الدوافع الاقتصادية للتدخل الروسي في سوريا
يمكن تلخيص الدوافع الاقتصادية للتدخل الروسي في سوريا بالنقاط التالية:
أولاً: العقود طويلة الأجل:
• يمكن القول، أن جُّل ما حصلت عليه روسيا اقتصادياً من سوريا، هي عقود طويلة الأجل في مجالي النفط والغاز والاستثمارات من نظام مُتهالك ومُهدد بالسقوط في أي لحظة، بالإضافة إلى أن الجدوى الاقتصادية من تلك العقود تبقى غير مؤكدة، وخاصة أن معظم الحقول الغنية تقع شرق البلاد تحت الحماية الأمريكية.
• عقدت شركات روسية عدة اتفاقيات مع النظام للتنقيب واستخراج النفط والغاز من الحقول المتبقية في يد النظام، كذلك وقعت اتفاقيات لترميم وتطوير المنشآت النفطية، إضافة إلى عقود لتنفيذ مشاريع لتوليد الطاقة واستخراج الثروات المعدنية مثل الفوسفات وغيرها.
ثانياً: الجدوى الاقتصادية- الأهداف الغير مُحققة:
• في عام 2019، وقعت وزارة النفط التابعة للنظام السوري عقداً مع شركتي ميركوري وفيلادا الروسيتين،
• كما حصلت شركة ستروي ترانس على أحقية التنقيب واستخراج الفوسفات من المنطقة الشرقية الواقعة جنوب مدينة تدمر السورية، كما وقعت عقوداً في مجال الطاقة، في مدينة حمص، آذار/ مارس 2018 بين النظام وشركات روسية، وعقد آخر لإنشاء خط حديدي يصل مطار دمشق بمركز المدينة.
• إضافة الى عقد تأجير مرفأ طرطوس لشركة STG ENGENEERING لمدة 49 عاماً.
• إلا أن جميع هذه العقود حتى لو ثبتت جدوها الاقتصادية، فهي غير قابلة للتطبيق في حال لم يتم تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي والعسكري في سوريا، للبدء في إعادة الإعمار.
• تقدر الأمم المتحدة كلفة إعادة إعمار سوريا بين 250 – 400 مليار دولار، هذا الأمر دفع روسيا لطرح ملف إعادة الإعمار في المحافل الدولية، لجذب الأوروبيين والأمريكان ودول الخليج العربي للمساهمة فيه،
• إلا أن روسيا أصيبت بخيبة أمل كبيرة مع رفض المجتمع الدولي بشكل متكرر وحازم تمويل أي خطط لإعادة إعمار سوريا، طالما لم يتحقق انتقال سياسي في البلاد وفقا لقرارات مجلس الأمن، ولم تتمكن روسيا رغم كل التقدم على الأرض من فرض أمر واقع يدفع العالم إلى القبول ببقاء النظام مع تغييرات شكلية.
• زادت خيبة الأمل الروسية، بسبب مؤشرات لانهيار اقتصادي كامل في سوريا، حيث انخفضت قيمة الليرة إلى مستويات قياسية غير مسبوقة.
ثالثاً: صفقات السلاح الروسي وتجربة الصناعة الحربية:
سقوط النظام خسارة صفقات السلاح
• منذُ المراحل الأولى للثورة السورية؛ قامت روسيا بموجب العقود الموقعة مِن قبل بتسليم الذخيرة والأسلحة للنظام.
• في أوائل عام 2012؛ قُدّر أن روسيا تستفيدُ من مليار ونصف المليار دولار بموجب عقود الأسلحة الموقّعة مع النظام السوري ما يُمثّل حوالي 10% من مبيعات الأسلحة العالمية لروسيا.
• ان النفقات الكبيرة التي تكبدتها روسيا في سوريا، أدت إلى ارتفاع أصوات المعارضين في البلاد الذين تساءلوا عن الفائدة من الاستمرار في دعم النظام عسكريا وما ينجم عنه من نفقات.
• هذا الأمر دفع الرئيس الروسي ووزير دفاعه إلى التأكيد أكثر من مرة، إلى أن المشاركة في الحرب في سوريا أفسحت المجال لاختبار الأسلحة الروسية ومدى فعاليتها، في محاولة لتبرير تلك النفقات بأنها ضرورية ومطلوبة.
• وفقًا للعديد من التقارير الروسية فإنّ سقوط النظام وتعويضه بحكومة بديلة سيعني ضياع دولة حليفة للروس تحرصُ على اقتناء الأسلحة الروسية.
• ترسيخ مفهوم الهيمنة العسكرية لروسيا كثاني أقوى دولة في العالم: لم تكن روسيا لتحظى بالثقل الدولي الذي تحظى به اليوم لولا تدخلها في سوريا إضافة أن روسيا طورت قدراتها القتالية بشكل كبير جدًا، إذ جربت مئات أنواع الأسلحة والذخيرة في سوريا على “أهداف حية”.
رابعاً: الهيمنة العسكرية والاقتصادية على شرق المتوسط:
• إن أحد اهم أهداف روسيا العسكرية تتلخص بوجود القاعدة العسكرية الوحيدة في شرق المتوسط ولهذه القاعدة بُعد استراتيجي كبير لأنها محطة التموين الوحيدة للأسطول الروسي في المتوسط وخارج روسيا، ولأنها كما وصفها أحد الجنرالات بقوله “تمنح القوات الروسية الوصول السريع إلى البحر الأحمر والمحيط الأطلسي”.
• حيث سعت روسيا منذ بداية تدخلها لتعزيز نفوذها وتأكيد وجودها كلاعب أساسي في شرق المتوسط، وفي الوقت نفسه، تعي موسكو الموقع الجغرافي المهم لسوريا المتوسط بين القارات، والذي يجعلها عقدة الأهداف الجيوسياسية الروسية طويلة الأمد في المنطقة.
• ويأتي على رأس هذه الأهداف التحكم بطرق نقل النفط والغاز في العالم، وقطع الطريق على المساعي الأوروبية لأي استيراد للغاز من شرق المتوسط، وإبقاء اعتمادها على الغاز الروسي، وبالتالي التحكم بواردات دول القارة العجوز من الطاقة.
• كما لا تنكر روسيا أهدافها ومطامعها في سوريا، ولا تساهم في الاقتصاد السوري بصفة “فاعل خير” أو “دولة مانحة” فهي تخدم مصالحها ومصالح شعبها في المقام الأول