العسكري في سورية في صراعها مع دول حلف شمال الأطلسي حول أوكرانيا، حيث تزامنت زيارة شويغو مع انطلاق مناورات روسية في البحر المتوسط، لا تزال مستمرة، يشارك فيها 140 غواصة وفرقاطة وسفينة، مع تغطية جوية من 40 طائرة حربية.
وقبل بداية المناورات، استقدمت روسيا إلى قاعدة طرطوس ست سفن إنزال كبيرة من أسطول الشمال وبحر البلطيق، كما نشرت، في أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي، طائرات حربية جديدة في قاعدة “حميميم” من طراز سوخوي 34 و35، إضافة إلى القاذفات الاستراتيجية بعيدة المدى “تو 22- إم”. كما وصلت إلى قاعدة حميميم، الشهر الجاري، طائرات من طراز “ميغ 31” محملة بصواريخ “فرط صوتية” تستخدم في استهداف حاملات الطائرات في البحر.
ورأى الصحافي شادي العبد الله أن من المحتمل أن تمتد آثار التصعيد الروسي في أوكرانيا على الملف السوري، حيث سيتشدد الأوروبيون أكثر في رفض المشاركة بأية جهود تبذلها روسيا للحصول على تمويل لإعادة البناء في مناطق سيطرة النظام السوري، بعد أن نجحت موسكو في تحويل جزء من نشاط منظمات المساعدات الدولية إلى النظام في دمشق بالفعل.
وأضاف العبد الله،، أن هناك اليوم فرصة أكبر لحصول قدر أكبر من التصادم في شرق سورية بين القوات الروسية والأميركية، وأن الأميركيين قد يلجؤون إلى التضييق أكثر على تحركات القوات الروسية والحد من قدرتها على التحرك كنوع من الرد على الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ لا تريد واشنطن وحلف “الناتو” التدخل عسكريا بشكل مباشر لردع روسيا في أوكرانيا، فتجرى تصفية الحساب معها في ساحات بديلة.